لا يختلف اثنان على أن عالم اليوم يشهد سباقاً لا يقدر عليه غير الأقوياء خاصة حينما يكون هذا السباق في عالم الإعلام والتكنولوجيا. فكل يوم تفاجئنا التقنية بثورة جديدة، فمن الإعلام التقليدي إلى ثورة التكنولوجيا إلى الإعلام الإلكتروني إلى ثورة أخرى من الإعلام الرقمي الذي أصبح اليوم يتحكّم في كافة أطراف العملية الاتصالية والذي يعد خلاصة لهذه الثورات الثلاث. الإعلام اليوم أصبح يعيش حالة من التغيرات الدراماتيكية السريعة تتوافق مع المتغيرات الحياتية للجماهير، فجمهور وسائل الإعلام اليوم غير جمهور ما قبل عشر سنوات، حيث أن جمهور اليوم أكثر التصاقاً بالإعلام الرقمي الذي ينقل له الصوت والصورة والكلمة بطريقة إلكترونية بدلاً من الطباعة بالحبر أو الصورة التقليدية. إن هذا الاكتساح وهذه السيادة المطلقة التي فرضها الإعلام الرقمي واختراقه لكل الحواجز المكانية والزمانية إضافة إلى حالة التنوع اللا متناهٍ في خدماته ورسائله اللحظوية التي يقدمها للجمهور والتي لم يكن يحلم يوماً بهذه الثورة النوعية في مجال الإعلام حيث نقلته إلى حدود المستحيل.. فبعد أن كانت وسائل نقل الخبر والمعلومة يتحكم بها الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال في العالم أصبحنا اليوم نحن من نتحكّم ومن نمتلك هذه الوسيلة. وبعد أن كنا مجرد مستقبلين للرسائل الإعلامية بأنواعها المختلفة أصبحنا اليوم وبفضل هذه الثورة الرقمية مشاركين بل وصانعين للحدث. وفي ظل هذا الواقع الذي لم يكن بعيداً عن أعين المراقبين الإعلاميين في جميع وسائلنا الإعلامية العربية والتي حرصت على مواكبة هذه الثورة من خلال تواجدها اللافت في جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي «تويتر – فيسبوك – يوتيوب – جوجل – انستجرام وغيرها» مدركة حجم التواجد الكبير للجمهور المستخدمين لهذه الوسائل وقد سارعت العديد من الوسائل الإعلامية العربية إلى رسم استراتيجيات متنوعة تحدد من خلالها طرق الاستفادة من هذه الثورة الرقمية وقد خصصت ميزانيات خاصة لتفعيل حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي وتنشيطها بالشكل الأمثل. فمواكبة العالم لم يعد أمراً كمالياً وإنما أصبح ضرورة ملحة يفرضها الواقع التكنولوجي المعاصر. ما يجب الانتباه إليه في إعلامنا اليمني ونحن جزء من هذا الكون المتسارع الخطى وخصوصاً في المرحلة القادمة من الثورة الرقمية والتكنولوجية كوننا أكثر تقصيراً وتأخراً في هذا المجال هو ضرورة تبني واحتضان العديد من الصحف والمواقع الرسمية الإلكترونية لهذه الثورة الرقمية فصحافتنا اليوم مازالت صحافة تقليدية سواء كانت ورقية أو إلكترونية، حيث أنها لاتزال تمر عبر ناقل إلكتروني وليست صحافة إلكترونية والمختصين في هذا الجانب يدركون ما أقول جيداً، لأن الإلكترونية يتوجب فيها التحديث الدائم والآني للمعلومة وكذلك تنشيط النصوص التفاعلية الجاذبة للمتابع. أقول هذا الكلام وأنا أرى كل وسائلنا الإعلامية الحكومية منها والخاصة لا تتفاعل بالشكل المطلوب مع الإعلام الرقمي خاصة ونحن على مشارف العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين والذي يتطلّب منا أن يكون لنا دور ومقعد في صناعة إعلام رقمي يلبّي طموحات الجمهور والقارئ اليمني.