نبحر إليك ياعيدنا العظيم فوق سفينة تتهادى قليلاً وتضطرب كثيراً فوق لجج من الأمواج العاتية تحيط بنا فوقها أسماك القرش من كل الجوانب فلا نعلم أين سيكون مستقرنا؟! هل سننجو ياعيد ؟ هل تكتب لنا السلامة فنصل شاطئ الأمان؟ أم نستقر في بطن حوت ليس فيها سوى الخوف والظلام والضياع؟! هل ثمة من قارب للنجاة من هول ما نجد؟ إننا نشعر بالأمان كلما قدمت علينا يا عيد، نشعر أن الله تعالى يرسلك لتبدد اليأس من نفوسنا وتزرع فيها الأمل، كما نشعر أنه ليس لسفينتنا أمل في النجاة سوى الاستعانة بأنهار الرحمة في قلوب الخيرين من أهل الخير والصلاح الذين مازالت الأرض تتزين بوجودهم، إن الذي سوف يساعدنا على الخروج مما نحن فيه ليست هي القوة أو الشدة أو الكراهية ومادام الأمر كذلك لابد من استبدال أنهار الدموع التي نراها تغص بها عيون الأطفال المصابين بداء السرطان وتغص بها عيون آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم الذين لا حيلة لهم في الدفاع عن حياة أطفالهم سوى إرسال الدمع كأنها المطر تصب في أنهار كل مائها دموع، لابد من استبدال هذا الألم كله وهذا الخوف كله بأنهار من الرحمة والشفقة ليس فقط خلال فترة العشر المباركات والعيد المبارك وإنما خلال كل أيام العيد. رسالة وصلتني هذا اليوم كما وصلت الكثيرين منكم من المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، فلم نجد بداً من إرسالها وإليك ياعيد لتشفع لهؤلاء الأبرياء الذين مازالت قلوبهم نقية ونفوسهم طاهرة وعقولهم نظيفة، تشفع لهم يا عيد عند أهل الخير، ليسارعوا إلى نجدتهم يقولون في رسالتهم : “ في أيام هي أحب الأيام إلى الله.. من عظمتها أقسم المولى بها وقرنها بإعجاز الفجر فكانت “ والفجر وليال عشر” وتمضي الرسالة تقول “ونحن هنا على أمل بالله عز وجل كبير.. يفوق أوجاعنا وآلامنا.. نمد إليكم حبال الوصل.. لنبني لحظات السعادة ونعلو في مراتب الأجر.. فيصبح الغد أجمل ويزهر الأمل أكثر وتطيب ثماره فيرتد في حياتكم رزقاً وافراً، وسعادة دائمة وبركة في الحياة وبعد الممات تمتد آثارها على المال والأهل والولد فتكون عملاً صالحاً مستمراً تتواصل كتابة حسناته بعدد الثواني والدقائق والأيام ودعوات المرضى التي ترتفع من قلوب نقاها الوجع وطهرها الألم لكل من يساهم في دعم علاجها أو توفير احتياجاتها أو التخفيف عن الضعفاء منهم أو رسم براءة بسمات الأطفال من ضحايا مرض السرطان عبر دعم مركز الأمل لعلاج الأورام وأنشطته المتعددة التي تشرف عليها المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان..” هذه ليست نشرة تجارية وإنما هي وصفة إنسانية، بل هي دعوة لعمل الخير في أسمى معاينة وأفضل شروطه وأرقى أهدافه في هذا العيد العظيم : كم تريد أن تضع في يد ابنك أو ابنتك كم تريد أن تنفق على أبنائك وبناتك يوم العيد؟ عشرة آلف ؟ خمسة ؟.. ألف ؟ نصف هذه المبالغ؟ إنه مال قطعاً ضائع لا قيمة له لأنه يذهب هباءً وأكثر هذا المال الذي ينفق يوم العيد على الأبناء ليس فيه سلامة، لا للصحة ولا للعقل ولا للتربية، إنه مال ضائع أما لو وضعت هذا المال لإنقاذ طفل من داء السرطان أو من أي داء عضال فقد اشتريت صحة أبنائك وسلمت لهم صك “سلامة”.. وضمنت لهم عافية وسعادة كم من ذخيرة يبددها العقلاء والمجانين على السواء، يرسلون الرصاص في الهواء ويبددون ذخيرة تكفي قيمتها لإنقاذ طفل من داء الصرع أو داء السرطان أو أي داء من الداءات المنتشرة في اليمن.. بالله عليكم صوموا عن الآثام في هذه الأيام المباركة.. بالله عليكم افطموا أنفسكم عن أكل الحرام في هذه الأيام وتوقفوا عن إغضاب الله وإسخاطه عليكم حتى لا يعم غضب الله وسخطه علينا جميعاً. فأي سفه أعظم من هذا السفه الذي يجعل الإنسان يبدد في الهواء الآلاف من الذخائر الحية التي يكون في الغالب قد سرقها من معسكرات الدولة أو اشتراها من المال الحرام، لأن المال الحلال لا يجعل صاحبه سفيهاً ولا مسرفاً ولا مؤذياً، أما المال الحرام فيذهب في الحرام كما جاء منه، وأي وطنية هذه بل أي نخوة هذه التي تجعل الإنسان يصم آذان جيرانه ومواطنيه بإطلاق الرصاص بكثافة فوق رؤوسهم بحجة الولائم والأعياد أو حتى بدون حجج أو مبررات أو مروءة هذه التي تجعل الإنسان لا يأبه لمشاعر من حوله من أطفال ومرضى وشيوخ وعجائز فأين هي المروءة عند هؤلاء؟ وقد كان حري بهم وأجدر أن يكفروا عن ذنوبهم وسيئاتهم في الكف عن إيذاء الناس وتخصيص قيمة هذه الذخائر في مساعدة مرضى السرطان ومرضى الصرع ومرضى داء الكبد وغيرها من الأمراض فلو أنهم فعلوا ذلك لوجدوا الله تواباً رحيماً فيكونوا قد أنقذوا أنفسهم من عذاب الله الذي جعله من نصيب كل مؤذ ومسرف ومتكبر. وأخيراً أقول كلمة “سر” في أذن كل طاغية صغير أو كبير.. سوف تمر الأيام أسرع مما تظن وسوف تجد نفسك تعاني وتتألم من كل الآلام والغصص التي جرعت بها جيرانك ومواطنيك فكما تفعل تجد وكما تدين تدان. رابط المقال على الفيس بوك