في عِزِّ ظهيرة يوم الثلاثاء 14مايو الجاري، ومع شدة وطأة (أربعينية) دخول الصيف القائظ في مدينة المكلا عاصمة حضرموت الساحل، أوقفت (شركة حضرموت الاستثمارية لتوليد الطاقة الكهربائية) جميع مولّداتها الكهربية التي تستعين بطاقتها المؤسسة العامة للكهرباء «منطقة ساحل حضرموت» المملوكة للدولة، وعلى الفور بدأ مسلسل قاسٍ للإطفاء يعمُّ المدينة وضواحيها المكتظة بالسكان وينغّص عليهم راحتهم وحياتهم المعيشية، إذ لم تستطع مولّدات المؤسسة الكهربية بمنطقة (الريان) و(خلف) في المكلا مواجهة الأحمال الكهربية لضعف قدرتهما التوليدية مقابل استهلاك المواطنين للطاقة لمواجهة الارتفاع غير الطبيعي في حرارة هذا الصيف، ما اضطرها إلى قطع التيار عن كل حي سكني لمدة ساعتين بالتناوب مع بقية الأحياء والوحدات السكنية منذ تلك الظهيرة. وفي صبيحة اليوم الثاني الأربعاء أسفر سخط وغضب المواطنين نتيجة معاناتهم لليلة قاسية من الحر والظلام عن إحداث شغب وقطع الطرقات، وإحراق سيارة مواطن من إحدى المحافظات الشمالية، رافقه إحراق “بساط” الخضار والفواكه لمواطنين من خارج المحافظة؛ ما ولَّد بدوره حالة استغراب ورفض لهذه الأفعال الصادرة عن بعض الشباب والتي طالت مواطنين عاديين من المحافظات الشمالية لا ناقة لهم ولا جمل في تراجيديا مسلسل الإطفاء القاسي، سوى أنهم من المحافظات الشمالية قدموا إلى حضرموت طلباً للرزق ولقمة عيش شريفة، وكاد هذا السخط والغضب المنفلت أن يمتد طوال ذلك اليوم ويزداد الموقف حرجاً لولا الجهود الكبيرة التي بذلها الأخ خالد الديني، محافظ حضرموت والأخ محمد سعيد باقطمي، وكيل المحافظة مع معالي الأخ صالح سميع، وزير الكهرباء طوال ليلة الثلاثاء وصبيحة الأربعاء، ومع رئيس مجلس إدارة شركة حضرموت الكهربية الأخ باجرش، وتفهم الأخير معاناة المواطنين فأسفرت تلك الجهود عن الإعلان عند الثالثة من عصر يوم الأربعاء المشار إليه بإعادة التيار الكهربي وتخلّيه عن مسلسل الإطفاء من تلك الساعة إلى اليوم الأول من شهر يونيو القادم كآخر مهلة لحل الإشكالية بين مؤسسة الكهرباء و“شركة باجرش”. ونقل موقع (المكلا اليوم) عن الوكيل باقطمي تصريحاً قال فيه: «تم توقيع اتفاق بين وزير الكهرباء وشركة باجرش والسلطة المحلية في المحافظة ومحامي الشركة (علاو)، على أن يقدّم كلا الطرفين وجهة نظره على العقد في اجتماع يوم الاثنين القادم 5/20/ 2013م بحضور رئيس المؤسسة العامة للكهرباء، كما تم تشكيل فريق قانوني لتفسير بنود العقد وإزالة أية إشكاليات فيه، كما تم الاتفاق على تأجيل خصم غرامات الأفراد في استهلاك الوقود المحتسبة من مؤسسة الكهرباء على الشركة حتى يتم حل الإشكال ودّياً في موعد أقصاه 6/1/ 2013م، وتم تعميد الاتفاق من قبل الوزير». خلاصة الموضوع تكمن في تقاعس وزارة المالية ووزارة الكهرباء منذ العام الماضي عن حل الإشكالية قبل استفحالها وحسمها بالاتفاق مع المؤسسة العامة للكهرباء وشركة «باجرش» ودفع مستحقاتها، وقد نبهنا لهذه الإشكالية وعواقب إهمال حلَّها، في مقال نشرته العزيزة (الجمهورية) في عددها ذات الرقم (15514) الصادر يوم 17 مايو من العام الماضي 2012م تحت عنوان (هلا تداركتم حضرموت) قلنا فيه: (أليس من الواجب الوطني المسؤول أن تستجيب وزارتا «المالية» و«الكهرباء» لتوجيهات الأخ رئيس الجمهورية الناصة على أن تطلق الأولى التعزيزات المالية لمشاريع إعادة تأهيل محطة كهرباء «الريان» في ساحل حضرموت التي خرجت بعض وحداتها عن الجهوزية جراء حريق غامض حدث في يوليو 2010م، وأن تستجيب للتوجيهات الناصة على تسديد استحقاقات شركات كهرباء “ باجرش” و “بلحامض والمحضار” في حضرموت على فرع المؤسسة العامة للكهرباء هناك, والتي لا تتعدى الثلاثة مليارات من الريالات تقريباً, لتستمر تلك الشركات في إمداد محطاته بالطاقة, وأن توجّه الثانية إدارة المؤسسة العامة للكهرباء بإرسال مهندسيها لإصلاح تلك الوحدات المتوقفة عن العمل منذ ذلك التاريخ، وأن تعيد ما سحبته من طاقة كهربائية تقدّر بعشرين ميجاوات من حضرموت الساحل, وهذا أبسط الإيمان؟!». فهل تتدارك الأمر حكومة الوفاق وتجنّب حضرموت ويلات صيف قائظ لا يرحم، ولكي تعيد ثقة أبناء حضرموت في حكومتهم الموقرة..؟! نأمل في ذلك. رابط المقال على الفيس بوك