كنت في « كوباية ».قرية إيرانية صغيرة ،تحيطها مروج وغابات ،وفي غابتها الشرقية أكلت الكلاب جثة ثريا مانتوشهري. ثريا جميلة جداً والفيلم مرعب للغاية ويتجاوز أحداث وتفاصيل كثيرة في رواية الصحافي الإيراني فريدون صاحب جم: “رجم ثريا “. بعد خلع شاه ايران وصعود آية الله الخميني سدة السلطة السياسية في شباط 1979حدثت النكسة الدينية للإسلام ،وتزامن ذلك مع هيمنة السلفية الوهابية، وكلا التيارين الشيعي والوهابي على ما فيهما من تناقض شاسع ينبعان من الأصولية المتشددة والمرجعيات التي خرجت من معطف السلطة السياسية أو دخلت فيه. وهذه الانتكاسة في مساق الدين الإنساني والكوني والحضاري: الإسلام، لم تكن مجرد حدث انتهى بعد زمنه، فمازلنا نتجرع الموت والخراب بأثر رجعي من تلك السنوات الكبيسة في سبعينيات القرن الماضي. في فلم رجم ثريا والرواية أولاً، تحضر المعضلة. إذ يكشف الصحافي الإيراني المولود في فرنسا فريدون وقائع النكسة عبر تفاصيل مخزية للضمير الإنساني، حدثت فعلاً في كوباية الصغيرة وفي أرجاء متفرقة من ايران الخامنئي. لقد أعدمت السلطة الدينية أكثر من ألفي فتاة على الأقل بطريقة الرجم التي حرمها ديننا الحنيف حتى على الكلاب، وكل ذي كبد رطبة. وكان أول ما فعله الخميني هو تجييش فريق من الملالي العاجلين، الذين سترتكز على سطوتهم الدينية سلطته السياسية وحينها كانت السجون تعج بسجناء من أصحاب الجرائم الجنائية وتجار المخدرات منذ عهد الشاه المخلوع ولم يبذل الخميني الجهد للبحث عن جحفله الديني المناسب خارج السجون ففي يد دولته وأقفاص السجون ثروة بشرية هائلة وصالحة جداً للاستثمار الديني وفق مقاسات القصر. الملا حسن كان أحدهم وأطلق الخميني سراحه ضمن الآلاف الذين أفرجت عنهم القيادة الجديدة وخرجوا من السجون بالعمامة الهائلة والجلباب الفخم والمسبحة والقرآن .إنهم الملالي الذين سيشكلون عماد الدولة الدينية وحصنها الحصين . ومنذ رفع الإسلام عن الأرض وصار الدين عبد السياسة وعصاه الغليظة في وجه من يفكر بالخروج عن ولي الأمر أو توسوس له نفسه أمراً من هذا النوع. وتكشف الراوية الفلم عن قبح. يتم تلفيق التهمة ويصدر المرجع الديني قراراً بالرجم وترفض القرية كوباية دفن ثريا في ترابها الذي تقدست ذراته منذ وطأته قدم الملا المبارك الهابط إلى القرية من السماء السابعة ،على جناح براق ذهبي ، يحفه سبعون ألف ملك. كانت ثريا جميلة بحق. وهي واحدة من مئات الفتيات الجميلات اللواتي قتلن رجماً في ايران بيد من مسبحة ويد من قرآن. وكان أجمل شيء فعلته ثريا هو أنها لقيت ربها بجسد طاهر رفضت بكل شرف وإباء أن يمسسه الملا ولا بطرف أصبع. [email protected]