(1) خرجوا عن المألوف كي يمشوا على خيط من القلق اللعين، تسربلوا بأنينهم، وبكوا قليلا تحت سقف الغيب وارتجلوا القصائد في احتفال الزيزفون، لهم بلاد لا بلاد لهم بها، هاموا ودقوا في تراب الحلم أوتادا لخيمتهم ولاذوا بالنزوح الى النزوح، يوسعون جلودهم كي تدخل السكنات والحركات والوجع الملحن والصدى. مروا فرادى من أمام الموت وانخرطوا جماعات وغاصوا في رمال المستحيل، تحولوا كتلا من الملح المسكّر والبياض على البياض وتمتموا بلغات أهل العشق واختصروا الألف. (2) قرأت فتاة النار عشب الحلم في كتب القراءة، أطلقت عصفورة وحمامتين الى فضاء أزرق كالبحر من قفص بنى قضبانه القلم الرصاص، صبابة غنى الفؤاد على روابي الصبر واندثرت فجاج الذكريات ، هناك هل قال المعنى باقتناص الهمس بين فراشتين: لنا حنين الأرض للمطر المزنر بالهسيس، وتسقط الصور الكئيبة في جدار الوقت والجندي المدجج بالغباء يرافق التيفود والجدري على طرق الخروج من الخروج، تسائل المسكون بالألق المغلف بالندى: من سوف يهبط كي يعيد الماء للابريق في (غب) الشتاء؟ ومن سيصعد كي يدل صلاتنا الحيرى على باب السماء؟ ومن يقايضنا فيأخذ كل حاضرنا ويعطينا القليل المختلف؟ (3) وطن بأكمله اصطفاه القهر بعلاً للخرافة فأعتلى الأموات شرفة حكمنا كي يشهروا عقد القران، وأولموا بجماجم الأطفال واقترضوا الولاء من القبور ودشنوا (البرع) المقدس. لم يزل يلقي زعيم الكعك في الحرب الأخيرة خطبة التبرير للنهب الجلف. (4) هم أجروا للسبت جمعتنا وقاعدة الدعاء المستجاب، وأفرغوا راياتنا من حمرة التثوير، واختلقوا لهم من خوفنا عذراً، أحالوا العقل شاة في شعاب الجهل لا ماء تشاهده ولا عشباً تسير إليه، في كنف الردى هجر الجحيم رماده ومشى على القدمين فوق البحر واحتضن الرياح، له ارتصاص العشب والأشجار، لم يلق تحيته كعادته ولكن اللغات تداخلت فتسرب الكلم المشوه من لسان النار ، واحترقت حشود العشب وانصهر المتوج في الخلف (5) مدن تهاتفها المقابر: هل تجودي بالمزيد من الحمام؟ لي اشتياق الطل في كف الصبايا والندى الفضي في زهر القلوب. الجند في الطرقات اتركهم واسرق من يديك الماء والناي المكركر والعطور. بكت أزقتها وداخ الكوخ وابتسم المعسكر والقصور. . “هنا الجحيم” يقولها المذياع بعد نشيدنا الوطني والسور القصيرة فاشتعل الدبليو والألف. رابط المقال على الفيس بوك