عند إعلانهما قيام الوحدة بين شطري الوطن في عام 90م, أصرا على تجاهل الدعوات المتهافتة من كل صوب للتريث والكف عن سلق مشروع وطني جبار بحجم «الوحدة» في إعلان اندماجي جرى طبخه بسرعة خاطفة على نار المزاجية السياسية للرجلين! ولم يتوقفا عند هذه النقطة في الجنون؛ فقبيل اندلاع حرب صيف 94م المشؤومة أيضاً ترفعا بأنفة لعينة عن خفض مسامعهما للنداءات الوطنية الغيورة بتجنيب الوطن مآلات الخيار الكارثي في التعاطي مع الأزمة السياسية آنذاك، لكنهما مع ذلك ركبا رأسيهما وذهبا يدخلان البلد في أتون تطاحن عسكري.. جلب معه حزمة من الويلات على مختلف الصعد فضلاً عن خصمه من سمعة الوطن وصورته الشيء الكثير. أن تجد نفسك مجبراً على استحضار الماضي السياسي لصالح والبيض؛ فهذا يعني أنك تفتح أمامها أوسع نافذة للنكد والغصة..ذلك أن ردة الفعل الصادرة عنهما حيال بيان مجلس الأمن الأخير تستدعي النبش بين ركام تاريخهما المتصدع لإثبات كم أن العقلية التحايلية الاستغبائية ماتزال هي المحرك والباعث الأساس لمواقفهما السياسية تجاه ما يظنانه خطراً يهدد مكانتهما السياسية..تصوروا أنهما يرتبان لخداع الأمم المتحدة!.. تماماً مثلما خدعا اليمنيين قبل ذلك لعقود طويلة من الزمن!! حقاً.. لا أفهم كيف يفكر البيض وصالح؟! ومدى اقتناعهما بكونهما أذكياء وقادرين على المضي في انتهاج مسالك التغابي والكذب والتضليل.. ما أفهمه هو ما أكده عليه مجلس الأمن من أنهما يجسدان حالياً العائق الأبرز لمشروع الانعتاق من ربقة حياة مملة, وواقع سياسي واقتصادي واجتماعي مزر كانا من أبرز المساهمين في صناعته, وإلقائنا في ردهات حبائله العتيدة لأكثر من ثلاثة عقود! تحفل القصة إجمالاً بما يبعث على الدهشة؛ فهي قصة غريبة الأطوار لرجلين يمتلكان من صنوف التشابه في العقلية والسلوك والتاريخ والموقف السياسي.. وحتى الاسم ما يدفع العقل الإنساني للحيرة في مسعاه لفك طلاسم هذه الحالة المعقدة والنادرة عبر التاريخ الإنساني. ومن هنا فإنني أزعم أن من ضروب الحمق والعبث تكرار البحث في جوهر هذه الحالة «الشاذة تاريخياً», خصوصاً وإننا كضحايا لمنطق وهوس ومغامرات هذين الرجلين قد أحرزنا تقدماً مهماً على صعيد إغفال هذه المسألة والاكتفاء بقناعتنا المتصاعدة عن كونهما «لعنة كونية» حلت علينا في غفلة من الدهر، وظلت تعصف بأحلامنا, وتدهس دونما رحمة كل محاولاتنا في الخروج من قعر المستنقعات الرديئة والالتحاق بركب عالم الصعود والتقدم! ثنائية «صالح البيض» كلعنة تاريخية ملازمة لنا تتصدر المشهد السياسي مجدداً, ولكن عبر بيان أممي هذه المرة! أؤكد أن لا جديد في الأمر؛ فبيان مجلس الأمن لا يعدو في نظرنا عن كونه مبرراً إضافياً لمقت الرجلين, وتوسيع خارطة الرغبة الجماهيرية في الخلاص منهما.. الخلاص بأية وسيلة تليق بنا كأناس نبلاء وكبار..!! رابط المقال على الفيس بوك