وسط ذهول من الجميع وضع فوهة المسدس فوق رأس السائق الأعزل بعد إطلاقه رصاصة مدوية في الهواء ،، أخذت الرصاصة كل الضجيج الذي أثاره الزحام ولم تبق لنا غير خفقان القلوب المذعورة ، وتم اقتياد السائق تحت التهديد وأمام المشاهدين إلى جهة غير معلومة المصدر ، وعاد الناس إلى استعادة ضجيجهم وتنافسهم المضني لتجاوز الزحام وكأن شيئا لم يكن . - لم يكن مشهدا تمثيلياً من أفلام الأكشن بل كان مشهداً حقيقاً في منتصف النهار من يوم السبت (30/ 6 / 2013م) وعلى مرأى المئات من المشاة من أبناء تعز وأمام السيارات المزدحمة والمكتضة بالركاب ،، ولم يكن مكان المشهد مدينة هوليود السينمائية بل مدينة تعز الحالمة وتحديداً وسط شارع المغتربين أسفل ساحة النصر . - بعد هول الصدمة أسرع زميلاي للنزول من سيارتي يتقصون مصير السائق المدان في رأي حامل السلاح وعصبته بسبب اصطدامه بمؤخرة سيارتهم ولو كان خطأ ،، وعاد زميلاي وقد ملأ الأسى قلوبهم وحولت الصدمة سعادتهم الغامرة إلى كآبة قاتمة ،، فهم لم يعرفوا الحكم الذي سيصدره الجناة على الضحية بعد ترويعه وتهديده ،، وأخذنا نتلاوم على موقفنا السلبي لحظة الحدث . - كنا نعتذر لسكوتنا بأننا كنا عقلاء أمام شاب أحمق قد يدفعه تدخلنا إلى ضرب الرصاص وسط الزحام وقتل السائق أو غيره من الأبرياء ،، غير أن صوت الضمير كان يعترض علينا ويصفنا بالجبناء الذين يتذرعون بالعقل ليتستروا على الخوف الكامن في نفوسهم ،، وأمام صوت الضمير اعترفنا في صمت تؤيده النظرات الخجولة أن تطاول أحمق أو مجموعة من الحمقى على مواطن واقتياده بالسلاح أمام صمت العشرات أو المئات في وضح النهار لا يمكن أن يوصف بغير التخاذل والضعف. - تساؤلنا ما الذي أصاب مدينة تعز وحولها إلى غابة يسود فيها قانون السلاح لا سلاح القانون ؟؟ ،، أين المدنية التي كنا نرقص على أنغامها في أوج خريف الفساد والاستبداد ثم فقدناها بعد ربيع الثورات العربية ؟؟ ،، كيف تجرأ بلطجي بمسدسه على هتك قداسة ساحة النصر التي حمت شباب الثورة وكسرت مهابة جيش العائلة يوم فروا من أمامها مذعورين فوق دباباتهم ؟؟ ،، تلك الساحة التي مكنتنا من استعادة كرامتنا المهدورة بعد محرقة تعز وكانت انطلاقة العودة إلى تحرير ساحة الحرية . - يا ترى من المسئول عما يجري في تعز من انفلات أمني خرج علينا متبجحا من وكره المستور ليطال الناس في كل وقت وفي اي مكان دون خوف أو حياء ؟! ،، أين الوعود التي تغنت بها السلطة المحلية في نشر الأمن وزرع الاستقرار ؟! ،، أين إدارة الأمن المنوط بها حماية المواطنين وترويع القتلة والمجرمين ؟! ،، لماذا يسكت شباب الثورة في تعز عن الفوضى التي عبثت بكل شيء جميلة تزينت به مدينتهم الحالمة ؟! ،، في الحقيقة - لست أدري -ولماذا لست أدري ؟ لست أدري ! . رابط المقال على الفيس بوك