كلّ أمّةٍ تفخرُ بماضيها .. لا بُدّ لها أن تبني حاضرها وتؤسس لمستقبلها .. ما يجعل أحفاد أحفادها أن يفخروا بها أيضاً .. لا أن يتم تأطير ذكراها عبر الزمن كأمّةٍ فاشلة حملت حِقبتها أبشع ذكرى .. وأسوأ عهدٍ لن تغفره لها الأجيال . فبأيّ قلمٍ سيكتب المؤرخون عن هذه الحِقبة من تأريخ اليمن منذ بداية القرن العشرين وحتى العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ! .. وهي لا تحمل في طياتها غير المجاعة والحروب والأزمات والجهل والعداءات والمؤامرات وسفك الدماء والعبث بمقدرات الوطن ونهب خيراتها والمتاجرة بها .. والعمل على هدم ما يتم بناؤه دون وازعٍ دينيّ أو أخلاقيّ ! . إننا وللأسف الشديد ما نزال أسارى لوهمٍ متجدد على الدوام تحت مُسمّى الموروث الديني بدءاً من أنّ أنصار الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم هم يمنيون لهذا نحن أولي مكانة مرموقة لن يخذلنا فضلها وسيمنحنا رزقها دون عناء .. وحتى تغنّينا اليوميّ بالأثر النبويّ « الإيمان يمانٍ والحكمة يمانيّة» والذي بات وأمسى وأصبح وأضحى شماعة كل مايحدث في اليمن حين نريد أن نغالط أنفسنا فقط أو يغالطنا ويلمزنا به من حولنا من الأصدقاء والأعدقاء على السواء .. ولا يرعوي عن ترديد ذلك جاهل أعمى الذاكرة ينتفخ شدقه بأغصان القات .. أو رجل دين أعمى البصيرة يتملىء جيبه بالدينار والريال والدرهم .. وكأنّ اليمن فأر تجارب لكلّ من هبّ ودبّ .. أو محطة عبور لمن يريد أن يمتحن نصوصه الفارهة تحت خطط المذهبيّة الرعناء .. أو تمرير الأجندة اللادينية السخيفة تحت عناوين البناء والتنمية غير الإنسانية . أفيقوا يا أبناء وطني من زيف خرافات الأوهام .. ونكبة الأحلام المتوارثة فيما بينكم .. فالتأريخ لا يرحم .. والجيل القادم لن يغفر كل ترهاتكم وإساءاتكم المتجددة لكل ما من شأنه رفعة اليمن ورقيّها وإخراجها من نفق الأحقاد والمؤامرات الدنيئة .. لعلّ حظوظ المستقبل تفتحُ ذراعيها لهذا الوطن المنكوب بأبنائه قبل غيرهم . [email protected]