كان ذلك في منتصف عام 2000، حين كانت الجثث تتكدس في الشوارع، القتلى بالجملة، والجرحى لايحصرون،وبلدوزرالموت الاسرائيلي يجرف مدينة جنين الفلسطينية، دون هوادة، عندها تدخل البيت الأبيض بعمل هدنة بين الجلاد والضحية، ورأت حماس أن الثأر واجب مقدس، وكان لها ما أرادت، فقد تقدم “استشهادي” من أفرادها وفجّر نفسه عند مدخل مرقص دولفيناريوم في تل أبيب أثناء حفلة صاخبة، مرأى الدماء والأشلاء المتناثرة وتبني حماس للعملية، وصخب الشارع الاسرائيلي، شكّل حالة عُصاب ذهني لدى رئيس الحكومة الاسرائيلية شارون، فقرر معاودة الاقتحام للمدن الفلسطينية، واستخدام سلاح الجو، حتى تُسوى المدن بالأرض. لم يكبح جماح دموية شارون حينها غير نصيحة حكيم سياسي، “يوشكا فيشر” وزير خارجية ألمانيا وقتها، قال مخاطباً شارون: أصبح العالم كله مقتنعاً بدمويتك، ووحشية الدولة الإسرائيلية، و«حماس» أهدتك الفرصة الذهبية، لتجلس على مربع الأخلاق العليا، لا ترد بالمثل، اجعل عدسات الإعلام على موقع الحدث: الدماء، الجثث المتكدسة، الأشلاء المتناثرة، الأماكن المحطمة، وقل للعالم: هذا هو الإرهاب، لكننا لا نرد بالمثل، أخلاقنا لا تسمح بقتل الأبرياء. شارون لم يكن لديه ذهنية حاكم عربي،لا معقب لأمره، وقرر تنفيذ النصيحة بتفاصيلها، وكسب المعركة إعلامياً في الشارع الغربي، وتحول في دقائق من جلاد، إلى ضحية وحمل وديع. جماعة الحوثيين اليمنية افتتحت مشوارها بأفكار دخيلة على المذهب الزيدي، و«حسين” مؤسسها كان يردد في أكثر من محاضرة قرأتها: “نحن الشيعة”، واليمن كلّها ليس فيها شيعي واحد، ثم تطور الأمر إلى حصاد الزكاة والضرائب من المواطنين، بعيداً عن مؤسسات الدولة، وكانت الحرب الأولى في يونيو 2004 أول مشاريع “الجماعة” العلنية في قتال الدولة، ثم قتال المخالفين من “السلفية”، ودارت عجلة الموت خلال ستة حروب عبثية، في صعدة وشمال عمران، أرهقت مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمالية، وارتفعت نسبة الفقر نتيجة وفاة آلاف الرجال العائلين لأسرهم، من الطرفين، وتراكمت أيادي البطالة بين الفلّاحين الذين حصدت الحرب مزارعهم، ولم تعمل سوى السواعد المستأجرة، في ساحات القتال. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك