بغفلةٍ من الموج، تهرب البحار إلى القصيدة.. هل لتصير النبيذ المخبوءَ في إيماءاتي؟ أمْ، لتوقد التيْهَ المخمورَ، إشاراتي؟ أصهر الموسيقى بخضرة الجحيم، فيُنشدني رميمي.. كأنّ أنايَ، تسمحُ بعبور أنايَ.. أمْ، سأظلُّ اللامرئيَّ؟ قبل البصائر، بعد البصائر، سؤالي نزوحٌ والأرض تلتهم حضورها، كما، يلتهم الوحيُ قلبي غيابي.. هو هكذا، أزرقٌ كبريائي، ومعشبٌ رمادي.. فقمْ يا وهجُ مثنىً، وثلاثَ، ورباع.. إني ها هنا، في الحدس، أشعلُ قبري بوصلةً، وأترك شكوكي وصيّةً.. فمن سيكتب على الضوء عاصفتي إلاّ موج هارب من أشلائي؟
عالمٌ من الغراباتِ والعزلة.. الصمتُ، فاتحةُ التأمّل.. والتأملُ، فاتحةُ اللا نهايات.. حولي يدور السكون، فلا، تلمحني النقطة.. أذوبُ سؤالاً في الوردةِ والماءِ والنار.. أتشتتُ في مخيلةِ الزيزفون.. لا البحرُ يدرك ريحي، لا الأرضُ تنمو بلا جروحي.. و كلٌّ في مدار قلقي يتهجّدون..
بأشدّ من فجأةِ الغيب، أترك الشرودَ يشرد بي.. متخمة بالكشف، والشعر بعض روحي.. الوقت بصنارتي، ولغتي تهاجرُ من لغتي.. فلا يبقى في اللهب سوى الرؤيا، ودمي الذي يشكلُ الرماد..
لماذا لا تنسى الهوامشُ أنّ لي في كل شجرةٍ ضريحاً، في كلّ حرفٍ لهجةً، وفي كلّ موجةٍ بلاداً تنبثق من البياض..؟ وإلى متى تذكر الفواصلُ أني غربتها، شظايا أسئلةٍ، ونسوغٌ للمعاني، حين المعاني تغير على الكلمات..؟
كلُّ زائلٍ أجهله، وكلُّ باقٍ يعرفني... ألذلك.. كلما أنايَ تألفني، لا تألفني؟ أم لأنا كلما انصهرنا أكثر، أنا أجهلها، وهي لا تعرفني؟