نداء جمهوري سطر مآثره على الجبال المحيطة بصنعاء، ذاد عن راية الجمهورية أفذاذ أتوا من أصقاع الجمهورية الوليدة، تقاطروا تلبيةً لأهداف الثورة وقد حاق بها المكر الإمامي المسنود بتواطؤ المتذبذبين من أولئكَ «الجمهوملكيين»، دافعوا عن المبادئ الجمهورية وهم الأقل قدرة ميدانية، واستلهموا من هذه المبادئ سُبل المقاومة والانتصار، دون أن يأبهوا لحشد تمكن من حصار المدينة، مستغلاً الحالة المنفلتة التالية للثورة وما يملكه الحشد الملكي من أدوات وأسلحة بها يمكن لأي حشد مماثل إسقاط مدينةِ في أيام، إلا أن ذلك الحشد باء حصاره لصنعاء بخيبة، صنعها صمود ثوار سبتمبر، جرجر على إثرها أمراء الحشد الملكي السلالي أذيال الهزيمة صوب منافي الانهزام التاريخية. بذات الشعارات التي كان يطلقها الملكيون إبان حصار السبعين وما قبله، خرجت جماعة الحوثي من صعدة تحملها وإن تسترت عليها ب«التقية»، فبالرغم عن كل إشارات التقبل لفكرة التعايش والالتزام المدني وإشارات أخرى مشابهة، كان يطلقها الجناح السياسي المتمدن - قسراً - في الجماعة، وأيضاً دلائل الاستيعاب التي تتلقاها جماعة الحوثي من مكونات العملية السياسية اليمنية والدولة اليمنية، وذلك ما ظهر خلال مؤتمر الحوار الوطني، بالرغم من ذلك استمرت الجماعة تغوص في وحل رمال التمدد المتحركة، تتسع بقوة السلاح بدءاً بالجغرافيا المحيطة بصعدة ووصولاً إلى مدينة عمران وتبدو نواياها تطمع في ما هو أبعد من مدينة عمران. اليوم.. حين نرى ذلك الخطاب المتمدن الذي تبناه عدد من سياسيي الجماعة ممن يسكنون صنعاء، مركز العملية السياسية، معطوباً تحت آليات المتمرد الحوثي العسكرية، علينا أن ندرك ونؤمن بسلطوية الكنه المحرك لجماعة تجيد لغة السلاح لغةَ رسمية على الميدان، ونتيقن بألا خطاب في الجماعة يعلو على أصل هذا الكنه الذي يدفع بقواه المليشيوية في جغرافيا أبعد عن عمران وذرائع الهجوم عليها، هنا على مشارف صنعاء الشمالية والغربية حيث دارت في وقت سابق مواجهات مسلحة تستعمل فيها الجماعة «الدفاع عن النفس» مبرراً..! وكم من مبررات مشابهة تكتنزها جماعة الحوثي المتمردة في جعبتها، مبررات لا تُفهم إلا في إطار العقلية التوسعية التي تحرك الجماعة بشكل ديناميكي. تهوى جماعة الحوثي المخاتلة، ومن صفق لاقتحامها المسلح عمران يساهم في تمرير هذه المخاتلة على العامة، ففي وقت نرى فيه إسقاط مليشيا مسلحة لمدينة يمنية وإن ألبست هذه العملية مبرراتها التقليدية، فإن هذه العملية تمت بعنف يميز الجماعات المحكومة بمنطق طائفي سلالي، طريقة توضح حقيقة هذه الجماعة التي غُيبت عن العامة جراء لحظة إسقاط عدو تقليدي للشعب على يد جماعة الحوثي الخارجة عن النظام والقانون المتقمصة للهجة المظلومية، وإن كانت هذه العملية في جوهرها ليست إلا لإزاحة كتلة تقليدية ستنازع الجماعة النفوذ باتجاه صنعاء إن تجاهلت الجماعة هذه الكتلة تلك اللحظة، في هذا الوقت ليس لنا إلا خلع كل التصورات التي اعتقدنا أن جماعة الحوثي عليها أو أنه سيأتي اليوم الذي قد يؤمن به الحوثيون بفكرة الدولة. الجمهورية هي من قاتل أجدادنا - يمنيو سبتمبر الأُصلاء - دفاعاً عنها في جبال مناخة وعيبان ومداخل صنعاء في حصار السبعين، هي فكرة تقدمية كانت حلماً لليمنيين حتى ليلة 26 سبتمبر 1962، وبعد إذ أضحت واقعاً بدأ هشاً كطبيعة الجمهوريات الوليدة بذلوا من أجل الارتقاء بها الغالي والنفيس، هي مبدأ حاربته القوى الظلامية على مر التاريخ، إلا أنها ستظل مشعلاً مهما اشتدت شعلته أو خفتت فإن اليمنيين يلتفون حولها جيلاً بعد جيل يرفعونه أعلى فأعلى.. حيث لا مكان للأيادي الدنيويةِ الظلامية محلُ على قبضته الوسيعة كوطننا اليمني الذي يضيق ذرعاً ببعض من أبنائه لا يزالون معشعشين في ظلماتِ سراديب وأقبية التاريخ الأشد حِلكة. *** استشهد العميد حميد القشيبي قائد اللواء 310 بعد أن قاتل بجوار جنوده حتى النهاية. أي نهاية تليق بقائد رفض التنازل عن شرفه العسكري، اصطف إلى جانب جنوده، فقاتلوا دفاعاً عن راية الجمهورية اليمنية واستشهدوا قبل أن يروها تُنكس، العميد القشيبي وجنوده لم يأبهوا لصلف الخيانة ووطأة الغدر، وذلك الجرح الذي شكله التخاذل الذي أبداه كثيرون، فقاتلوا دفاعاً عن الجمهورية اليمنية حتى سقطوا شهداء.. إن تخاذلنا عن اللواء 310 وهو في معسكره وقائده لا يزال حياً يقاتل عن رايتنا، فعلى الأقل لا يجب أن نخذل الراية التي دافعوا عنها واستشهدوا تحتها.. سندافع عن الجمهورية... ماذا.. سيقولون عنّا «تكفيريين»، لا بأس إن كان ذلك ثمناً الدفاع عن الجمهورية... فليقولوا عنّا ما يشاءون... [email protected]