ليس هناك أكثر استهلاكاً لعقل الإنسان من الحديث في السياسة, ونحن في اليمن من أكثر الشعوب حديثاً في السياسة, كل شيء في حياتنا مرتبط بالسياسة؛ مشاكلنا الاقتصادية مرتبطة بالسياسة, تخلفنا الثقافي مرتبط بالسياسة, تأخرنا التكنولوجي مرتبط برضه بالسياسة, مشاكل الجيران والأولاد داخل البيت برضه سببه السياسة, غلاء الأسعار, انعدام الحاجات الأساسية من المأكل والمشرب برضه سببه السياسة, الانفلات الأمني, الزحمة في الشوارع, إهمال النظافة, انتشار الأمراض, برضه سياسة. لقد أصابتنا أنظمتنا المستبدة بالتخلف في كل مناحي الحياة, فأصبحنا نجيد لغة الشكاء والبكاء أكثر من قدرتنا على تأمل مشاكلنا بحياد, وأصبح من السهل جداً أن نرمي بكل مشاكلنا على الآخرين, وتلاشت روح المبادرة فكادت أن تموت, هذا واقعنا حسب ما أراه. في السابق كنا نتمنى «وهذه أمنية الغالبية» أن نجد مشروعاً عملياً حقيقياً يلامس مشكلاتنا, كنا نتمنى أن نصبح شركاء عمليين وحقيقيين في مشروع نبني به وطننا, وكنا ننصدم عادةً ببيروقراطية تمتص كل حماستنا للعمل, ونجد أحلامنا موصدة أبواب المستقبل أمامها, حتى شاء القدر أن نخطو الخطوة الأولى في مسيرة التغيير والمضي نحو المستقبل, وما أنجزناه مهما كان ضئيلاً، لكنه كان حلماً في السابق, وعلينا أن نلامس الواقع الآن حتى لا تصبح أحلامنا كوابيس «ودُكاك». الواقع الآن يقدم لنا حملة شعبية جماهيرية تطمح بمشاركة المجتمع ككل فيها, حملة «شارك» التي تبنتها قيادة محافظة تعز، وبدأت رسم ملامحها الجمالية بحملة إعلامية تهيئ الجميع للبدء بمشروع عملي حقيقي على الواقع, وأنا من خلال متابعتي لها وعلاقتي بحاملي هذا المشروع أستطيع أن أقول وبكل ثقة وأمانة: إنها الخطوة الأولى نحو تعز مدينة عصرية. إننا نخطو خطوتنا الأولى الآن متجهين نحو المستقبل, وسنبدأ من الآن التأسيس لثقافة جديدة, ثقافة العمل والشراكة في البناء, فلو كل فرد شعر أن هذا المشروع قدم فيه شيئاً خاصاً سيحافظ عليه, لو كل فرد اهتم بنظافة نفسه وبيته سيجد أنه شريك في نظافة مدينته ككل, لو كل معلم في المدرسة قام بواجبه الأخلاقي بتوعية طلابه بأهمية احترام القانون سيظهر جيلاً جديداً يحمل مشروع الدولة المدنية ويلتزم بسلطة القانون. إنها فرصتنا التي لن نضيعها أبداً, وهذا هو الوقت المناسب لنحقق طموحاتنا, كونوا على قدر المسئولية, لن نضيع هذه الفرصة, لن نضيعها أبداً... أبداً. رابط المقال على الفيس بوك