تعالوا إلى كلمة سواء تتفقون عليها من أجل الله والوطن ومن أجل الناس الذين استغللتم حاجتهم إلى المال وإلى الوظيفة ولقمة العيش والسكن والاستقرار، فحركتم داخلهم دوافع الشر والكراهية بدلاً من تحريك مشاعر الخير في الإنسان والمحبة.. أنتم أيها الزعماء وقيادات الأحزاب وشيوخ القبائل وتجار السلاح تكذبون على الله حينما ترفعون شعاراتكم فيها اسم الله وترفعون شعاراتكم تمجدون فيها الوطن وترفعون شعاراتكم تحمل حرصكم على إنقاذ شعبكم من وهدة الفقر وذل الحاجة وظلام الجهل.. أنتم يا معشر الزعماء والقادة والشيوخ من الذين لا ينامون إلاّ على الحقد ولا يستيقظون إلا على الكراهية لستم على شيء من الفضيلة والاتزان أو الورع حتى تغيروا ما بأنفسكم من أسباب الضغينة والحقد والحسد لبعضكم البعض، أنتم لستم على شيء من التقوى والاستقامة حتى يأمن الناس ويأمن الوطن مكركم وكيدكم فتكفوا عن خداع الناس وتضليلهم وإيهامهم أنه لا يوجد من هو أصلح منكم لقيادة البلاد وليس غيركم ربان ماهر لتوجيه دفة السفينة إلى برّ الأمان.. كلكم تدّعون الكمال، والكل يزكي نفسه، في حين أننا لا نرى إلا جرياً وراء المصالح ولا نرى إلا أطماعاً تعضون عليها بالنواجذ، نحن لا نرى منكم أيها السادة إلا تهافتاً على الدنيا وحرصاً عليها، قد بذل كل فريق منكم قصارى جهده ليفوز ب«البيضة» دون سواه من الفرقاء، وهو في سبيل ذلك يرتكب كل الآثام من كذب وتزوير وقلب للحقائق، فإذا بنا لا نرى الشارع إلا صاخباً، مزمجراً ومشتعلاً بعد أن كان نائماً، فلماذا يكون الصخب والتدمير والاشتعال هو البديل للنوم والغفلة؟ لماذا لا يكون الاستيقاظ بوعي وبهمة وبرجولة وبمسئولية هو البديل للنوم والغفلة والكسل والترهل، لماذا لا يجد الناس من يساعدهم على اليقظة الصحية الواعية؟، بينما نجد هذه المصالح المتضاربة والأطماع الخسيسة الممثلة في الزعامات المريضة، لا توقظ الشارع إلا لكي تؤذى به الوطن وتغضب به الله وتدمي به جسم الأمة، إلاّ يوجد حزب أو هيئة أو جماعة يضعون مسألة التربية والأخلاق وتوجيه الشباب وإيقاظهم للعمل بها من الواجبات المقدسة؟! لابد أن يعلم الأخ عبدالملك الحوثي أنه لا هو ولا فريقه أوصياء الله على اليمنيين في كل ربوع اليمن، وإنما هو كغيره من الفرق الأخرى لا يزيد عن كونه جدولاً صغيراً يجري في ساقية لا يضر اليمن نضوبه ولا يفيدها جريانه إلا بالقدر الذي تخضر الأرض من مياهه، فيساعد ذلك إضافة سنبلة إلى سنابل اليمن ومرعى إلى مراعيها.. فاليمن لا تحتاج أكثر من ذلك، ولا ينقصها الفتن، فتسعى لتستزيد منها، وليعلم الأخ علي عبدالله صالح، أنه حكم اليمن أكثر من ثلاثة عقود، كان بإمكانه أن يجعل من اليمن “زهرة الجزيرة العربية” لو أنه احتفظ فقط بالروح التي كان يملكها قبل أن يصبح رئيساً للدولة.. لكنه لم يفعل وقد كان من أعظم أخطائه هو سوء اختياره لمن كانوا حوله، فقد كانوا يملكون من القدرة على النفاق والمداهنة أكثر مما يملكون من الإخلاص لله وللناس والوطن، ولو كان قد اختارهم من غير أولئك لكانت اليمن اليوم غير ماهي عليه الآن من ضعف وفقر وتمزق، ومازال بإمكان الأخ علي عبدالله صالح أن يقدم لليمن أفضل ما يقدمه رئيس سابق لشعبه بعد تنحيه ولا يمكنه أن يفعل ذلك إلا إذا استبعد مشورة كل أولئك الذين كانوا سبباً في محنته ومحنة اليمن، وأن يعمل كل مافي وسعه أن تكون خلوته مع الله، فلا يشرك مع الله أحداً في خلوته، وأن يعلم أن متاع الدنيا زائل اليوم أو غداً، وأن ما عند الله خير وأبقى. نقول للإخوة في حزب الإصلاح، أصلحكم الله وعافاكم من كل ما التصق في جسم الإصلاح من شوائب ومن كل ما علق به من ديدان وطفيليات وسموم كادت تفسد عليه نقاوة أصله ومعدنه، لابد أن يعلم الإخوة في حزب الإصلاح أن هناك من ينتسب لحزب الإصلاح يسيئون للحزب إساءة بالغة بسبب سوء أفعالهم أو أقوالهم أو مواقفهم، فيذهب الآخرون من خصوم الحزب إلى الاستدلال بأفعال هؤلاء أو أقوالهم للنيل من الحزب بأكمله، وبكل أسف أقول: لقد حضر كل شيء في مأدبة حزب الإصلاح وكذلك حزب المؤتمر الشعبي العام إلا العقل والحكمة، فقد كانا على الدوام في غياب مستمر، لذلك فقد خاب ظن الناس بهما جميعاً، إذ لم يكونا بحاجة في تعاملهما مع قضية الوطن أن يكشفا سوءتهما للناس جميعاً بالغمز واللمز والتجريح، وقد كان حري بهما رغم الجروح والآلام أن يجعلا خلافاتهما تحت أقدامهما لكي يستطيعا أن يطلا برأسيهما من فوق الثريا بدلاً من الاختباء في أنفاق مظلمة من المكر والغيبة والدسائس!! الموضوع كبير ويحتاج حيزاً أكبر. كان علي سالم البيض نجماً متألقاً في سماء اليمن، وكان دوره في صناعة الوحدة أعظم من دور شكرى القوتلي إبان الوحدة بين مصر وسوريا، ومع ذلك فإنني أزعم أنه لم يكن بدون عيوب أو أخطاء، ومن يبدأ حياته بالحب والتسامح فلا ينهها بالحقد والكراهية، ومن كان حبه وشغفه بالوحدة أعظم من حب تلك الأم التي رفضت أن يُمزَق جسدُ طفلها، ورضيت أن تتخلى عنه للأخرى حفاظاً على حياته وسلامته، من كان حبه عظيماً على ذلك النحو لا يقبل بأي حال أن ينهي حياته بوأد ذلك المولود مهما كانت الأسباب.