أتذكر أن قبل عامين عملت مادة صحفية في استطلاع عام حول ماهية الصراع القائم والتحديات الراهنة بين إعلامنا المطبوع وإعلامنا الإلكتروني الرقمي, ومعرفة آراء عدد من الكوادر الإعلامية المشتغلة في الإعلام الإلكتروني والصحافة المطبوعة, وجدت آراءً متباينة تؤكد مجملها بقاء هاتين الوسيلتين الإعلاميتين على الساحة والتداول ولكل له جمهوره, بل أكد البعض أن الصحافة المطبوعة التي ارتبط بها القارئ بعلاقة حميمة من الصعب أن تمحوها صحافة الآلة .. لاشك ومن الإنصاف نقول أن ثورة الاتصالات أدخلت الصحافة المطبوعة في اختبار صعب, وجعلتها تواجه تحديات غير مسبوقة, وهذا برأيي ليس الأول مثل هذا التحدي للصحافة المطبوعة في العالم العربي, حيث سبق أن تعرضت لتحديات مماثلة عندما ظهرت وسائل إعلام أخرى كالإذاعة والبث التلفزيوني, وفي كل تجربة من هذه التجارب كانت هناك أصوات تردد أن هذه الوسائل الجديدة ستكون بديلا للصحافة المطبوعة وهذا ما لم يحدث.. ما تلوكه الألسنة منذ فترة مضت أن نهاية الصحافة المطبوعة وشيكة وفي رمقها الأخير, ومجرد مسألة وقت, لكن ما زال كل يؤتي ثماره ونشاطه الإعلامي في ظل ثبات وتحدٍٍ وديمومة تواصل للبقاء والنجاح – على الرغم من الصعوبات التي تواجه الصحف المطبوعة في العالم أجمع, لكن البعض يبرر بوجود نسبة كبيرة من الأمية الحاسوبية بين العرب, إضافة إلى نسبة كبيرة أيضاً ليست لديها القدرة على امتلاك وسائل التكنولوجيا العصرية, مما يحول دون استيلاء الصحافة الرقمية على مكانة الصحافة المطبوعة, إضافة إلى جانب مهم, وهو الارتباط الروحاني بين القارئ العربي والصحافة المطبوعة, والتي يعتبرها جزءاً أساسياً من عاداته اليومية ..لكن رأياً آخر يعد الإعلام الإلكتروني في تسارع وتطور وهيمنة, ويبرر ذلك القدرة على ملاحقة واقع الحياة اليومية, والمنافسة الشرسة التي يمثلها الإعلام الإلكتروني في ظل تزايد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وما تنتجه هذه الوسائط من قدرة على مشاركة الأخبار بسرعة فائقة.. - يقال بأن العالم الغربي يواجه مشكلة حقيقية في خبو وتراجع الصحافة المطبوعة, نظراً إلى فقدان كثير من القراء الذين انصرفوا إلى الوسائل التكنولوجية, وكثير من إمبراطوريات الصحافة في العالم بدأت تعمل على نقل مطبوعاتها إلى نسخ إلكترونية, بدون شك ..فالتحديات التي تواجه الصحافة المطبوعة في العالم المتقدم أكبر منها بالنسبة إلى الصحافة المطبوعة في العالم العربي.. ولذا ستظل الصحافة المطبوعة متجذرة باقية, وينفي بشدة كثير من الخبراء في عالم الصحافة فكرة إختفاء الصحافة المطبوعة ..