لقي الهجوم الذي تعرض له شباب الثورة بساحة الحُرية في عدن من قبل عناصر الحراك المسلح، الذي يتبع نائب الرئيس السابق علي سالم البيض، إدانات واسعة من الأحزاب القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، معتبرين ذلك اعتداءً على الوطن ذاته ومحاولة التخريب وبث الرعب بين أوساط المواطنين بالمحافظة. وكان العشرات من عناصر الحراك المسلح هاجموا ساحة الحُرية في عدن، أمس الأول الاثنين، وأطلقوا الرصاص الحي والقنابل الصوتية باتجاه الشباب الذين كانوا يتواجدون في الساحة للاحتفال بالذكرى الثانية لانطلاق الثورة الشبابية 11 فبراير، عصر أمس الأول الاثنين، ما تسبب في إصابة قرابة 50 شاباً بينهم فتيات بإصابات، كما هاجم الحراكيون مقر التجمع اليمني للإصلاح في كريتر أمام ملعب الحبيشي مساءً بالرصاص الحي والمعدلات والقنابل الدخانية، وجرت اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن في المنطقة، ما تسبب في مقتل ثلاثة أشخاص بينهم جندي وفتاة.
وأكد مصدر طبِّي أن الفتاة تدعى حنين حسين القاضي (15 عاماً) كانت مارة بجانب موقع الاشتباك، فيما الجندي أصيب بطلقة في الرأس فارق على إثرها الحياة، ويبلغ من العمر 30 عاماً - ولم يتسن لنا التعرف على اسمه - كما تسببت طلقة راجعة بمقتل شاب يُدعى محمد بن محمد من أهالي حي البادري أثناء صعوده إلى باص أجرة.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن القيادي في الحراك، ناصر الطويل، قوله إن «الشرطة ارتكبت جريمة بشعة» في كريتر بحق القتيلين المدنيين اللذين قال إنهما كانا على متن حافلة ركاب تمر في الشارع العام.
وأغلقت معظم المحال التجارية في حي كريتر الذي يضم أكبر سوق شعبي في عدن إثر المواجهات.
ولا يمكن فصل هذه المصادمات عن أحداث سابقة وقعت بين الطرفين، وتراشق إعلامي حدث مؤخراً.
وأطلق قياديون في الحراك الجنوبي تحذيرات لحزب الإصلاح خلال الأيام الماضية من إقامة أي فعاليات مؤيدة للوحدة اليمنية في مدينة عدن بعد شعورهم بالنشوة من فعالية حاشدة نظمها الحراك في ال 13 من يناير الماضي.
واعتبر القيادي في الحراك ناصر الخبجي في تصريحات تناقلتها مواقع تابعة للحراك قبل أيام أن أي فعالية من هذا النوع «تصعيد سياسي ومغامرة غير محسوبة العواقب»، وألمح إلى أن أي رد فعل من الحراك تجاهها يتحمل مسؤوليتها منظمو تلك الفعاليات.
وفي الوقت الذي تتهم فيه وسائل إعلام مقرّبة من الحراك الإصلاح بحشد أنصاره من شمال اليمن للمشاركة في فعاليات في عدن، ذكرت أن المشاركين في فعالية يوم الاثنين ليسوا سوى «عشرات».
من جهته، ندد التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة عدن بالهجوم الغادر على فعالية شباب الثورة السلمية بمحافظتي عدن ولحج، وكذا الاعتداء الآثم على مقره بمدينة كريتر مساء أمس (11 فبراير 2013) من قبل عناصر مسلحة تنتمي للحراك الجنوبي، وبقايا النظام المتضررين من ثورة الشباب السلمية، مطالبا بضبط المتسببين والمحرضين للهجوم على احتفالية شباب الثورة، وأيضاً مقر الإصلاح بعدن، والذين تجاوزوا بسلوكهم كل الحدود، واستخدموا مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، كما قاموا برمي مبنى مقر الإصلاح بأربع قنابل من مختلف الأنواع.
وقال إصلاح عدن في بيانه: "إننا نحمل بلاطجة الحراك المسلح وعلي سالم البيض وبقايا النظام المسؤولية كاملة عن الأحداث المؤسفة التي تعرّض لها شباب الثورة ومقر الإصلاح بعدن".
وقال "إنما حصل من اعتداء يأتي بعد تصريحات تهديد من قبل بعض قيادات الحراك السياسية والدينية وسنعمل على مقاضاتهم, وأنه في حال لم يتم معاقبة الجُناة ومحاسبة المحرضين فإن مستقبلاً مجهولاً ينتظر الحياة السياسية والمدنية في الجنوب" - حسب البيان.
وأكد: "إننا في إصلاح عدن لن ننجر إلى مربّع العنف مهما كلفنا الثمن، وسنبقى مع شركائنا نناضل بسلمية لنعيد الاعتبار للجنوب وأهله الشرفاء".
وطالب إصلاح عدن رئاسة الجمهورية وحكومة الوفاق القيام بمسؤولياتهم، كما طالب اللقاء المشترك وجميع القوى السياسية والمنظمات المدنية ومختلف التيارات والقوى بتحديد موقف واضح وحازم ممّا حدث، وإدانة تلك الأعمال.
وأدانت أحزاب اللقاء المشترك بمحافظة تعز بشدة اعتداءات مسلّحي الحراك ضد شباب الثورة بمحافظة عدن ووصفتها ب "الاعتداءات الهمجية"، داعياً القيادة السياسية وحكومة الوفاق الوطني والسلطة المحلية في محافظة عدن لاتخاذ المواقف المسؤولة والرادعة لمثل هذه التصرفات الهمجية - يحسب البيان.
واعتبر بيان مشترك تعز تلك الأعمال تعبيراً عن إفلاس أصحاب المشاريع الصغيرة المتخلفة وتحالفاتهم الأسرية والانفصالية بلجوئها للعنف والتخريب، مؤكدة أن تلك الأعمال موجّهة ضد الثورة والوطن والاستقرار.
وقال البيان "إن تلك الأعمال لن تزيد شعبنا إلا ثباتاً وتماسكاً بوحدته وثورته واستقراره، وسيهزم كل أعداء اليمن ويندحرون".
كما أدانت تنظيمية الثورة وبشدة الاعتداءات الهمجية ضد شباب الثورة بمحافظة عدن على خلفية احتفالهم بالذكرى الثانية لثورة فبراير.
وفي بيان صادر عن تنظيمية الثورة، أدانت الاعتداء على شباب الثورة بعدن الباسلة، والتي سقط خلالها أكثر من خمسين جريحاً أثناء مهاجمة عناصر الحراك المسلّح شباب الثورة بالرصاص الحي والقنابل.
ودعت اللجنة التنظيمية السلطة المحلية في عدن إلى تحمل مسؤوليتها في حماية شباب الثورة وسُرعة إجراء التحقيق في تك الحادثة.
كما دانت منظمة "صحفيات بلا قيود" بشدة الاعتداءات الهمجية ضد شباب الثورة ومقر الإصلاح، مساء الاثنين، على خلفية احتفالهم بالذكرى الثانية لثورة فبراير.
واعتبرت "بلا قيود" هذه الممارسات، التي تشكِّل انتهاكات إضافية على الثورة والثوار من قبل الحراك المسلح، بأنها اعتداءات على الوطن ذاته ومحاولة التخريب وبث الرعب بين أوساط المواطنين بالمحافظة.
ودعت حكومة الوفاق الوطنية إلى اتخاذ المواقف المسؤولة والرادعة لمثل هذه التصرفات الهمجية وغير المسؤولة والتي لا تنتمي للوطن والمواطن اليمني بأي صلة.
ومن جهته، طالب الناطق باسم قوى الثورة الجنوبية، المهندس علي قاسم، الجميع بإدانة الاعتداءات المتكررة على شباب الثورة بعدن من قبل من أسماهم "بلاطجة" الحراك الموالي لعلي سالم البيض المدعوم من طهران والحوثي.
وعبّر قاسم عن استغرابه لمثل هذه التصرّفات المسيئة وغير الأخلاقية، التي لا تعبر عن أبناء عدن وأدت إلى إرهاب وجرح نساء وشباب مسالمين في الساحة، داعياً السلطة المحلية والأجهزة الأمنية إلى القيام بدورها في حماية الفعاليات السلمية والتصدِّي لهؤلاء البلاطجة المسلحين الذين يعبثون بأمن عدن وسلامة أهلها.
وأكد قاسم "البلاطجة لا يملكون مشروعاً، ولن يوقفوا عجلة الثورة التي أسقطت كبيرهم في صنعاء وأذنابه في أرجاء الوطن".
وتأتي هذه الإدانات الواسعة في وقت التزم كل من الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بمحافظة عدن الصمت تجاه هذه الاعتداءات التي طالت شباب الثورة بكريتر، الذين خرجوا لإحياء الذكرى الثانية لثورة الشباب السلمية، وهو ما أثار استياءً كبيراً لدى الأوساط السياسية والاجتماعية والشارع.
ويعد كل من الاشتراكي والناصري من أبرز حلفاء حزب الإصلاح داخل تشكيلة أحزاب اللقاء المشترك، وهو الأمر الذي سيثير أكثر من تساؤل داخل أروقة المشترك وخارجه، عوضاً عن كون هذا الصمت سيقرأ بين قواعد هذه الأحزاب قراءة سلبية لا تخدم المشترك ككل.
من جانبها، اعتبرت شخصيات سياسية بمحافظة عدن الاعتداء على فعالية شباب الثورة من قبل عناصر تتبع أحد فصائل الحراك نتيجة طبيعة لحملة التحريض التي قادتها قيادات في الحراك الجنوبي ودعت أنصار الحراك للتصدِّي لجميع الفعاليات الثورية التي تؤيد الوحدة اليمنية، مشيرين إلى أن هذه الحادثة يجب أن يتداركها العقلاء في جميع الفعاليات السياسية، ما لم فإن هذا الاعتداء – بحسب تلك الشخصيات - بداية تدشين الحرب من قبل فصيل البيض في الحراك ضد شباب الثورة من جهة وحزب الإصلاح.
تجدر الإشارة إلى أن عدداً من قيادات الحراك كانت قد دعت أنصار الحراك إلى التصدِّي لفعاليات شباب الثورة المؤيّدة للوحدة، وكان من أبرز تلك القيادات - التي تبنّت هذه الدعوات صراحة لاستخدام العنف بحق شباب الثورة - شلال علي شايع، وناصر الخبجي وحسن عمر محفوظ بن شعيب.