إن القارئ المحايد للأحداث التي شكلت ثورات الربيع العربي يجد التشابه الذي يصل إلى حد التطابق بين تفاصيل ومكونات ومدخلات ونتائج المشهد الثوري مع وجود الاختلاف الضرورة الناتج عن الموقع والقرب أو البعد من مصالح اللاعبين الدوليين وأمن وسلامة إسرائيل. ثورات الربيع العربي كانت اللحظة المناسبة للتحول والتغيير السياسي والاجتماعي والثقافي لأن الثورات العربية الأولى عجزت في الحقيقة عن تغيير وعي الإنسان، وفرز القضايا ذات الأهمية والأولوية ،و تخليق الأنظمة القادرة على إحداث التطور الفعلي في مؤسسات الدولة والمجتمع وخاصة السلطة وثقافة التعاطي معها أو المشاركة فيها وعلاقتها بالمجتمع سلباً وإيجاباً. لكن الثورة التي تدمر كل مكونات ومقدرات الوطن تحرق الجميع، وتنسف كل ما تم بناؤه بحجة إبعاد شخص أو القضاء على النظام هي ثورة انتقامية ضد الشعب قبل النظام وتدمير منظم تقف خلفه قوى وأهداف ومشاريع توزعت بين الماضي والحاضر والمستقبل، تخدم المستفيد الأول من كل هذا الإجهاض والإحراق للشعوب والأوطان العربية التي قُدر لها أن تُفصل حياتها وأحلامها ومجالات تفكيرها وفقاً للظروف والحاجات الإسرائيلية. العرب جميعاً يتم الدفع بهم إلى المحرقة بحجة التطهر من لوثة العداء لليهود الصهاينة وكراهة التطبيع والتعايش معهم لأن العالم كله وأولهم الأمريكان والأوروبيون قد خلقهم الله لخدمة إسرائيل وأمنها واستقرارها وتفوقها حسب قولهم والعبارات الصحيحة والصريحة في خطابات زعمائهم التي نسمعها ليل نهار والأفعال والسلوكيات والصفقات والزيارات التي تترجم ذلك وتزيده إيضاحاً، بل لقد تحول الأمر برمته إلى ثقافة يومية لنا. ما يُدار في سوريا أكبر من كونها ثورة تغيير إنه مشروع مدروس ومنظم لتدمير المنطقة العربية وسحبها إلى المربع المُعد للمحرقة الكبرى والحيلولة دون العودة إلى مربع السلامة والقدرة والممانعة أو محاولة الاعتراض على الوصاية الإسرائيلية المباشرة على المنطقة والشعوب المحيطة بها. استقطاب الفاعلين الإقليميين إلى المسرح السوري والدفع بالشباب العربي إلى الالتحاق بالمقاتلين بدعوة أو فتاوى الجهاد، وتعدد مسميات المسلحين المُعدين للقيام بمهمة التدمير الداخلي لسوريا الأرض والإنسان أمر قد خُطط له وتم اعتماد الدعم المادي من الخزينة العربية ولن تتردد في تواصل ذلك حتى آخر برميل نفط عربي، يقابل ذلك دعم إيراني ودخول حزب الله والحرس الثوري مربع الصراع وخط الممانعة بشكل علني. الأمة العربية والإسلامية ستذبح من الوريد إلى الوريد في الحلبة السورية وسيحترق الجميع ويخسر الجميع لتربح في النهاية إسرائيل وليس أحداً غيرها وليجاهد الجميع في سبيل الشيطان. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك