بدأ الربيع العربي مفاجئاً وانتهى مفاجئاً كما بدأ , حقيقة ثورات الربيع العربي قادت للتغيير الإيجابي حتى اللحظة في تونس بينما في مصر وليبيا فلا يزال الجو ملبداً بالغيوم . ربيع ثوراتي لم تتحدد ملامحه بعد فما فاجأنا به عند حلوله فاجأنا في ختامه , بدأ وانتشر في القارة السوداء وحقق نجاحاً غير عادي رغم ضبابيته , ودخل الجزيرة العربية وحطَّ رحاله في اليمن والبحرين وسوريا والسعودية . في البحرين والسعودية تمَّ كتم الأنفاس المطالبة بالحقوق والمساواة وسط الصمت والتجاهل الدوليين لأنه جاء على غير المراد أو حَرَفَ مساره . في اليمن بدأ بريئاً وكاد أن يلتهم لولا طوفان المفاجآت الذي أفشله فتحول من مطالب شعبية حقوقية إلى مناكفات وصراعات سياسية أفرزت في الأخير شحناً طائفياً ومذهبياً يهدف لإشعال الفتنة بين مكونات وأطياف أبناء اليمن : الشافعية والزيدية , الوهابية والسلفية , القوى الحداثية والتقليدية . تتَّقد في صعدة وتخبو في أبين والعكس , تنطفئ في الجوف وتظهر في عاهم , تشتعل في ساحات وتتوقف في أخرى , تتوارى في لحج وتعود في رداع , تحضر هنا وتغيب هناك . معها يتساءل اليمني : أين ثورتي ؟ ما الذي يحدث في وطني ؟ هل أريد لهذه الثورة أن تكون قاصمة التعايش الأخوي والتماسك الإجتماعي ؟ في سوريا المقاومة : تتغير المعادلة عن اليمن فسوريا التي تمثل محور الممانعة العربية ومأوى القيادات المناضلة ةقناة الدعم والتواصل للمقاومات الإسلامية في لبنان وفلسطين , تتضخم الأمور فيها إعلامياً عربياً ودولياً ليس حباً في عيون الشعب السوري وإنما لقصم ظهر الممانعة المقاوم لإسرائيل . مع الإعلام المتهالك على سوريا يخبو صوته عن الحق الفلسطيني والقضايا العربية وما يتعلق بإسرائيل , شخصياً لا أرى في النظام السوري إلا كما بقية الأنظمة العربية القمعية التي يجب أن تتغير بإرادة شعوبها لا بالمؤامرات العربية والدولية والأيادي العميلة الملطخة بالأموال القذرة . تركيا المهرولة : كانت القيادة التركية الجديدة محل إعجاب الشعوب الآملة في استعادة الدور الإسلامي المضاد للتكتلات وتغير موازين القوى لكنها كشَّرت عن أنيابها لتظهر الوجه القبيح الذي ينساق خلف الرغبات الغربية طمعاً في عضوية الإتحاد الأوروبي ولو على حساب الشعوب ومقدراتها وسيادتها فيا أسفا على تركيا . لليمن وسوريا من لا يغفل " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " وهو على كل شيء رقيب .
