ما أكثرهم بيننا.. بائعو الوهم.. هم أشخاص يحترفون التسويق , يعرفون كيف يروجون لبضاعتهم مهما كانت جيدة أو سيئة حقيقية أم مجرد سراب, يتمكنون من أسر ألباب الناس, وسبي عقولهم والتحكم بها كيفما يشاءون, يستخدمون كل الوسائل والأدوات المشروعة وغير المشروعة للترويج لأفكارهم. يردّدون الشعارات البرّاقة التي تعمي أبصار الجماهير لينقادوا خلفهم بحثاً عن ذلك الوهم الذي وعدوهم به يتبعهم الجاهلون وأنصاف المتعلمين والمتسلقين والمتسولين , يوزِّعون عليهم الأدوار ليصلوا إلى اللا شيء إلى حتفهم أو إلى نهاية مشؤومة تشبه تلك البداية التي ركضوا خلفهم لأجلها. يعزفون على أوتار المشاعر الملتهبة يغذّونها بنار الحقد والكراهية والضغينة على من سواهم, يستخدمون الدين والتاريخ والكذب والتضليل وليّ الحقائق لتأجيج أوارها, يقرأون لهم الكف والفنجان ليرسموا لهم لوحة جميلة لغد أجمل, دون أن يدرك أتباعهم أن هؤلاء الباعة لا يملكون أصلاً أدوات الرسم, وأنهم لا يملكون سوى اللونين الأبيض والأسود. يتقنون ركوب الأمواج التي يصنعها غيرهم لعلها تلقي بهم على شواطئ الوهم المزعوم, قد يصلون أو لا يصلون, ولكن وصولهم يعني نهايتهم لأنه يزيح الغشاوة عن أعين أتباعهم , سوى أولئك الذين مازالوا يقتاتون من بقاياهم العفنة. بائعو الوهم... يعشقون الظلام والسير في دهاليزه الموحشة, يرسمون خططهم في أزقته ,ويجعلون جماهيرهم يتخبّطون في العمى . وهمهم هو مصالحهم الشخصية وأهدافهم الحزبية الضيقة يهمهم جداً خداع الجماهير لأنه سيوصلهم إلى مآربهم, وما هذا الجمهور سوى أداة ووسيلة من وسائلهم القذرة, لا يهمهم ماذا كسب وماذا خسر, المهم أن يكسبوا هم وحدهم. أما بائعو الأمل.. فأولئك الذين يحملون مشاعل النور في أيديهم, يقدمون التضحيات ويتقدّمون قبل الجماهير بخطوة ليتبعهم باطمئنان وقد شملتهم بقعة الضوء, فيخلقون منهم قادة لا تابعين وحسب, يعين بعضهم بعضاً على تحقيق حلمهم, يصنعون الموجات مدركين المكان الذي سيوصلهم إليه ولا يهمهم من يصل أولاً المهم أن تنجو السفينة. بائعو الأمل يُزيحون الغشاوة عن أبصار الجماهير, يكشفون الحقائق ويحفِّزون العقول نحو مزيدٍ من البذل والعطاء, أحلامهم كبيرة وآمالهم لا يحطمها اليأس وهي ممكنة التحقق, بأدواتٍ ووسائل مشروعة واضحة ومحددة, لا يعبثون بالتاريخ ولا يحرِّفون الدين لأجل تحقيقها, ولكنهم يأخذون من التاريخ العظة والعبرة, ويجعلون الدين الحق سنداً لهم, يرسمون الأهداف ويضعون الاستراتيجيات ولا يخشون من إعلانها, ويلوِّنون اللوحة بمعية جماهيرهم فتشرق بالألوان وتكتظ بالأضواء, فجمهورهم مفكر ناقد ومطّلع ومثقف . أحلامهم أكبر من مصالحهم الذاتية وأيدولوجياتهم الضيقة, يبيعون الأمل لكل الوطن ولكل الأمة على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وأنسابهم ومشاربهم وأديانهم, الجمهور بالنسبة لبائعي الأمل هو صاحب الحلم وهو الذي يجب أن يكسب. [email protected]