تماماً كما حدث أيام الرسوم الكرتونية الدنماركية التي أساءت لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ، فقد تفجر غضب المسلمين من أقصى الأرض إلى أقصاها ، خلال الأيام الماضية ضد الفيلم المسيء لرسول الله ، في رد فعل عاطفي غير واعٍ وغير منطقي . أقل ما يمكن أن يقال عن اقتحام السفارات أنه عمل غير مجدٍ وغير مفيد ، بل إنه يضر بالاسلام والمسلمين أيما ضرر ، أما قتل السفراء فهو حرام شرعاً ولا يجوز مطلقاً، ولنا في سيرة رسول الله قدوة حسنة فقد حرك عليه الصلاة والسلام جيشاً لقتال بني غسان الذين قتلوا رسوله إليهم باعتباره إعلان حرب . أنا لا أنكر على الناس غضبهم لرسول الله ولا أدعو للصمت وعدم الغضب ، لكني أدعو الى ترشيد هذا الغضب ، بما يخدم الاسلام أولاً ويدافع عن نبينا الكريم دفاعاً محترماً يليق به وبسيرته العطرة . علينا ونحن نعبِّر عن غضبنا لرسول الله أن لا ننسى قول الله تعالى لرسوله الكريم : “إنا كفيناك المستهزئين” ،وقوله تعالى : « إن شانئك هو الأبتر» ، وعلينا كذلك أن لا ننسى سيرته وخلقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أولئك الذين كانوا يسيئون إليه ويسبونه ويتهمونه بأقبح التهم في حياته وكيف كان يرد عليهم .. يكفينا فقط أن نتذكر كيف أنه صلى الله عليه وسلم لما افتقد ذلك اليهودي الذي كان يلقي القذارة في طريقه وعلم أنه مريض قام بزيارته .. يا الله كم نحن جاهلون لسيرة نبينا . لقد كشفت حكاية هذا الفيلم المسيء حالة من الجهل والتطرف والتشدد والكراهية ، فقتل السفراء ليس من الإسلام في شيء وكذلك اقتحام مقار السفارات وإحراق الأعلام . كما أنه ليس من الإسلام الدعوة لحرق الإنجيل، فالإنجيل رغم تحريفه كتاب سماوي ، والدعوة إلى إحراقه دعوة حمقاء خرقاء . أنا أكاد أجزم هنا أن من قاموا باقتحام السفارات هم الغوغاء والجهلاء ، فليس من المعقول أن يقوم كل من له علاقة بسيرة نبينا بمثل هذه الأفعال ، فالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول : “ إذا سمعت الكلمة تؤذيك … فطأطئ لها حتى تتخطاك” ، وكان يقول : « أميتوا الباطل بالسكوت عنه» ، و ابن عثيمين لما سمع بكتاب يطعن في الله لم يزد على أن قال : “ لاتنشروه ولا تردّوا عليه، فردُّكم إحياء له” . إن نصرة رسول الله واجب على كل مسلم ، وهي ليست محل نقاش ولا يختلف عليها أحد ، لكن ينبغي أن تكون هذه النصرة منطلقة من ديننا وشريعتنا وأخلاقنا كمسلمين ، كما أنه ليس المطلوب منا الصمت على ماحدث ، إنما علينا أن ننكره برشد يزيل الشر ولا ينشره . يجب علينا كما قال نهاد عوض رئيس CAIR أن لا نقع في كمين حفره لنا منتجو الفيلم ، على العقلاء تحري الحقائق ونصح الشباب بعدم التظاهر واللجوء للعنف . أعجبني تغريدات الشيخ الدكتور سلمان العودة في هذا الأمر لذلك سأختتم بها مقالي وأنقلها لكم كما جاءت : «مثل هذه الأفعال لا يراد من ورائها إلا بث الفتنة في المجتمعات المسلمة وخصوصاً بلدان الربيع العربى ومنها مصر بإذكاء نارالفتنة بين المسلمين والأقباط وتشتيت الجهود لنهضة هذه البلاد من كبوتها ومحاولة تصديرالأزمات الواحدة تلو الأخرى ، و إرسال رسائل عدم الاستقرار للخارج... وهذا ما يجب علينا التصدى له بكل الوسائل المتاحة... علينا ألا ننتظر الإساءات؛ بل نتقدم بالمبادرات والمشروعات التي توصل السيرة العطرة لكل شعوب الأرض بمختلف وسائل العرض» .