حين تحاول التكتلات القفز على الواقع: قراءة سياسية وقانونية في خطاب استنساخ الماضي .    مئات الوقفات في صعدة بمناسبة عيد جمعة رجب وانتصارا للمقدسات    سوريا: ارتفاع حصيلة انفجار مسجد في حمص إلى 8 قتلى و27 جريحًا    الذهب يقفز لمستوى قياسي جديد    بتوجيهات قائد الثورة .. اطلاق 21 سجينا من "الحربي" بمناسبة جمعة رجب    شاهد / حضور كبير لاحياء جمعة رجب في جامع الجند بتعز    السيّد القائد يحذر من تحركات "طاغوت العصر"    الرئيس المشاط يعزي عضو مجلس النواب علي الزنم في وفاة عمه    ندبة في الهواء    نتنياهو يعلن في بيان الاعتراف بإقليم انفصالي في القرن الأفريقي    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    مقتل مهاجر يمني داخل سجن في ليبيا    في بيان صادم للشرعية: قطر تدعم التهدئة في اليمن وتتجاهل وحدة البلاد وسلامة أراضيه    عاجل : بيان مهم صادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي    خلال يومين.. جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإعادة ووقف التعامل مع ثلاثة كيانات مصرفية    إعلام الانتقالي: طيران حربي سعودي يقصف هضبة حضرموت وقوات النخبة تسيطر على المنطقة    احياء مناسبة جمعة رجب في مسجد الإمام الهادي بصعدة    ريال مدريد يعير مهاجمه البرازيلي إندريك إلى ليون الفرنسي    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات ونصائح للمزارعين ومربي الماشية والنحل والدواجن    الصحفية والمذيعة الإعلامية القديرة زهور ناصر    صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    طيران العدوان السعودي يستهدف "أدواته" في حضرموت وسقوط قتلى وجرحى    اليمن يتوعد الكيان المؤقت بما هو أشدّ وأنكى    ما بعد تحرير حضرموت ليس كما قبله    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز.. الرواية الأخرى
نشر في الجمهورية يوم 20 - 06 - 2012

حين تسمع ممن يأتي إلى اليمن زيارة بعد اغتراب بأننا لا نحيا كما يحيا كل من على هذه الأرض, ليس كأن تشاهد ذلك بأم عينيك ... فتشعر بالصدمة من اتساع الفجوة ما بيننا وبين بقية الشعوب, وتدرك حجم المعاناة اللا معقولة التي نعيشها وعلى مدار اليوم في يمن كان يصفها بالسعيدة كل من يزورها أو يمر بها , وتدرك كم بنا نحن اليمنيين من صبر على حكامنا و مسؤولينا .حين أصبحت جملة (قصدك و الحاصل ...) ثقافة مترسخة لأجيال متعاقبة .
و تعز واحدة من المدن التي عانت وما تزال تعاني من ظلم النظام المخلوع ... وبأبشع ما قد يكون إنسانياً وعمرانياً, وجاءت الثورة لتمثل انقلابا وتمرداً على ذاك الظلم الذي كاد يكون صفة متلازمة للعيش في تعز , لم يكن الحال بأفضل قبيل الثورة لكن الأوضاع تدهورت أكثر فأكثر بعد سياسة العقاب الجماعي الممنهجة التي مورست على كل الوطن وبالأخص تعز الإنسان والثقافة . .
فحين تسير في شوارع تعز وأزقتها اليوم يهولك أن ترى ما وصل إليه الوضع في الحالمة !!
الحالمة التي يحتضنها صبر فما يزيدها إلا صبراً وثباتا.
وجوهُ الناس فيها تبدو متعبة وأي تعبِ ذاك الذي نال منهم فيك أيتها الغالية ...إنها ذاكرة الزمن الغابر بسبب الوضع الإنساني المزري الذي وصلت إليه هذه المدينة.
ثوارها وبجباههم السمراء ما زالوا صامدين في أول ساحات العزة والكرامة وبذاكرتهم كابوس يوم المحرقة يروون تفاصيل تلك الجريمة الآثمة بحرقة , ومرارة , وذاكرة ,تأبى النسيان ,لم تكن المحرقة في ذاكرة الناس فقط لكنها مازالت محفورة بذاكرة المكان أيضاً .
فالمنازل المجاورة للساحة تحتفظ وجدرانها بتفاصيل مروعة عن ذاك اليوم المشهود.
وما زال ثائرو وثائرات تعز يرفضون العودة , والإخلاء , حتى تتحقق كل أهداف الثورة التي من أجلها عاشوا لأكثر من عام , وكل مادون ذلك مُحال , وهناك و أنت تتجه نزولا إلى الساحة تصعد روحك عاليا و كأنك كلما دونت من قلب الساحة تكاد تلامس أعلى قمم الجبال هناك تجدهم يجاهدون للبقاء في القمة وفق ظروف مناخية لا ترحم , يتنفسون نسائم الحرية , والعزة, التي اعتادوها واعتادتهم مصرون أن لا عودة و لا رجوع .دون عهد جديد يلمسون واقعهُ حقيقة بعيداً عن الوفاق السياسي غير الملموس على أرض الواقع .
.فالسياسة تؤمن بالممكن أما الثورة فترى الممكن حقا مكتسبا وتنشد المستحيل .
على بعد شارعين من الساحة تراهُ يمشي بالكاد أقدامه تحمل جسدهُ النحيل و المنهك الذي لا زال صامدا و يأبى السقوط , يحمل وجبتهُ الثورية التي لا تغني ولا تسمن من جوع بداخل كيس بلاستيكي , يبحثُ في جيوب ثيابه الرثة عن آخر قطعة نقود معدنية ليكمل بها ثمن مشواره إلى الساحة فهناك فقط يشعر بالراحة , ويستذكر مواقف رفقاء له في درب الثورة قضوا شهداء وظل هو ينتظر ليكمل ما بدأه ويفي بعهد قطعوه “ان يستمر الثائر الحي ليكمل حلم الثائر الشهيد “ .
وتراها هناك تجرُ الخطى مسرعة تحت أشعة شمس حامية , بعينين يسكنهما حزن , وصوت به عبرة تكاد تخنقها حين تحكي لك عن عزيزة , وتشير إلى مكان سقوط تفاحة التي وضعت قانوناً جديداً للثوار مفادهُ باقون في الساحة رغم القصف !!
في حي مجاور للساحة أطفال يلعبون كرة قدم بقراطيس تم تجميعها بشكل دائري لتصبح فيما بعد كرة في زقاق ضيق هو ملعبهم المتخم بأكوام القمامة ,والقاذورات , والذباب التي يبدو وكأنها جاءت لتلعب دور المشجعين الحاقدين !! في دوري البؤس والشقاء لتلك الطفولة المسلوبة من كل حقوق لها , ذاك الدوري الذي لا ينتهي ... في هذا الوطن !!
ملامح تعب , وحزن , و إنهاك , بادية على وجوه كل من رأيت , وسيمفونية الحزن والأسى هذه يزيد من إيقاعها أصوات وايتات الماء , فبين الماء وصنابيرنا الفارغة شجار دائم , فلا تأتينا المياه إلا بعد انقضاء عدة الطلاق ,وقد تستمر هذه العدة لاكثر من ذلك في فقه المعاناة المتشدد الأحكام .
مواطير الكهرباء هي أيضا ضاقت منا فتنفخ ضيقها في الهواء بروائح الديزل والبترول وتآزرها في ذاك الضيق روائح القمامة والقاذورات فيصبح الأمر معاناة ومأساة لا تطاق .
صور شهدائنا الذين قضوا خلال عام و أكثر من الثورة تملأ الساحة وجدران المدينة , لتظهر وجهٌ أخر من جرائم النظام السابق في حق تعز المدينة والإنسان !!
في عيون المارين ترى استنزافاً إنسانياً وروحياً تاماً للجميع ,وتوقن بأننا صرنا لا نفرق كثيراً عن صور الشهداء غير أنهم أكثر حظاً منا إذ رحلوا إلى بارئهم وتخلصوا من تعويذة الشقاء التي ما زالت تكبلنا وتكبل كل من لا زال حياً ميتاً على أرض كان يطلق عليها يوماً ما السعيدة , حتى تمنى أجدادنا (اللهم باعد بين أسفارنا )... وليتهم لم يفعلوا فحتى سفرنا الثوري غدا بعيداً بعيداً كما هو سفرنا نحو الرقي الحضاري والمدني والإنساني شاق ووعر وبعيد بعيد.
لكنها تعز التي لا تموت وساعة الحياة فيها لا تتوقف , وسط كل ذلك الضجيج والمعاناة تسمع الزغاريد ويأتيك صوت( منى على) من بعيد كاسراً هذا الحزن والوجع تزفُ اثنين إلى المستقبل المأمول بالخير محفوفا بحلم السعادة , في هكذا وضع فتبعثُ بك الفرحٌ الذي غدا منسياًً وسط كل هذا الوجع فعلى الرغم من كل ذلك لازال الناس قادرين على صنع الفرح , والفرحة رغم كل شيء , في الطريق أيضا تسمع الجميع مازال يلقي التعليقات والنكات ويطلقون ضحكات عاليه في الهوى, و وبتسبيحه دائمة (خليها على ربك يا عااااااااااقل ...)
في تحد واضح لهذه الظروف الصعبة , ولهذا الاستهداف لازال الناس يملؤهم الأمل بأن التغيير المنشود لابد آت , هي روح تعز التي تسكنها أسطورة العنقاء التي لا ولن تتغير مهما اشتدت ضراوة الظلم , ولعبته العبثية .
يا وطني العامر بالخراب
ستعود كالعنقاء من تحت الرماد
لن تموت او تفنى
ستعدو كي تبقى..
كلما قالوا انتهى عمرك الحي
انتفضت حياً
مرة أخرى من تحت الرماد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.