علي طالب.. صاحب البشرة السمراء والأعين الحالمة؛ كغيره من فئة المهمشين، ولِدَ في بيئة غير محايدة، وترعرع في واقع هرمي؛ لا يمكن لأدناه أن يزيح عن كاهله تسلط وجور من يعتليه. تقاطعت معرفتي به في منتدى مجاز الأدبي الثقافي حين كان برفقة جميل الكامل ونشوان الحجري.. كان من حظه أن خالط المثقفين وقرأ في وسائل الإعلام ما يسمى الديمقراطية والتي من ادعاءاتها المساواة.. سعى إلى التواجد ضمن هذه المفردة، إلا أن تحقيق معناها بحاجة إلى جهد مهول.. هذا ما أدركه مؤخراً، لكن إدراكه المتأخر لم يثنه عن الارتواء بما يستلزمه الوعي في رحلة البحث عن حقوق لم يُسمع عنها سوى في ألسنة مذيعي الأخبار.. مما جعل علي طالب يردد مقولته«في بلدنا يحكمنا أشخاص لا يتجاوزون أصابع القدم.. وحدهم من يتحكمون بآمالنا ومستقبلنا». أتت الثورة ورأى ذلك الزخم الشعبي، وما إن نصب الثوار الخيام حتى شكلوا حالة جعلت أنظار العالم تحدق إليهم بغية الوقوف على قضيتهم وتحقيق مطالبهم.. ذلك جعل المهمش علي طالب يقول مقولة أخرى«نحن أول من اعتصم كوننا الفئة التي تقطن الخيام دون أن يلتفت إلى قضيتنا أحد، وما إن نصبتم خيامكم حتى التفت الجميع إليكم.. ربما العلم الوطني وحده من تُشكل بشرتنا السوداء جزءاً منه وإن كنا أسفله». استمر علي طالب في نضاله الحقوقي في وطن ضاقت مساحته على هذه الفئة مخلفة لها خيمة زرقاء تكبر ذلك الوطن من وجهة نظر المهمشين.. جاعلة سقف آمالهم لا يتجاوز سقف تلك الخيمة؛ والتي بإمكانهم ملامسته بأكفهم المنبسطة، والتي لم يحن الوقت لثنيها وقد وجدوا وطناً يضمن لهذه الفئة حياة كريمة.. خصوصاً وهم في واقع ينال التكريم فيه قطاع الطرق وناهبو أقوات الشعب. ظلت تلك اليد المنبسطة للمهمشين بمثابة حصالة يومية تقع فيها عملة حديدية جافة لا تمتلك قيمتها الشرائية؛ كحال هذه الفئة التي لا تمتلك قيمتها المجتمعية. المثقف والأخ العزيز والحبيب/ علي طالب.. كان من القلائل الذين لم يبسطوا أيديهم لسؤل الآخرين.. إلا أن أحدهم كان قد بسط يده لقتله..لأرى في تلفوني رسالة«علي علي طالب الوصابي قتل». هكذا تلقيت الفاجعة، كان حزني كبيراً كحال مدينة إب.. كنت أدرك بأن هناك مشروعاً تم اغتياله كون علي طالب الوحيد من هذه الفئة التي ينادي بحقوقها والوحيد الذي استطاع الاختلاط بمقايل المجتمع ومنتدياتها ومنظماتها.. والوحيد الذي يعرف متطلباتها. إنشاؤه لجمعية الكف الأسمر.. تمثيله الواعي لفئة المهمشين، مشاركته في العديد من الفعاليات عضوياته في المنتديات كل ذلك لم يكن آخر أوراقه بل كان آخرها مشروع بناء مسجد لهذه الفئة. وأنا في منزله برفقة محمد عبد المجيد وعادل الشراعي ووضاح سبأ وأحمد خرصان وجميل الكامل وخليل المهنأ وغيرنا ممن زار الأسرة كالوكيل علي الزنم.. وأثناء سماعنا لحديث زوجته(سعيدة) أدركنا أنه رحل مما يستوجب أن يجعل كل منا ذاته علي طالب للانتصار لهذه الفئة. كان الراحل القتيل علي طالب قد سمى ابنه الصغير (أوباما) ليس للحصول على رئاسة اليمن بل لكي يقرأ أوباما مسيرة ما عانته هذه الفئة في الولاياتالمتحدة وما آلت إليه أحوالهم.. عسى يقتبسون منها ما يتناسب وواقعهم.. رغم إدراكهم أنهم في واقع لم تنفع فيه اقتباساتهم القرآنية التي حفظوا بعض عباراتها علّ أحدهم يلتفت إليهم وإن استلزم ذلك قراراً شجاعاً. رابط المقال على الفيس بوك