نحن قوم ابتلانا الله بالكلام والنظريات والدورات وورش العمل بمنأى عن معالجة حقيقية في مكامن الجرح واقتران القول بالفعل، فحين تسوق إلينا المعارف والمعلومات في ورشة عمل عن موضوع ما يخيّل للمرء إننا نتعاطى تطوراً راقياً لمثل هكذا مشهد لتحسين مخرجات هذا القطاع الحيوي وبنيته التحتية. لكن.. آه نصطدم بعقبات ومثالب لا حصر لها على صعيد العمل الفعلي الميداني محلّك سر، فهل يا ترى نحن في اليمن نشطح فوق قدراتنا وإمكانياتنا، أم سبل وطرائق التقدُّم والنجاح أيادٍ تعيقها من مسارها التقدمي..؟!. في الأمس كنت أستمع عبر راديو المكلا إلى تقرير إخباري عن دورة تدريبية حول الصحة والسلامة المهنية التي عُقدت في المكلا الأسبوع الفارط، كل الكلمات أشارت بفداحة المعاناة وقلّة الإمكانيات وضآلتها في مجال السلامة والصحة المهنية - عن ماذا أحدثك يا ترى في الحقيقة أمور صادمة ومزعجة حينما نتحدث عن مفهوم السلامة المهنية والبيئة السليمة للعمل لأننا نلوك ألسنتنا دون جدوى تذكر .. إذا كان كثير من المؤسسات والشركات العاملة لا تلتزم البتة بإجراءات السلامة المهنية بين عمالها وما أكثر المخالفات والتجاوزات والضحية العامل إلا من رحم ربي وهم قليل هل من يعمل لإجراءات سلامة مهنية صحيحة وتدابير وقائية متخذة لهذا الخصوص أو توفير وسائل الوقاية من الحريق والانفجارات في مواقع العمل وتأمين النظافة العامة من أماكن وأجهزة وأدوات.. حقيقة الكل يلمس المعاناة الحقيقية في كافة المؤسسات من تدنٍ واضح في مفهوم السلامة المهنية وقلة وعي بأهمية هذه الوسائل في حماية العامل لأن ثمة من أرباب العمل لا يهمهم إلا مصالحهم وأرباح مؤسساتهم ولو على حساب حياة وصحة العمال متى نرى كل مؤسساتنا تعني وتوفر كافة متطلبات السلامة المهنية في مرافق العمل والإنتاج بدلاً من المرمطة واللا مبالاة التي يكابدها ويكتوي بنارها عمال تلك المؤسسات والمصانع والشركات ولا أحد يُحاسب أحداً، كلٌّ ينادي بحماية العاملين من الإصابات الناجمة عن مخاطر العمل والحفاظ على قيمة الإنسان بوصفه أساس التنمية وركيزتها لكن لا حياة لمن تنادي. الكل يعلم ويعرف التعريف الشامل للصحة المهنية كما عرّفه المختصون بأنه العلم الذي يهتم بالمحافظة على صحة وسلامة الإنسان في أماكن العمل وذلك من خلال توفير بيئة عمل صحية وآمنة وخالية من المخاطر ومسببات المرض والحوادث والإصابات أو بمعنى آخر مجموعة من التدابير والإجراءات التي تتم ممارستها في أماكن العمل في إطار تشريعي بغرض الحفاظ على صحة العاملين من حوادث وإصابات العمل. فهل نسارع لتحقيق أهداف السلامة والصحة المهنية وتحمّل مسؤولية الاستعداد للأزمات وحالات الطوارئ أم لازالت السلامة المهنية في المشمش؟.