مع أنني ضد فكرة الحرب من أساسها؛ لأنها معضلة أخلاقية تتجسّد خلالها كل تفاصيل الوحشية اللا إنسانية ونزغات الشيطان، ومقولة الروائي نجيب محفوظ: "الإنسان جديد والوحش قديم"إلا أن الحرب قد تكون ضرورة محبّذة كجزء من العملية اللازمة لكشف التاريخ؛ أو هي التطهير والتحرير والأمل الكبير في رأي الكاتب توماس مان ورأيي. وإذ يتقدّم الحوثي بمبادرة لإيقاف الحرب وتصبح المبادرة اتفاقاً لهُدنة فورية؛ فذلك ما يحيلنا إلى جملة تجارب تاريخية مازالت طازجة المفعول على ذات الصعيد حيث منحت فترات السلم الجماعة الحوثية المتمرّدة فرص استجماع الأنفاس واستكمال الجاهزية المسلّحة للانقضاض على الدولة من جديد في الفترة التالية للهُدنات يكون الحوثي هو الأقوى واسألوا التاريخ..!!. عادة ما تطرح الهُدنة نفسها كخيار حاسم لإنهاء الصراع المسلّح بين الجيش النظامي والمتمرّدين الحوثيين حين يشعر الحوثي أن حسابات المعركة تسير في اتجاه مغاير لخطّته الحربية، وأن مسألة الهُدنة ستتيح له فرصة إعادة ترتيب وضعه والتمترس مجدّداً وفقاً للحقائق التي تكشّفت لعينيه على أرض المواجهة. لدى الحوثي وتنظيم «القاعدة» تكتيكات حربية تقوم على مبدأ «الحرب خدعة» وهما يعملان بالتزامن بتنسيق مباشر أو انتهاز مناسب لما توفّره الحرب ضد أحدهما أو كليهما من فرص متبادلة، فحين استنفرت الدولة طاقتها العسكرية للحرب على الإرهاب في بعض مناطق المحافظات الجنوبية؛ تمدّدت شراهة الحوثي على مساحات وشيكة من العاصمة، وكل من الحوثي و«القاعدة» تفرّقهم الأيديولوجيا وتجمعهم شهوة الخلافة في قصور صنعاء..!!. في تقارير منظمة «وثاق الحقوقية» وهي المنظمة اليمنية الأولى المعنية بتوثيق جرائم وانتهاكات المليشيات الحوثية في المناطق تحت السيطرة؛ تتجلّى بركات الهُدنة على السيد الصفوي، ونقرأ أرقاماً مرعبة لجرائم مارسها الحوثيون بحق المدنيين في فترات السلم التي تخلّلت الحروب الست السابقة أضعافاً مضاعفة عمّا أنجزته مليشياتهم في غمرة الحروب. ما الذي ستعمله بالهُدنة جماعة تمتلك العدّة والعتاد وتضع نفسها مع الدولة رأساً برأس، هل ستذهب إلى النزهة في الجبال والبراري لصيد الصقور وقنص الزواحف، وهل ستستغل الهُدنة في بناء المساجد وتبنّي برامج تنمية بشرية واقتصادية للرفع من مستوى الدخل القومي للبلد ومحاربة البطالة، أم أن الهُدنة تسبق العاصفة..؟!. [email protected]