لا أظن بأن هناك مواطناً في المعمورة يقبل بتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة على وطنه. كذلك نحن هنا في اليمن لا أظن بأن أحداً من اليمنيين سعيد بما اتخذه مجلس الأمن الدولي من قرار بشأن اليمن ووضعه تحت طائلة هذا الفصل. ولكن لابد من وقفة مع النفس قليلاً ليسأل المرء نفسه ما الذي حدا بجميع أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشر دون معارضة حتى صوت واحد. هل يُعقل أن الصراعات والمنافسات والتناقضات والمماحكات والمناكفات انتهت بين هذه الدول بمن فيهم الأمريكان والروس؟. لا ريب بأن ثمة أمر جلل في اليمن يجعل هؤلاء المتناقضين؛ المتنافسين يتفقون على رأي واحد. ولكن بالنظر إلى طبيعة المشهد السياسي في اليمن وتصرفات شخوصه وطرق تفكيرهم النظرة السريعة غير الفاحصة سيتبدد أي وجه من أوجه الاستغراب من صدور قرار كهذا، بل وستتعزز القناعات بمدى صوابيته وصواب الحيثيات التي استند إليها. منذ ما يقرب من الثلاثة الأعوام ويزيد والمجتمع الدولي يسعى دون نشوب أي صراع في اليمن من شأنه أن يؤدي إلى اشتعال الحرب الأهلية. منذ ثلاثة أعوام ويزيد والمجتمع الدولي يدعم مسار المصالحة الوطنية بين كافة الأطراف بما فيها السلطة السابقة ولذات السبب لكي لا يقع اليمنيون في أتون الحرب التي تخرب وتدمر الأوطان وتشرد السكان وتهدد القاصي والداني. منذ ثلاثة أعوام ويزيد والمجتمع الدولي يؤكد لليمنيين بأن موقع اليمن ليس محلاً للمراهنات والصراعات وتصفية الحسابات الشخصية الضيقة. ولكن هذه المساعي الدولية لم تجد من يصغي إليها في اليمن ، أو لنقل لم يعرها اللاعبون السياسيون اليمنيون أي اهتمام، فظلوا في “طغيانهم يعمهون” ليس حرصاً منهم على الوطن أو بدافع تحقيق المصالح العليا للبلد وبالتالي تحقيق الأمن والاستقرار الذي يبتغيه المجتمع الدولي، بل لتحقيق مآرب شخصية لا ترتقي حتى إلى مستوى تحقيق فائدة شخصية بقدر ما هي لإشباع روح السيطرة والانتقام أو محاولةً لفرض نوع من الوصاية على الشعب من جديد وبذات الوسائل والطرق التي عافها الزمن وعافها الشعب وثار بسببها. لم يتلقف “اليمنيون” أو بالأحرى المتسلطين عليه رغبة المجتمع الدولي ،وبصرف النظر عن مدى نبلها وسمو غايتها، وبصرف النظر عن الدوافع التي يقفون خلفها من تبنيهم لهذا الموقف فهي تكفي أنها تلتقي مع تحقيق الأمن والسلم الاجتماعي الأهلي والذي جعله المجتمع الدولي من تحقيق الأمن والسلم الدولي الخاص به. وهو ما يطمح إليه اليمنيون وما يأمله المواطن البسيط الذي إذا ما سألته عن أول أولويات حاجاته التي يفتقدها ليجيبك الأمن والأمان. وبما أن “حكام اليمن” السابقون لم يدركوا ولم يعوا كل ذلك، فلا مناص من وضعهم تحت الوصاية الدولية، كإجراء احترازي لوقاية العالم من شرهم وأذاهم ولحماية أنفسهم أولاً وثانياً مما قد يترتب على تصرفاتهم الحمقاء...تماماً كالسفيه المالك لثروةٍ عظيمةٍ، الذي يضطر أهله قد يكونوا أبناؤه للحجر عليه بحكم محكمة حمايةً له ومنعاً لتبديد الثروة وأضراره بالآخرين. ومع عدم الجدوى من أهمية موقف كل طرف من هذا القرار رفضاً أو قبولاً، فلا جدوى من البكاء على اللبن المسكوب، ودعونا ننظر إلى الأمام ونأخذ الجانب الإيجابي في هذا القرار خصوصاً وأن هناك فرصة مدة اثنى عشر شهراً كاملة لكي تراجع فيها القوى اليمنية مواقفها وترشد مفاهيمها، فإذا آنس مجلس الأمن رشداً منهم فلا شك أن كثيراً من المواقف ستتغير. ولأكثر المتشائمين نقول بأن وضع اليمن مختلف عن وضع العراق ووضع ليبيا. وللتذكير بأن ما آلت إليه ليبيا في الوقت الحاضر من أوضاع لم يكن بسبب الفصل السابع واستخدامه، بقدر ما كان بسبب الليبيين أنفسهم ومن سوء استخدام السلطة من قبلهم، وهو ذات الحال في العراق مع فارق الأسباب والمسببات. وللتذكير أيضاً فيما يخص القرار في ليبيا فإن هذا القرار قد أنقذ الليبيين من سلطة كان لديها الاستعداد النفسي والمادي لإبادة الشعب الليبي كاملاً مقابل أن يبقى متسنماً للسلطة تحت أي مسمى. [email protected]