منذ أكثر من شهر والحديث يدور حول مصالحة وطنية وتحالفات سياسية جديدة فرضتها التطورات التي تشهدها الساحة الوطنية والإقليمية، وما من شك أن المصلحة الوطنية العليا تقتضي ضرورة استشعار كافة الأحزاب والتنظيمات والقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة على الساحة الوطنية مدى المخاطر والتحديات التي تهدّد الوطن اليمني أرضاً وإنساناً والتي لا يمكن مواجهتها في ظل الانقسامات الحادة والخلافات المتصاعدة بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية.. ومن هذا المنطلق جاءت دعوة فخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية إلى المصالحة الوطنية والتي يجب أن تكون مبنية على التسامح والتصالح وتناسي الخلافات والأحقاد التي خلّفتها الصراعات خلال الفترة الماضية. يجب أن تكون المصالحة الوطنية مبنية على أسس متينة قائمة على الثقة والمصداقية بين كافة الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية، بحيث ينتج عن ذلك قيام تحالف وطني عريض يشمل جميع القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية دون استثناء وصياغة ميثاق شرف يحدّد الأهداف والمهام التي يجب العمل على إنجازها خلال فترة يتم تحديدها بخمس أو عشر سنوات قادمة وفي مقدمة ذلك تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي تعد بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم والأهداف لتحقيق آمال وتطلعات أبناء الشعب اليمني كافة في بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية. لا شك أن جميع أبناء الشعب اليمني مع المصالحة الوطنية الشاملة ومع التصالح والتسامح ومع تحالف وطني بين الأحزاب والتنظيمات السياسية كافة دون استثناء، وليس تحالفاً حزبياً ثنائياً أو ثلاثياً أو رباعياً أو خماسياً قائماً على المصلحة الحزبية وليس المصلحة الوطنية كما هو الحال في التحالفات التي تمت قبل العام 2006م والمتمثلة بتكتل اللقاء المشترك وشركائه والذي ضم «حزب التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب البعث العربي الاشتراكي وحزب الحق واتحاد القوى الشعبية»، وتكتل التحالف الوطني الديمقراطي والذي ضم «المؤتمر الشعبي العام والحزب الناصري الديمقراطي وحزب البعث العربي القومي وحزب جبهة التحرير والجبهة الوطنية الديمقراطية والحزب القومي الاجتماعي»، حيث أقيمت هذه التحالفات على أساس تحقيق المصالح الحزبية وليس المصالح الوطنية. فكل تكتل عمل ضد الآخر مستخدما كل الوسائل والأساليب فكانت النتيجة تفجّر الأزمة العصيبة مطلع العام 2011م والتي كادت تداعياتها المؤسفة أن تذهب بالوطن والشعب نحو هاوية سحيقة كما حدث ومازال يحدث حتى اليوم في سوريا وليبيا لولا لطف الله وحكمة القيادة السياسية خصوصاً بعد جريمة التفجير الإرهابي لجامع دار الرئاسة أثناء أداء صلاة جمعة الأول من رجب الحرام 1432ه الموافق 3يونيو2011م والذي استهدف القضاء على رئيس الجمهورية آنذاك، رئيس المؤتمر الشعبي العام، الأخ علي عبدالله صالح ومعه كبار قادة الدولة والحكومة الذين كانوا يؤدون الصلاة إلى جانبه، ونتج عن هذه الجريمة الشنيعة استشهاد عدد من المصلّين وفي مقدمتهم الشهيد الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني وإصابة صالح والراعي ومجور وأبو راس والعليمي وبورجي والعواضي ودويد وآخرين بإصابات بليغة لايزالون يعانون آلامها حتى اليوم. نريد تحالفاً وطنياً شاملاً يخدم المصلحة العليا للوطن والشعب حاضراً ومستقبلاً وليس تحالفاً حزبياً قائماً على المصالح الحزبية الضيقة الآنية.. نريد تحالفاً وطنياً يتوحّد الجميع تحت أهدافه لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالوطن والتصدي لكافة الأعمال الإرهابية والتخريبية والمؤامرات والمخططات الهادفة إلى تدمير اليمن أرضاً وإنساناً وليس تحالفاً حزبياً تتوحّد فيه مجموعة من الأحزاب في تكتل واحد لمواجهة مجموعة من الأحزاب في تكتل آخر.