تدمير المؤسسة العسكرية الجنوبية مفتاح عودة صنعاء لحكم الجنوب    فشل المنظومات الاعتراضية الأمريكية والإسرائيلية وهروب ثلاثة ملايين صهيوني إلى الملاجئ    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    قدسية نصوص الشريعة    في خطابه بالذكرى السنوية للصرخة وحول آخر التطورات.. قائد الثورة : البريطاني ورط نفسه ولينتظر العواقب    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    في ذكرى الصرخة في وجه المستكبرين: "الشعار سلاح وموقف"    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    العدوان الأمريكي البريطاني في أسبوع    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    الآنسي يُعزي العميد فرحان باستشهاد نجله ويُشيد ببطولات الجيش    دوي انفجارات في صنعاء بالتزامن مع تحليق للطيران    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى "إسرائيل"    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما نسيء لأنفسنا أكثر من الآخر..
نشر في الجمهورية يوم 19 - 09 - 2012

قادتني مصادفة وأنا افتش في الفيس بوك، إلى صفحات بأسماء مستعارة، لأشخاص متعاطفين أو منخرطين مع انصار الشريعة، المناصرين لتنظيم القاعدة، وفي إحدى التعليقات، قال شخص: إن جنود السبعين، وجنود الأمن المركزي هم مجرد عبيد لرواتبهم، ويقاتلون من اجل الراتب، مقارنة بالجهاديين الذين يقاتلون لنصرة الله. مفاهيم مرعبة تؤيد ذبح الجنود وقتلهم، طالما هناك مبررات من ذلك النوع. فتبرير مذبحتين بتلك الطريقة أمر مثير للخجل؛ جنود السبعين استهدفتهم عملية انتحارية أودت بمئة قتيل وضعف العدد من الجرحى. أما جنود الأمن المركزي، فهم من تم ذبحهم على أيدي مقاتلي القاعدة، بينما كانوا يتناولون الغداء. وبالطبع هناك تحريض على كل جنود الأمن المركزي. فالمجزرتان الداميتان، يتم تناولهما وكأنهما مهمة جهادية، دون أي شعور بالرحمة. جانب مرضي يتفاقم في مجتمعنا، تحت غطاء ديني. كيف سمحنا بأعراض العنف أن تأخذ هذا المستوى من التبجح المرضي.
المشهد الثاني؛ ليس أكثر فظاعة من الناحية الكمية، لكنه أشد إثارة للتقزز، وأكثر مرضية: صورة للسفير الأمريكي المقتول في ليبيا، يحمله متشددون ليبيون أحدهم يقضم على تلفون محمول (ربما يخص السفير)، وهناك تعليق تحت الصورة، بأن الولايات المتحدة تسترت حول تعرض سفيرها للاغتصاب. في المشهد الأول نلاحظ طبقات سوداء لطبقات العنف، تركيبة اجرامية يحتويها التطرف، تحدث في مذابح عرقية، أو طائفية أو دينية، أو حتى راديكالية سياسية. أما المشهد الثاني، فهو أكثر تعقيداً، على الأقل من ملامسة سطحه. في العادة هذا النوع من الإجرام، يتم ارتكابه بدوافع كراهية، تجر أكثر النوازع المرضية خفاء، ويحاول المعتدون إنكاره. بما أنه يكشف جوانب قبيحة، وممارسات مرضية. وعلى سبيل المثل، اغتصاب جثة ميت، والتنكيل بها عبر فعل جنسي شاذ، ماذا نسميه؟. هل يمكن الاقتصاص من الاساءة التي تعرض لها الرسول، بأفعال شاذة؟. ماذا يمكننا تسمية ذلك الاحتفاء المرضي، بواقعة شاذة، غير مؤكد حدوثها. وهذا يعني ان المحتفين يستحيل منهم الاعتراف بعدم وقوعها. وفي الوقت نفسه، يضيف لهم التطرف سذاجة، تجعلهم يفقدون الاحساس بالخجل من أعمال كتلك، تتناقض مع قيم دين، يعتبرون أنفسهم الممثل الحقيقي الوحيد له. تحكي (الكتب السماوية) أنه حين استمر قوم لوط بممارستهم المثلية، مخالفين شريعة الله، أنزل عليهم عقاباً أغرق سدوم وعامورة.
غير أن روحاً جهادية، أو من يدعي تلك الروح، تحتفي بالانتقام ضد الاساءة لنبينا، بفعل اغتصاب مثلي ضد جثة. تعزيرها بصورة مشينة، لا تكتفي فقط بمخالفة شرع ديني، بل أيضاً تعلنها كبطولة، وبلا خجل. حتى أنه تم تصوير الفعل الشائن، إن حدث، وكأنه فضيحة امريكية، وليس تمس الفاعلين، وهذا لأنها تعود إلى ذهنية ذكورية تنتمي للرعاع، ترى أن الفعل الجنسي، خصوصاً بمثليته، نوع من الاستيلاء الكامل الجسدي والذاتي، فيه انتقاص ونبذ للجانب السلبي. لسنا بحاجة لنظرة عميقة، حتى نتوصل إلى أن الاساءة الحقيقية التي تُمارس ضد الاسلام، هي تلك التي تمارسها الجماعات المتطرفة. كما أن جهات يمينية معادية للاسلام، تستغل تلك الأحداث لنشرها وكأنها التمثيل للثقافة الاسلامية. مع هذا، لا يمكننا انكار وجود مثل تلك العوارض في مجتمعاتنا. ومع انتشار التعصب والعنف، تجد تلك الممارسات تأصيلاً لها وشيوعاً داخل مجتمعاتنا. لا يمكننا فقط الاكتفاء بالقول، إن مثل تلك الأعمال لا تمثل القيم الاسلامية الأصيلة، طالما لسنا قادرين على نبذها.
وحدث مثل الاساءة لرسول الاسلام، في فيلم أظن أنه هابط من الناحية الفنية، يمثل للجماعات الدينية المتطرفة، فرصة للازدهار. فجماعة كالحوثي، على سبيل المثل، اخذته فرصة لنشر شعارها الهابط والعدائي ضد المسيحية واليهودية، فهو لا يكتفي بطلب الموت لأمريكا أو اسرائيل، والتي تحاول مغالطات ان تصورها كرسالة ضد السياسة الامريكية والاسرائيلية المعادية للمسلمين، لكنها أيضاً تعبر عن شوفينية ايضاً عندما تلعن “اليهود”، بما أنهم اصحاب ديانة. واتذكر انني في صف لتعليم الانجليزي، اشرت لآية قرآنية لا تعتبر اليهود والنصارى كفاراً، “إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل عملاً صالحاً أولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”. ولم يكن أحد راغباً بتأييد الآية، أو الاقتناع بها، وبدأوا يعتمدون على أحاديث نبوية. ومجملاً فالتطرف الديني السني، أو الشيعي، أو غيره، يتجاهل وجود تلك الآية القرآنية، بينما يعتمد على جوانب تحريضية للعنف، ضد الآخر. وبدت كأن تلك التعاليم منسية، ونتغاضى عنها. لأن التطرف يزدهر بالكراهية. . في اليمن، شاهدنا صورة مريعة، لنهب تعرضت له السفارة. وبالطبع كل ذلك النهب تم في المرفق الخارجي للسفارة، وكما قال شهود إن حرس السفارة اليمنيين، لم يتحركوا لصد الهجوم، وكما يتحدثون، أنه أمر غريب، فقد وجد المتظاهرون، البوابة مفتوحة، وفي الداخل كان هناك جنود مارينز امريكيون يحمون المبنى الداخلي، وقناصة، حالت بين المعتدين والدخول الى المبنى الداخلي. وكان مشهد آخر، محبط، نهب المحتويات. وعندما تحدثت مع جار لي متعاطف مع الحوثيين، اخبرته بمزاح، أن جماعته ذهبت لنهب السفارة الامريكية. فصاح، إنه رسول الله، يحق لهم ذلك.
كيف يمكنني مجاراة هذا الصوت الصاخب. لملمت نفسي بأسف، وأنا أرى أرضي ملائمة لازدهار وعي غوغائي. هكذا نبدو كالثيران الهائجة، تغتصبنا قيم التطرف والعنف، ما إن نشعر أن ديننا أو هويتنا تعرضت لإهانة. لكن الإهانة الحقيقية هي القادمة من وعينا، وأفعالنا.. هذا ما قلته بإحباط..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.