لا أحد يستطيع أن ينكر أن الصوت النسائي في الصحافة السعودية قد خرج من شرنقته إلى حيز الوجود.. واستوى على خارطة الإبداع.. وانطلق ليكون له مميزاته الخاصة.. ووراء هؤلاء الكاتبات والصحفيات أيادٍ بيضاء دفعتهن إلى ممارسة هوايتهن، وكثيرات أصبحن أقلاماً يشار إليهن بالبنان.. فالكاتبة الراحلة سميرة خاشقجي - بنت الجزيرة – هي أول قاصة سعودية، ثم ظهرت الكثير من الأسماء.. إلى الحد الذي يجعل القاصة المعروفة رقية حمود الشبيب تقول: «إن أدب المرأة لدينا تفوق على أدب الرجل رغم المحاولات التي حاول بها النقاد إجهاض أدبها». ومن الأسماء المعروفة أيضاً نجاة خياط، وهند باغفار، ولطيفة سالم، وخيرية السقاف، وحصة التويجري، وأمل شطا، وهدى الرشيد، وقماشة السيف، وعهود الشبل، وشريفة الشملان، وفاطمة حناوي، وفوزية البكر، ووفاء الطيب، وجوهرة المزيد، وفاطمة العتيبي، وهيا المنيع، وفاطمة الدوسري، وفوزية الجارلله، وسلطانة العبدالله، ومقبولة مصلح صالح، وغيرهن الكثير.. ولو بدأنا بقراءة العالم القصصي عند الكاتبات السعوديات، نجد القاصة رقية الشبيب تقتحم عالماً مثيراً كالحلم.. الرجل عندها هو «السندباد» وهو «شهريار ألف ليلة وليلة».. ففي قصة «ولم يتم الاستئناف بعد» تعطينا صورة الرجل الحلم الذي يعطيها الحنان.. أما في قصتها «السجن الانفرادي» فتقدم صورة للرجل الرومانسي الحالم الذي يعامل المرأة بلغة القلوب.. ويحاول أن يلغي عقلها دون قصد منه.. تقول: «لن أقفل باب الحوار؛ لأني وجدتك إنساناً يتحدث من قلبه.. وأنا مللت حديث القلوب». أما القاصة فاطمة الدوسري فهي ناقدة ميتافيزيقية متمرسة، تطرح المشكلة وبين طياتها نداء أو صرخة.. وتكتب بلغة جميلة وبسيطة وواقعية.. ففي قصتها «الأسيرة» تحكي عن الفتاة «هدباء» ذات الثلاثة عشر ربيعاً، التي تتزوج من «هديب» وتفج... به وهو المتزوج من «ليز» وتعيش وحيدة، لكنها اتجهت إلى العلم، وأصبحت معروفة على صفحات الصحف باسم «الأسيرة».. إلى آخر القصة. بينما الكاتبة سارة بوحيمد، وفي زاوية بوح الكلمات بالمجلة العربية تثير قضية الزواج من أجنبيات.. فتقول: «كدت أصطدم بعربة سيدة تايلندية تلبس العباءة وتضع على رأسها الغطاء الأسود.. وخلفها مواطن من بلدي أسمر اللون يلبس الثوب والغترة والعقال، ويبتسم للصغير بعذوبة، وهو يمد له قطعة من الحلوى، ويخاطبه بالعربية - خذ ياحبيبي خذ - كانت السعادة تفترش قسمات وجهه، أجل إنه سعيد جداً فنصفه الثاني من بلاد الشرق الأقصى، فضلها على بنات وطنه الطيبات، وشعرت بمرارة رهيبة تملأ فمي وبألم في أعماقي.. إلى آخر ما كتبته سارة.. وتأتي فاطمة العتيبي ضمن منظومة الكاتبات المتميزات وهي تتمرد على الغالب اللغوي العادي كقولها: «وبات ينتفض هو وجراحه كعصفور أغرقه المطر» أو كقولها «منذ أن اشتعلت حقول الشمس في مقلتي». والمرأة السعودية اليوم كاتبة وصحفية ومذيعة.. يقول الأستاذ خالد بن حمد المالك - رئيس تحرير صحيفة الجزيرة عند زيارتنا له في مكتبه: «إن الفتاة السعودية أكثر انضباطاً من الرجل وأكثر حرصاً وإتقاناً في عملها..» وهذه القناعة لم تكن قولاً، بل وجدناها واقعاً عند زياراتنا لقسم المرأة الجديد في الصحيفة الذي يتم تجهيزه بأحدث الإمكانات ورافقنا في جولة فيه الزميل سعد الدوسري - مدير العلاقات والتسويق بمؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر - وهو صورة متألقة لتخصصه بلباقته. وكما في الإعلام والصحافة وجدنا المرأة السعودية في مجال التعليم وفي أكبر الجامعات مثل: جامعة الملك سعود بالرياض، وكذلك في مجالات العمل والعلم الأخرى.. فقد كرم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مؤخراً، العالمة (د.خولة بنت سامي الكريع) عند استقباله لها في مكتبه، وقدمت هذه العالمة نموذجاً رائعاً تقتدي به الفتاة السعودية والعربية عموماً. وسررنا كثيراً للقاء الزميلة دلال عزيز ضياء - مديرة الإذاعة «البرنامج الثاني» في مدينة جدة عندما استمعنا منها إلى شرح لسير العمل الصحفي المسموع بفطنة وإتقان لمهنتها تشي بطموح وثبات يميز المرأة السعودية التي أخذت الآن بزمام المبادرة في كل المجالات.. ومؤخراً تم أيضاً اعتماد مزاولة المرأة السعودية لمهنة المحاماة وهو إنجاز يتحقق لها لأول مرة في تاريخها. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك