ليس تعدياً، ولا تجاوزاً يزعج الرقيب، القول إن دور القبيلة في ثورة التغيير، كان حاسماً، ومحورياً، فقد دفعت القبيلة ثمن تدليلها من قبل النظام السابق، وخرج أبناء القبيلة إلى الساحات والميادين ينشدون الحرية، ويبحثون عن فجر خلاصهم، من النظام... ومن سطوة شيخ القبيلة أيضاً. وهنا لابد من الإشادة بأبناء القبيلة الذين كانوا أكثر حماساً وثوريةً من مشائخهم، لأن الشيخ مرتهن برتب ورواتب واعتمادات رئاسية يقبضها نهاية كل شهر، أما أبناء القبيلة فهم متحررون من التبعية لأحد، بل ضاق المقام بهم، وهم لا يرون من خيرات الدولة غير بيت الشيخ، وسيارة الشيخ، وسجن الشيخ، وحراسة الشيخ، وأبناء الشيخ. ولولا الدور الاستثنائي لرجال القبيلة في بني جرموز ونهم وأرحب لتمكنت معسكرات الحرس الجمهوري في جبال الصمع وفريجة من اقتحام صنعاء، وإنهاء الفرقة الأولى وجيش الثورة، وساحة التغيير، وتحويل الثورة إلى حرب أهلية، أو ذكريات حزينة. هذا الدور البطولي المشرف لأبناء القبيلة يجعلهم في مأزقٍ حرجٍ، ومخزٍ، إذ كيف لرجال قبيلة يقاومون معسكرات، تمثل ثلث قوات الحرس الجمهوري، لا يستطيعون اليوم ضبط بضعة أشخاص بينهم يتعدون أعمدة الكهرباء، وناقلات النفط. هذا السلوك الفردي المخزي، بالتأكيد لا يعبر عن موقف رجال القبيلة، ولكنه لا يجعلهم بمنأى من اللوم والانتقاد، لأن كل مواطن في ذهنه سؤال واحد: أين رجال القبيلة، وشيوخ القبائل وحراستهم وأسلحتهم وسجونهم الخاصة، لماذا لم نسمع أن أحداً منهم ضبط قاطع طريق، أو معتديٍاً على مشاريع الوطن من كهرباء ونفط وسياحة؟! هل غض شيوخ القبيلة الطرف عن المعتدين، نكايةً بالدولة التي خفضت من حجم اعتماداتهم الرئاسية، أم هم من يدفعون المعتدين، حتى يقدموا أنفسهم للدولة كوسطاء، ويطالبونها بمئات الملايين لإسكات المعتدين وقطاع الطرق؟!. هل عجزت القبيلة بكل شيوخها وثوارها وشرفائها أن تضبط معتدياً وقاطع طريق من أبنائها؟!. أم نقول لهم: يا منعاه بذيه الجاه، وبحق القبيلة أوقفوا المعتدين، أضبطوهم، العشرات والمئات من المرضى داخل المستشفيات تنقطع عنهم الكهرباء، وتتوقف أجهزة علاجاتهم، مئات المرضى لا يجدون وسيلة تقلهم من قراهم إلى المستشفيات بسبب انقطاع الوقود الذي تمنعون ناقلاته من المرور بأراضيكم، جحيم الأسعار زاد سعاراً بسبب غياب الوقود، عشرات الآلاف من طلاب الجامعات والثانوية العامة تحول الكهرباء بينهم وبين تحصيل علومهم، خاصة مع قرب الامتحانات النهائية. ماذا لو كانت يد القدر أوجدت النفط والغاز والكهرباء في تهامة مثلاً، أقسم وأجزم أنه لن يمسها سوء حتى قيام الساعة، فالمواطن التهامي هادئ، مسالم كظل بستان. كم نحب ونفتخر برجال قبائلنا الشرفاء، وبمواقفهم العظيمة والمشرفة، لكن فيهم من يصر على تقديم القبيلة كوحش متعطش للمال، وأخبار أمس كانت مخزية للغاية، ورسائل ال sms الرسمية تتحدث عن ثلاثة اعتداءات متوالية لأعمدة الكهرباء في نقيل بن غيلان بنهم صنعاء. الدولة مرتبكة، ولها تركة ثقيلة خلفها النظام السابق، ونحن مأملون كثيراً على قيادة الرئيس هادي، ونتوقع أنه لن يستنسخ سياسة سلفه، فلا تربكوا الدولة بأكثر مما هي عليه. [email protected]