لا يختلف اثنان، على أن الاستثمار في المشاريع الإنتاجية الكبرى، إنما يمثّل أهمية كبيرة في التقليل من نسبة البطالة من خلال إيجاد فرص عمل للأيدي العاملة، سواء الماهرة الفنية منها، أو العادية، وأهمية أخرى للاستثمارات الوافدة، العربية أو الأجنبية، تكمن برفد الخزينة العامة بعائدات نقدية مهمة من المداخيل الضريبية والجمركية، وأية عائدات رسومية أخرى يحددها القانون. ولتحقيق وجود هذه الاستثمارات، ينبغي إيجاد بيئة مناسبة يتحقق فيها توافر دعائم ثابتة حامية لعملية الاستثمارات، هذه الدعائم تتحدد في وجود استقرار أمني ثابت ومستدام، يُرافق ذلك وجود جهاز قضائي فاعل، ومسنود بتشريعات وقوانين سارية وحامية ومشجعة لهذه الاستثمارات. فالمستثمر، أيّ مستثمر إنما هو رشيد، بمعنى لا يمكن أن يلقي بماله في مكان لا يضمن فيه الحماية والاستقرار، لاستثماراته، أي أن هذا المستثمر أو ذاك، قبل أن يأتي للاستثمار، يبدأ بإجراء الدراسات لمختلف الأوضاع للبلد المزمع الاستثمار فيه، من نواحٍ عديدة أمنياً وتشريعاً، وقضائياً وغيرها ثم يبدأ بالعمل، أو يُحجم عن ذلك، وفقاً لنتائج تلك الدراسات. فماذا عن تواجد البيئة الاستثمارية.. هل هي مشجعة أم ماذا؟ الإجابة بنعم، أو بلا.. غير منصفة، ولكن يمكن الإشارة إلى جانب مهم وإيجابي، وهو الجهاز القضائي الذي شهد نقلات نوعية إيجابية، في أطر عديدة، من حيث التأهيل للكوادر القضائية، وإيجاد المحاكم المتخصصة في مجالات عديدة، وكذا النيابات العامة هي الأخرى مزودة بكوادر قضائية وإدارية مؤهلة، والاستقلال القضائي قد صار متوافراً. ومن حيث التشريعات والقوانين، نستطيع القول: إنها مشجعة نسبياً، ويمكن استكمالها قريباً بعد الاستفتاء على الدستور القادم، فالتفاؤل بوجود نقلات تغييرية قادمة في تفعيل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. - وتبقى المسألة الأمنية المخيفة والمرعبة، ولكن حلها غير مستعصٍ، إذا ما عرفنا أن أصحاب إحداث المشكلات الأمنية، قد صاروا معروفين، وهم مراكز وقوى الفساد، الخائفين على انتهاء مصالحهم حينما رأوا أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني قد حددت مكامن الفساد، وحددت أيضاً رؤى التغيير لمراكز الفساد تلك، والذي بدأ أصحاب هذه المراكز، بالسعار المكثف لإحداث الاختلالات الأمنية، بغية عرقلة مسارات التغييرات التي ستطالهم لا ريب، وستكتسحهم مهما حاولوا في افتعال الأزمات، فالقادم، والقادم القريب حتماً سيأتي بالاستقرار الأمني، وستتوافر البيئة المستقرة والمشجعة للاستثمارات..{وسيعلم الذين ظلموا أيّ مُنقلبٍ ينقلبون}.