لم تصل الثورة الشبابية إلى مستوى طموح الشعب اليمني لا سيما الشباب الذين أشعلوا جذوتها على أمل أن يُحدث هذا التغيير تحوّلاً ملموساً في حياتهم المعيشة كأقل تقدير, موجة من الازدراء وخيبة أمل أصابت الكثير من الشباب عندما شعروا بحجم الانتكاسة التي حلّت بهم وأنهم ليسوا إلا مجرد أوراق فقدت صلاحياتها في واقع افتراضي لثورة باتت مثخنة بالجراح والتحديات الجسيمة نتيجة ممارسات سياسية رعناء وحماقات قادت الوطن إلى شفا جرفٍ هار. للأسف لم تكن القوى الثورية الممثلة بالتيار السياسي التي عوّلنا عليها كثيراً بالمستوى المسؤول في التعاطي مع القضايا الوطنية وما تقتضيه المرحلة بالالتزام الضمني بتمثيل الثورة على النحو المطلوب كما أردناه وإرادة الشعب اليمني عموماً, نعم الواقع كان ملغوماً بالكثير من الأزمات الكارثية والتراكمات التي خلّفها النظام السابق، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها لكن هذه العوائق لا تلغي الدور الصارم والإيجابي الذي كان من المفترض أن تقدّمه القوى الثورية الممثلة بالجانب السياسي في تلك الظروف الحرجة والحساسة وأن لا تدع مجالاً للمساومات السياسية والقبول بالمفاوضات والحوارات العقيمة مع من لا يفقه لغة الحوار، فالاخفاقات في هذه المرحلة بالذات لا تخدم إلا خصوم الثورة الشبابية, أما في ما يتعلق بحكومة الوفاق للأسف لم تكن تلك الحكومة موفقة بمهامها في إدارة المرحلة وبالتالي نستطيع القول إنها أسوأ حكومة عرفها الشعب اليمني، لقد كان أداؤها سلبياً للغاية لأسباب واضحة يعرفها الجميع، لقد غلب عليها الطابع الحزبي فتعاطت مع الكثير من القضايا بشيء من اللا مبالاة في الوقت الذي اهتمت بدرجة أساسية بالمحاصصة السياسية بدلاً عن الاهتمام بالقضايا الوطنية وبناء الدولة ومؤسساتها التنموية, لذا لم تعد تلك الحكومة متحمسة لمعالجة حتى قضاياها الأساسية بل أفرغت كل طاقاتها في المماحكات والمناكفات، كل طرف يترصّد أخطأ الآخر تاركين وراءهم الساحة الوطنية مكدسة بالأخطاء والتراكمات والعاهات المزمنة، حقيقةً كنا بحاجة إلى ثورة تصحيحية يقودها الشباب الثائر باعتبارهم روّاد التغيير وحاملين مشروع الدولة المدنية الحديثة قبل أن تتعقد الأمور وتصل إلى المستوى الذي وصلنا إليه, لقد أخفق الشباب الثائر في الوقت الذي كان من المفترض أن يقطعوا الطريق أمام كل المتربّصين، من يريدون النيل من الثورة بطرق واهية كان لا بد أن تكون هناك إرادة شبابية لردع كل من تسوّل له نفسه المساس بمقدرات الوطن وأمنه واستقراره.