في مستهل العام الثاني من رئاسته وقيادة عملية التغيير الأكبر والأخطر في اليمن يواجه الرئيس هادي التحدي الأهم في عدن على خلفية القضية الجنوبية والتي ستكون من أولويات الحوار الوطني الشامل في ال18 من مارس القادم. كان يمكن للرئيس أن يكتفي بمراقبة الأوضاع من المركز في العاصمة، لكنه اتخذ قراراً شجاعاً بالنزول إلى عدن ومن ثم أبين المحافظة المتفجرة ولم تكد تخرج من وهدتها، وربما أخريات من محافظات الجنوب.. وهو دلالة جدارة للقيادة بمسئولية . وهذا الاقتراب في هذه الفترة الحرجة سيمكن الرئيس من تفهم حقيقة المشكلة وطرح الحلول المباشرة تهيئة للحوار وإزالة عراقيل المشاركة دون وسطاء، فالرئيس هادي صار محط اتفاق وتوافق خلاف أطراف الداخل والخارج مهما بلغت في نفوذها. يثبت الرئيس هادي إصراره رغم كل التحديات على إنجاح المرحلة الانتقالية الثانية حتى منتهاها بانتخابات في 2014.. كل اليمنيين في اعتقادي حتى المختلفين مع التسوية ظاهراً أو باطناً أجمعوا على إنجاح هذا النزول الميداني واستقرت الأمور سريعاً ،وبالتالي أظهر ذلك خصائص القائد الناجح المؤهل لهذا الدور الاستثنائي حتى أصبح الحديث عن ذكاء وتروي الرئيس هادي بل وعدم التحيز لجماعة أو الانخراط في مافيات الفساد. كان من المتوقع مع اقتراب موعد الحوار وانطلاقه في ال18 مارس أن تعمل إرادات ستفقد توازنها ومصالحها على اصطناع مبررات عدم الدخول في الحوار وخلق انطباع بأن بيئة الحوار أمنياً ولوجستياً لم تتهيأ بعد،وهذا السلوك العدواني ، وهذه التصرفات العنيفة لا تخدم قضية الجنوب التي أجمعت عليها كل الأطراف السياسية على أولويتها في قضايا الحوار، وتوافر ضمانات وضعها في موقعها المحوري التي تستحقه. استمراء هذا النهج يسم القضية بسوء أداء من مدعي تمثيلها، وبالعنف ورفض الحوار.. وهو ما يفقدها سندها الوطني والإقليمي والدولي .. بل إن الجنوط الخارجية لحسابات مناهضة لليمن واضحة ، ولا أحسب أن هناك من الساسة من يقدّر أن مثل هذه الأساليب ستحبط استمرارية العملية السياسية في مرحلتها الانتقالية، وأن المجتمع الدولي الذي تحرك في الفراغ الذي خلفه تراجع القوى السياسية الوطنية سينفض يديه عن التسوية ليفشل.. لا أعتقد أن فعل ما فعل ليتركها وحيدة عند أول اختبار ناهيك عن أن الاختبار ليس بالمهدد المتكامل على الأقل في هذه المرحلة. منطق الواقع والعقل يلزمنا بتجاوز هذه الأحداث ونخاطب الرئيس بحسبانه المرجح في هذه المرحلة وهو يقف على مسافة واحدة من الأطراف، ويتفهّم مشكلات اليمن ولديه القدرة على تبين المعالجات والحلول، وهناك استقطابات واضحة ومحددة لايمكن حساب الرئيس هادي لحساب أي منها وبهذا يحسب على الوطن عامة. نحن الآن في وضع استثنائي يحتاج إلى منحه فرصة للتعافي وهو عهد جديد لايمكن محاسبته على إفرازات الواقع الراهن ومن آثار الماضي القريب، ونريد أن نبرهن على قدرته في صياغة اليمن الجديد. رابط المقال على الفيس بوك