رحم الله الزعيم العربي سعد زغلول صاحب المقولة الشهيرة:(مفيش فايدة) ورغم مرور عشرات السنين على قولها إلا انها مازالت صالحة لزمننا الذي نعيش فيه وتنطبق علينا حرفياً نحن اليمنيين خاصة في المرحلة الحالية التي نعيشها..لقد حاول الثائر سعدزغلول ان يرفع حينها من قدر الشعب المصري ويحرره من الاستعمار البريطاني وتسلط من كانوا يعتبرون انفسهم البشوات والبهوات وملوك صوريين من سلالة محمدعلي باشا اتوا من البانيا وفرضوا انفسهم على المصريين ليحكموا مصر فترة تاريخية طويلة متوارثين الحكم ابا عن جد وهم الذين اتوا بالفرنسيين الى مصر ومن بعدهم البريطانيين ..وعندما قاد سعد زغلول الثورة ضدهم في عام 1919م من القرن الماضي لم يقف الى جانبه الشعب المصري رغم انه كان يتفاخربه كشعب عظيم بدليل انه عندما رفض ان يحني رأسه لملكة بريطانيا اثناء مقابلته لها في لندن وهو تقليد ملكي متبع قال عندما عاتبوه:لقد حاولت ان احني رأسي ولكن شعب مصر كان يرفعني الى الأعلى..ومع ذلك كان مصيره المنفى ليموت غريبا بعيدا عن مصر التي احبها واخلص لها وضحى بحياته من اجلها.. وعندما ايقن ان شعب مصر قد خذله قال قولته الشهيرة:(مفيش فايدة) ونحن نتذكر اليوم موقف هذا الزعيم البطل نقول: ما أشبه الليلة بالبارحة فلقد قام الشباب اليمني بثورتهم وضحوا بأرواحهم ودمائهم حيث قدموها رخيصة من أجل إنقاذ شعب من سيطرة نظام ديكتاتوري تعامل معه وكأنه مزرعة خاصة به فأستولى على كل مقدراته وسلط عليه الأشرار ليتحكموا في مصيره..وبذلك فتح الشباب بثورتهم الباب واسعا امام كل ابناء الشعب اليمني للدخول منه لاستعادة دولتهم التي سرقت منهم سنين طويلة وضاع خلالها كل شيئ حتى كرامة الانسان اليمني لم تسلم من الاهانة حيث أصبح ينظر إليه من قبل دول الجوار على انه متسول وليس صاحب تاريخ عريق وارتبط به كل انواع التخلف في التعليم وبناء الدولة وغياب النظام والقانون الى درجة انه اصبح مسيرا وليس مخيرا لايتقن سوى التطبيل والتزمير للقائد ولا يرى لنفسه إلامايراه القائد الذي يرسم له طريقه ويوجهه للسير فيها..وهو الأمر الذي جعله مغيبا عن واقعه حتى جاءت ثورة الشباب فشكلت له صدمة عنيفة ايقظته من سباته العميق حيث وجد نفسه امام وضع جديد..ولكن بدل ما يتفاعل هذا الانسان ويستغلها فرصة لدعم ثورة الشباب ومساعدتهم لإخراج اليمن من عنق الزجاجة التي حشرها النظام السابق فيها لوحظ أن المتأثرين بثقافة الفيد سواء كانوا مسؤولين او مواطنين او قوى سياسية قد جعلوا من هذه الثقافة هي كل شيئ بالنسبة لهم وصار كل مسؤول في الدولة صغيرا ام كبيرا لايفكر منذ اليوم الأول لتسلمه منصبه الا في الكسب السريع وتوظيف الأولاد والأقارب كما كان يفعل النظام السابق وكأن ثورة الشباب في نظر هؤلاء ماجاءت الا لتعزز ثقافة الفيد.. هذا الموروث السيئ بفارق ان الفساد أصبح يمارس اليوم بطرق شتى، لأن من يقود عجلة التغيير في الوزارات والمؤسسات الحكومية هم انفسهم اولئك النفر الذين عرفناهم اساتذة في المهادنة مع الفساد..وبحكم مايمتلكونه من خبرة ودراية في هذا المجال الخصب بالنسبة لهم فقد تمكنوا من استقطاب المسؤولين الجدد وتولوا ارشادهم الى هذا الطريق السالك والسهل السير فيه اكثر من أي طريق آخر. ولذلك فإن ثقافة الفيد التي ورثها شعبنا وطغت على كل شيئ بحاجة الى ثورة خاصة بها لا تقل أهمية عن ثورة اسقاط مشروع التوريث و النظام السابق بل ربما تحتاج الى ثورة أقوى وأخطر لأنها قد عشعشت في رؤوس اصحاب النفوس الضعيفة ومن الصعب تحرير هذه الرؤوس منها الا بقوة الارادة الثورية ضد الفساد واذا لم يتم القضاء على ثقافة الفيد واستبدالها بثقافة وطنية تساعد على تحقيق اهداف ثورة الشباب فإننا سنظل نراوح مكاننا مرددين مقولة الزعيم سعد زغلول :(مافيش فايدة)!! 50 عاماً مع الجمهورية الصحيفة كم هو رائع ان يحل اليوبيل الذهبي لصحيفة الجمهورية الغراء في وقت تعيش فيه ازهى فترات عطائها للوطن والشعب ..فاتحة صفحاتها للرأي والرأي الآخر بما من شأنه ان يشكل رأيا عاما يمكن على اساسه ان تبنى عليه مقدمات لوجهات نظر يستفاد منها وتقدم الى مؤتمر الحوار الوطني الذي سيعقد قريبا..اضافة الى ماتقوم به من دور لصالح ثورة الشباب والمطالبة بترجمة أهدافها على أرض الواقع. تهانينا لصحيفة الجمهورية وتحية لكل العاملين فيها على كل مايبذلونها من جهد جعل من الجمهورية في هذه الفترة بالذات الصحيفة الأولى على مستوى اليمن من حيث الأهمية والانتشار..آملين مواصلة صمودهم واستمرارهم في هذا الخط الوطني وان لا يثنيهم مايتعرضون له من ضغوطات بهدف تغيير هذا النهج الرائع والسليم والمهني الذي يخدم الوطن والشعب وقضاياهما بالدرجة الأولى. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=460781230627624&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater