ليس جديداً أن يعود تنظيم «القاعدة» من آخر الموت ليحقّق ضربات إرهابية موجعة في المساحات الآمنة التي يُفترض أنها تطهّرت تماماً منه، فنحن إزاء أخطبوط يتكيّف مع كل بيئة ويتموّه بلون الأرض..!!. للأخطبوط ثمانية أذرع؛ وخلاياه قابلة للتجديد؛ وهو قادر على إعادة بناء جسمه بالكامل، والأخطبوط يتميّز بالسرعة والتقلُّب وله ثلاثة قلوب، وهو يتناسل عبر أغرب عملية جنسية «الجنس اللا سلكي – الجنس عن بُعد» دونما حاجة إلى الاتصال الجسدي. كذلك هو تنظيم «القاعدة» والمعركة مع هذا الأخطبوط المخاتل لا يجب أن تكون أحادية أو عسكرية فحسب، وأنا هنا لا أستبعد أهمية المواجهة المسلّحة، وأدعو فقط إلى انتهاج استراتيجية جديدة في تكتيكات الحرب ضد الإرهاب تقوم على معركة موازية؛ مهمتها تقليم أذرع الأخطبوط أولاً، وتوجيه ضربات استباقية تستهدف خلاياه النائمة والمتململة في أكثر من مكان. ومعركة تقليم أذرع الأخطبوط لابد أن تتم بعيداً عن الضربات الموجّهة عبر الطائرات، وبمعنى أوضح تحتاج هذه المعركة إلى الدراسات الاستراتيجية والبحوث المتخصّصة عن منابع الإرهاب أكثر من حاجتها إلى الرصاص. أين ينمو الأخطبوط، وكيف يترعرع، وما هي ملاذاته الآمنة، ومن هم رعاته الحنونون، وما هو دور المجتمع في هذه المواجهة..؟!. أسئلة تفرض نفسها في سياق الحرب على الإرهاب التي يجب أن تنطلق من مرتكزات معرفية ورؤية شاملة وواضحة، فمعرفة العدو جيداً هي نصف القتال. وهنا أتساءل عن دور الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والفروع المنظماتية التابعة لهيئات دولية، وما الذي قدّمته على هذا الصعيد؛ إذ مازال تنظيم «القاعدة» شأناً عالقاً في الأحراش الجبلية والكهوف البعيدة؛ ولم يندرج هذا الأخطبوط المرعب ضمن برامج الأحزاب السياسية والاستراتيجيات المدنية ومنابر الإرشاد والتوعية وهيئات وجمعيات العلماء والشرع. والأخطر من هذا الأخطبوط هو أذرعه الثمانية الطويلة، وهي ثلاثة محلية وأربعة خارجية، وعلى القارئ أن يستقصي حقيقة الأذرع الأربعة الخارجية، أما الداخلية فهي الحوثي، والحراك المسلّح، وبقايا النظام السابق. وما دمنا نجهل المعلومات اللازمة عن طبيعة العدو وماهياته المتلوّنة في 80 خلية حربائية؛ فلا جدوى من مناجزة الأخطبوط عسكرياً، خاصة وهو يمتلك كماً هائلاً من المعلومات اللوجيستية، ويعرف تماماً متى يضرب ومتى يدفن رأسه في الرمال المتزوبعة..!!. [email protected]