هذا الأسبوع قُوبل تعيين أحد النافذين برفض وسخط شعبي؛ هناك مبّررات لهذا السخط وأسباب لهذه المخاوف، الأصل أن يُؤخذ في عين الاعتبار ما يحقّق مصلحة الوطن والدولة المنشودة. لا يوجد مع الكثيرين من أبناء الشعب عداء شخصي ولا معرفة شخصية بهذا أو ذاك؛ القضية إذاً ليست شخصية وإنما عامة مرتبطة بذاكرة الشعب وتتعلّق بكرامته وبتطبيق القانون ومبدأ المواطنة المتساوية كأهم مبادئ الحياة الكريمة. هناك أناس ارتبطوا بأعمال فيها امتهان للإنسان اليمني ومخالفة للقانون؛ بل التعالي عليه، وعندما يُمتهن المواطن في أية منطقة، وتُتناقل أخبار هذا الامتهان؛ فإنه يترك جروحاً عند كل الناس، ويحسُّ الضمير الجمعي أن هذا يعد امتهاناً لكل المواطنين وانتقاصاً من كرامة اليمن، والثورة جاءت من أجل كرامة الناس وإنهاء هذا الانتقاص. هؤلاء لا يعون الأمر على هذا النحو وإنما ينطلقون من علاقة بين الرعوي المطيع وشيخه الذي يأمر فيُطاع حتى ولو بالقوة ووسائل نهب الحول والبقرة والطرد من المنزل وما شابه، ويعتبرون ذلك من حقهم وواجبهم هو إخضاع الرعوي وليس خدمته؛ مع أن الوظيفة العامة هدفها خدمة المواطن وتطبيق القانون، وهذا غير وارد عند هؤلاء؛ بل العكس هو الصحيح، فعملهم هو مراقبة عنق المواطن وتخفيضها في حالة ما تطول "شوية" أو حتى كسرها. وقاعدتهم الذهبية هي «الرعوي مثل السقف.. إذا لم تدعّسه يبكّر يخلي..!!» وهذا هو ما أضعف الدولة المنشودة وغيّبها، واستمراره سيُفشل أي تحوّل إلى دولة قوية ومواطنة متساوية، ولا يمكن بعد الثورة الشعبية أن يأتي تعيين شخص أو أشخاص لهم باع طويل في التجاوزات ضد المواطنين ويعتبرون أنفسهم ملوكاً صغاراً لهم دولتهم الخاصة وسجونهم الخاصة؛ ويُعاملون المواطنين كرعية وليس مواطنين خاصة من دخلوا في خصومات وعداوات مع المواطنين وكسر عظم وتشريد؛ ثم يأتي المواطن بعدما شعر أنه تنفّس ب«الثورة» ليجد النافذ أو الظالم وقد انتقل من القرية إلى السلطة؛ وبدلاً ما يواجههم بعساكر يلبسون لباساً مدنياً؛ يواجههم بنفس العساكر «بس لابسين ميري رسمي..!!» مثل هذا فيه انتكاسة واستفزاز لكل من ينشد دولة القانون؛ الأمر لا يتعلّق بفلان أو فلتان؛ بل بكل أصحاب النفوذ المخالف للقانون سواء أكان اسمه شيخاً أم عسكرياً أو أستاذاً أو عالماً، فكل من يمارس أعمال الدولة ويمتلك جنوداً يستعرضهم ويغتصب بهم حقوق الناس ويتحدّى بهم القانون؛ فهو يمثّل عائقاً أمام دولة الشعب، ولا يصلح للمناصب العامة؛ هذا إلا إذا أردنا تخريبها. الأصل أن يطبّق عليهم القانون، وتُزال هذه المظاهر، وهذا لا يأتي بتسليمهم مناصب عامة، فما الذي سيفعلونه بالمنصب العام غير تقوية نفوذهم المخالف للقانون والدوس على المواطن والقانون..؟!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك