• شهدت منظمات المجتمع المدني مؤخراً تزايداً كبيراً وبشكل غير معقول وأصبح عددها “أكثر من الهم على القلب”، حيث تشير إحصائية صادرة في يناير 2012م بأن هناك قرابة (9000) منظمة محلية وأجنبية عاملة في بلادنا، وهو عدد كبير جداً قد لا نجد مثيلاً له في عديد الدول التي تلمس تأثير عمل هذه المنظمات في مجتمعاتها أفضل مما هو لدينا، أما في بلادنا ورغم هذا العدد المهول من المنظمات وعلى اختلاف مسمياتها فإنها لا تقدم أي شيء يخدم المجتمع. • المنظمات الفاعلة منها والتي لا تتجاوز نسبة ال (25 %) فقط، وتنشط هنا أو هناك في بعض مجالات يفترض أن غايتها إحداث التغيير والمساهمة في الأخذ بيد المجتمع نحو التقدم والتطور، إلا أن كل ما تنفذه من أنشطة لا هدف له سوى إثارة الضجيج الإعلامي حولها، من أجل استدرار المزيد من الدعم المادي (الداخلي والخارجي) ومحاولة لإضفاء المشروعية لاستمرارها بإبرازها كمنظمات نشطة تقدم العديد من الخدمات والأنشطة التي في حقيقة الأمر لا تصلح حالاً ولا تغير واقعاً. • إذا نظرنا إلى واقع الحال، فسنجد أن أغلب هذه المنظمات تصب اهتماماتها في الجوانب السياسية والحقوقية وليس في الجوانب الخدمية واحتياجات المجتمع ودائماً ما تعزف على وتر الأحداث والمناسبات، فما أن تأتي مناسبة أو حدث معين إلا وتجدها في مقدمة الطابور لتنظيم فعالية حول هذه المناسبة أو الحدث، وهو ما نلحظه هذه الأيام مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، حيث نجد أن أغلب هذه المنظمات وبعضها منظمات جديدة لم نسمع عنها من قبل إما نفذت أو ستنفذ فعاليات حول الحوار الوطني الهدف منها “طلبة الله” مع وجود التمويل الخارجي لكل ما تقوم به من أنشطة وفعاليات. • يكاد لا يمر يوم دون أن نسمع عن ظهور منظمات جديدة، وكأن الأمر أصبح بمثابة تقليعة أو موضة، فتأسيسها لا يتطلب سوى استئجار شقة أو حتى دكان وتصريح عمل من الجهات المعنية وإقامة بضع فعاليات مع تغطيتها إعلامياً وتوثيق هذه الفعاليات في ملفات يتم تقديمها كإثبات على أنها منظمة ناشطة وفاعلة وأن بإمكان الجهات الخارجية الممولة (دول ومنظمات) الاعتماد عليها في تنفيذ كل ما يُطلب منها من معلومات وأنشطة.. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول حقيقة عمل بعض هذه المنظمات وأهدافها الخفية. • إن الأخطر في كل هذا ما يُشاع من شبهات استخباراتية حول عمل بعض هذه المنظمات وأن كل ما تقوم به من أنشطة إنما تروم من ورائها البحث عن معلومات وبيانات معينة عن البلد والناس، وهو ما يتضح جلياً في استطلاعات الرأي والاستبيانات التي تنفذها هذه المنظمات حول قضايا وجوانب بالغة الأهمية والحساسية، مثل ذلك الاستبيان الذي نفذته قبل حوالي عام إحدى هذه المنظمات وقد اطلعت على أسئلته صدفة وكانت حول الإرهاب ونظرة المواطن اليمني للعناصر الإرهابية، صحيح أن استبياناً كهذا على درجة عالية من الأهمية إذا كانت نتائجه ستقدم للحكومة اليمنية.. لكن المصيبة والكارثة أن هذه النتائج مخصصة للتصدير للخارج وتحديداً للدول أو المنظمات الممولة لتنفيذ هذا الاستبيان وليست للاستخدام المحلي. • وأمام كل هذا، فإن ما لا نجد تفسيراً له هو : كيف يتم تنفيذ مثل هذه النشاطات المشبوهة دون علم الجهات المعنية أو موافقتها؟.. ولماذا تقف موقف المتفرج ولا تقوم باتخاذ الإجراءات القانونية في حق المنظمات غير الفاعلة التي لا تؤدي دورها المجتمعي أو تلك التي تمارس أنشطة مشبوهة تضر بالوطن؟ أما إذا كانت الجهات المعنية على علم ودراية وكل شيء يتم بموافقتها، فإنها والله الطامة الكبرى. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك