أنجزت جماعة الحراك التهديد الذي أشرت إليه في مقال سابق والذي جاء على لسان الخبجي قبل أيام، والحصيلة عشرات الجرحى من شباب الثورة بعدن فاق الأربعين، لا لسبب سوى أنهم خرجوا لإحياء الذكرى الثانية لثورة فبراير. السلام لف كل فعاليات الثورة في كل المحافظات باستثناء عدن، لازالت البلطجة تفرد هراواتها ورغبتها الجامحة في الدم والعنف حتى بعد مرور عامين على الثورة. من يلجأ إلى العنف لقمع معارضيه هو شخص مريض يدرك مدى ضحالة وسفاهة فكرته، العنف لغة الضعفاء يتوارون خلفه لتغطية فشلهم الذريع في إنتاج مشروع قابل للحياة يقتنع به الشارع، ولا ريب أن كل هذا العنف لن يكون أشد قسوة من سابقه، لذا فالثورة ستركله كما فعلت مع بلطجة النظام السابق وستنتصر في النهاية. في ذات الليلة: وأنا على وشك توديع يومي الحافل بالكثير من الفرحة والأسى أيضاً، جاءت نظرتي على قناة عدن لايف «الاحتلال الهمجي الغاشم على شعب الجنوب»، هكذا كان أحدهم يصرخ حينها، على طريقة (ضربني وبكى, سبقني واشتكى)، انتابتني نوبة من الضحك والأسى في آن واحد، الجلاد يصرخ من الضحية، الاحتلال الشمالي هم شباب التواهي والمعلا والشيخ عثمان، الذين جرح منهم أكثر من أربعين، الاحتلال هو مقر الإصلاح في عدن، والفارق هنا هو كون المحتلين الذين أعتدي عليهم ليسوا من جماعة تقرير المصير أو الجنوب العربي. بالمناسبة فمقرات الإصلاح دائماً ما تكون أول الضحايا سواء في صعدة أو في عدن، ففي الأولى تكون التهمة هي العمالة لدول الإقليم وأمريكا، وفي الثانية تكون التهمة هي العمالة للاحتلال الشمالي. وكلا الطرفين لا يمل ولا يكل من العويل والنحيب عن مدى الظلم والاضطهاد الذي مورس في حقهم في الحقبة الماضية بزعمهم. الحديث عن تلك المراهقات ليس موضوعاً جديداً لتكون تلك الأخبار على درجة من الدهشة؛ فقد سبق تلك الأحداث الكثير من الرعب الذي يخدم مشاريع الموت والعنف لكنها لم تجد من يدينها أو يندد بتلك الممارسات, وتعرفون جيداً قضية الشيخ عارف الصبري كيف أصبحت شوية أسطر لا تحمل (حبة طماش) تهدد السلم الاجتماعي، بينما مشاريع الموت تجد من يبرر لها بصفاقة غريبة. حتى عندما أصدر اللقاء المشترك بيانه في إدانة الاعتداء على شباب الثورة ومقر التجمع اليمني للإصلاح وجد هذا البيان الكثير من التزمت من قبل البعض, لم يرق لهم تنديد اللقاء المشترك بتلك الاعتداءات وكأن على شباب الثورة في عدن الانبطاح لمراهقي الحراك حتى يكونوا على قدر من الانفتاح الذي تؤمن به تلك الناشطة. وكأن شباب الإصلاح في المحافظات الجنوبية ليسوا سوى قطيع لا يحق لهم المشاركة في الحياة السياسية والاحتفال بذكرى ثورتهم ضمن مكونات الثورة الأخرى, لا أجد مبرراً يقبله العقل لكل هذه النظرة الدونية لكل ما يمت للإصلاح بصلة, نفس الناشطة تبرر للحراك اقتحام مقر الإصلاح؛ كون ذلك لا يعدو كونه ردة فعل طبيعية لشباب الحراك, أبناء المحافظات الجنوبية؛ بنظرها ليسوا سوى المنادين بفك الارتباط وما سواهم لا يحق لهم سوى الانبطاح فقط للحراك. يحق للحراك أن يشهر الأسلحة في وجه شباب الثورة في عدن، بينما تنتقد تلك الناشطة أن يصدر اللقاء المشترك بياناً يدين هذا الاعتداء, وتعتبر أن كل مكونات اللقاء المشترك في عدن تمارس عملية انبطاح للإصلاح, أي حُمق مركب هذا؟! الحديث عن الوحدة والانفصال شيء, والتبرير للعنف والاعتداء على المسالمين في ساحة كريتر شيء آخر أقرب للارتزاق وشراء أكبر قدر من المصفقين والمطبلين. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك