في ظل ما نعانيه اليوم من تخبطات وضبابية شديدة في الأحداث التي لا يلوح في أفقها أي بارقة لفجر خافت, اختلط الحابل بالنابل وفقدت الأشياء معالمها الأصلية وتشوهت كل المعاني وصارت معالم الطريق مشوهة ومحاطة بأشواك دامية ومتاهات مرعبة، وكل الأمور صارت مموهة يشوبها الترقب والحذر والخوف من الآتي الأشد خوفاً ورعباً. من ضمن هذه المضامين المموهة منابر العلماء والتي بدورها تحولت إلى أبواق حزبية، وبالتالي اختفى دور العلماء في النصح الحقيقي الذي من شأنه تقريب وجهات النظر المتباعدة وتصفية النفوس من شرورها بلغة الإسلام الحنيف القائمة على روح المحبة والإخاء.وبسبب الصراعات القائمة أصبح العلماء مذبذبين بين ولائهم لأحزاهم وبين الدور الحقيقي الذي من المفترض أن ينتهجوه بعيداً عن أي ضغوط وانتصاراً لدين المولى عز وجل أولاً وللوطن ثانياً وللشعب ثالثاً. ونتيجة لاختفائهم المروع هذا,فقد أفسحوا المجال لعلماء من نوع خطير وهم العلماء السياسيون الذين انتهجوا نهجاً مغايراً لشريعة الله وحولوا الخطاب الإسلامي إلى أيديولوجية سياسية بحتة تخدم أفكارهم وقناعاتهم الحزبية ,وظفوا الدين لخدمة السياسة والأفكار الهدامة المخربة، محولين الخطاب الإسلامي إلى خطاب تضليلي لا يبني الإنسان والمجتمع اليمني بقدر ما يهده حتى أخمص النخاع,خطاب متشنج يمجد الشر عند الناس ويعمي الفكر ولا يهدي إلى سبيل الرشاد والصلاح,خطاب بعيد كل البعد عن مبدأ التسامح وإعمال العقل ,خطاب يؤجج الشحناء ولا يدعو إلى لم التبعثر,خطاب لا يوحد الصفوف بل يشتتها وينخر فيها كديدان خبيثة ,خطاب يذكي الفوضى ويكسر النفوس ولا يرمم التشققات ,خطاب حين نسمعه تظل أرواحنا منقبضة وممسكة على جمر الكراهية ويرمي بنا إلى هيجاء السعير. حقيقة.. نجهل إلى أي مدى يريدون بهذا الخطاب أن يوصلونا بعد أن أصبحنا على مشارف الهلاك,ألا يكفيهم شلالات الدماء التي أريقت ,ومازالت, وكم من الدماء اليمنية تكفي ليكفوا عن غيهم هذا ويكفوا عن تغذية وتهييج نزعة الشر لدى الناس وإهمال جانب الخير فيهم؟. فهل نحن في هذه المرحلة القاتمة بحاجة لمثل هكذا خطابات متشنجة أم لخطابات تنقي النفس من شوائب الضلال ؟هل نحن بحاجة لخطاب يخنق الأرواح ويقبضها أم لخطاب سويّ يزيل عنا قبح التقاطيع وشراسة الملامح وتناحر الأفكار؟هل نحن بحاجة لخطاب يزيد الطين أوحالاً أم لخطاب يرمم الجراح ويمهد الطريق للتصالح العام ؟. * ما أحوجنا في هذه المرحلة بالذات لنصح عالم نفسه نقية وسوية , لعالم متجرد من أي تلوثات حزبية وطائفية ومذهبية ,عالم ولاؤه المطلق للدين الحقيقي البريء من الأفكار الشيطانية ,عالم ينصح يؤدب، يوعي، يهذب ويشذب السلوكيات والقيم والمبادئ ,عالم حين ينصح تكون نصيحته خالصة مخلصة لوجه الله ولوجه وطن مازالت مآقيه دامعة ولم يجد بعد من يجففها,نصيحة فيها لم الشتات وجبر تكسر أرواحنا القلقة المرعوبة من مجهول قاتم. إلى متى سنظل ندور في حلقة نارية تحرق كل من اقترب منها وكل من يعول عليهم إخمادها يتحولون إلى سبب في إذكائها وزيادة لهيبها ووهجها ؟إلى متى سنظل نبتعد عن نقطة الالتقاء ونقترب أكثر لهيجاء التشرذم و اللاعودة؟متى سنلتقي عند نقطة الأمان لبلد في أمس الحاجة لالتقاء الأرواح الطاهرة النقية ونبذ كل روح تنوي له الشتات والخراب.اتقوا الله في هذا الوطن الحزين وهذا الشعب البائس. رابط المقال على الفيس بوك