استغربت كثيراً من بعض الردود الباهتة تجاه التصدي الباسل الذي تقوم به القوات المسلحة ضد جماعات الإرهاب في كثير من مواقع المجابهة، بل أقول أوكارهم، حيث يتحصنون كما ظهر مؤخراً في منطقة أثرية بمدينة رداع وقبل ذلك في محافظتي أبين وشبوة.. ولا يعلم المرء أين هي خلاياهم النائمة التي – ولا شك – تستفيد من هذا المناخ الذي يتهيأ فيه الجميع الدخول إلى المعترك الحضاري المتمثل في الحوار الوطني، فضلاً عن الجهود المنصبة حالياً في إعادة هيكلة القوات المسلحة ومؤسسة الأمن، حيث تعتبر القوى الخارجة عن النظام والقانون وفلول القاعدة هذه المرحلة فرصة سانحة لإعادة تموضعها ومحاولة تنفيذ مخططاتها بتوجيه ضربات موجعة تستهدف أمن واستقرار الوطن ومحاولة تجنيب قوى المجتمع الخيّرة استكمال مسيرة التسوية السياسية. لقد أحسنت صنعاً القوات المسلحة في تصديها الباسل لقوى الإرهاب وملاحقة عناصرها في أكثر من منطقة يلجأون إليها.. وتلك خطوات محسوبة للقيادة العسكرية المطلوب منها أيضاً تشديد الخناق على هذه الجماعات الإرهابية لاجتثاثها عبر تحطيم بنيتها العسكرية وملاحقة قياداتها وفضح ارتباطاتها الداخلية والخارجية، ذلك أن طبيعة المواجهة التي تدور رحاها مع هذه العناصر الإرهابية تظهر جلياً – بما لا يدع مجالاً للشك – بأنها مدعومة مادياً وتسليحاً من الخارج ، بل وتحظى برضى ودعم لوجستي من بعض قوى الداخل التي علينا – كما أشرت – فضحها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.
ولا شك بأن صفقات الأسلحة التي تم ضبطها عبر الموانئ البحرية والبرية مؤخراً تؤكد حقيقة ارتباط وعلاقة قوى إقليمية بعينها بقوى الإرهاب في الداخل اليمني، وذلك لإثارة الاضطرابات في محاولة لتمرير مخططات ما، لا تقتصر أهدافها على تقويض الاستقرار في اليمن وإنما تستهدف أيضاً أمن واستقرار المنطقة ككل.
وعود على بدء، فإن المواجهات التي تخوضها القوات المسلحة ضد عصابات الإرهاب في تلك المناطق قد أتت أُكلها في توجيه ضربات قاصمة لمواقع هذه العصابات الإجرامية، بل إن التلاحم الشعبي قد أفرز هذه الملحمة الوطنية وأكد بأن الجميع يقفون صفاً واحداً ضد قوى الإرهاب.
وبالقطع مقابل هذا التلاحم الوطني بين المؤسسة العسكرية والجهد الشعبي فإن اصطفاف القوى السياسية على الساحة الوطنية تجاه هذه الظاهرة الخطيرة سوف يكون له المردود الأكبر في تفعيل قوة الردع لاستئصال شأفة هذه الآفة التي تطل بين الحين والآخر على مجتمعنا وتلحق به أفدح الأضرار والخسائر.. ولعل أبرز تجليات هذا الاصطفاف – أو هكذا يفترض – مثل هذا الإجماع على أهمية الحوار الوطني وضرورة التحاق تلك القوى المترددة المشاركة فيه، باعتباره المخرج الآمن لكل مشكلات اليمن، وفي طليعة تلك التحديات ظواهر الإرهاب التي باتت تتطلب تضامناً رسمياً والتفافاً شعبياً ووطنياً واسعاً لتجفيف منابع الإرهاب واستئصال جذوره وذلك ليس بالمستحيل على أهل الحكمة اليمانية في كل الأحوال والملمات. رابط المقال على الفيس بوك