( كثيرون حول السلطة قليلون حول الوطن ) المهاتما غاندي إن الشعور بالانتماء إلى الوطن شرف رفيع وسلوك راقي وعقيدة يجب أن يؤمن بها كل إنسان شريف ،وحب الوطن مبدأ يجب أن يغرس في الأذهان والأفئدة منذ زمن مبكر، وإي زراعة ناجحة يجب أن يتوافر لها عناصر للنجاح، والعناصر الضرورية والمطلوبة لزراعة حب الوطن في القلوب والأذهان، تتألف من عنصرين، العنصر الأول العقل الواعي والخصب المدرك لماهية الحب والتعلق بالوطن، العقل القادر على التماهي مع حب الوطن والتسامي فوق المصالح الضيقة والتخلص من الذاتية والفئوية والطائفية والقروية والعنصر الثاني هو الأدوات القادرة على مساعدة العقل للوصول إلي هذه الغاية السامية والهدف النبيل، وهذه الأدوات يصنعها العقل بنفسه ويبحث عنها ويستميت من أجل الوصول إليها فهي بصيرته التي يبصر بها وهي قاربه الذي يبحر به للوصول إلى الحقيقة، إن هذه الأدوات بلا شكٍ أو ريب هي المعرفة، إذن العقل الواعي يجب أن يتمكن من حمل أداة المعرفة، وعلاقة العقل بالمعرفة، نستطيع أن نصنفها إلي أصناف أربعة الأول يكون فيها العقل حائز وحامل ومستخدم لسلاح المعرفة ،والصنف الثاني حائز للمعرفة فقط والصنف الثالث حائز وحامل لها فقط والصنف الرابع لا حائز ولا حامل ولا مستخدم لسلاح المعرفة، أما الصنف الأول فهو العقل الذي حاز على المعرفة وحصل عليها وهذا أمر سهل ويسير على كل إنسان ولكنه أيضاً حملها إلي الأخرين وغرسها في عقول النشأ وأذهان الناس من المحيطين به ومن يهمه أمرهم وناضل من أجل ذلك وأستخدمها أيضاً استخداماً تطبيقياً على نفسه عن قناعة وإيمان بما وصل إليه من معرفة، أما الصنف الثاني من الناس فهو حائز للمعرفة ووصل إليها فهو يعلم بكل ما يدور حوله ولكنه سلبي لا يسدي المعرفة لنفسه ولا لغيره ويدور مع المصلحة أينما دارت، وهو وبال على نفسه وعلى المجتمع ،أما الصنف الثالث فهو اجتهد ووصل إلى المعرفة وحملها إلى الناس وتفانى من أجل ذلك ولا ريب سيحظى بقدر وافرمن احترام المجتمع وتقديره، وستجده في أحيان كثيرة في قمة الهرم الاجتماعي ولا شك سيحصل على مكاسب شتى من معرفته وحملها إلي الناس ولكن الطامة الكبرى أنه حائز وحامل للمعرفة فقط ولا يؤمن بهذه المعرفة أو على الأقل لا يؤمن بجزء منها، و هذا الصنف من الناس برجماتي أيضاً وأينما تكون المصلحة ستجده هناك، ضارباً عرض الحائط بالمعرفة التي حازها والتي يحملها إلي الناس وهذا الصنف من الناس كارثة تمشي على الأرض ويشكل انتكاسة حقيقية للمعرفة بكل المقاييس لأن المعرفة فشلت في أن تخلق منه إنساناً جديداً نتيجة لفشله الذريع في أن يتأطر في أطر المعرفة ويتماهى مع مبادئها ويتطهر بمائها المعين ويتدثر بردائها الواقي والحصين ضد نوائب النفس ودوائر الذات، أما الصنف الرابع من الناس فهو لم يصل إلى المعرفة ولن يستطيع بكل تأكيد أن يحملها أو يستخدمها أو يؤمن بها وهذا الصنف من الناس قد يكون قليلاً والمفاجأة أنه قد يكون يشكل نسبة كبيرة من عامة الناس فنخبة المجتمع مصطلح نستطيع أن نطلقه على كل من وصل إلى المعرفة وحملها إلى الناس وعمل بها أما مصطلح عامة الناس فنستطيع أن نطلقه على الصنف الرابع، ولاكن في كل الأحوال فهذا الصنف من الناس خارج إطار المساءلة والمحاسبة، فهو جاهل ولا يحاسب الإنسان على جهله, ولكن يحاسب على تقاعسه عن البحث عن المعرفة وهذا الصنف الأخير من الناس، هو مربط الفرس وهو هدف ولقمة سائغة للصنف الأول وبقية الأصناف، والمسؤولية هنا ملقاة على عاتق الصنف أو الفئة الأولى من الناس أولئك الذين أطلقنا عليهم وصف “نخبة المجتمع “ فهم عناصر الزراعة الناجحة لحب الوطن في قلوب الناس، وهم العقل الواعي الذي استطاع الحصول على الأدوات اللازمة والوقود المناسب للسفر والترحال في صحاري التيه والجهل والعمالة والخيانة والنذالة المندسة في كل مكان ،على هذه النخبة التي مكنت لنفسها ذلك أن تقود مرحلة التغيير في الوطن وعليها أن تطور من أدواتها لصنع مستقبل زاهر لليمن ركيزته الأساسية حب الوطن وسقفه خلق جيل واعي متسلح بالإيمان بالخالق عز وجل وبالمعرفة الحقة كطريق ناجح نحو العبور إلى بناء اليمن الجديد، إن من يرفع شعار حب الوطن “والوطنية” في مجالسه وفي كل وقت وحين، ثم يسدد طعنات الغدر في ظهر الوطن يكون قد سقط إلى هاوية سحيقة من النفاق والكذب والدجل والزندقة، عندما يقوم “شخص ما” ومن يقف وراؤه بقطع أسلاك الكهرباء فهو بذلك يرمي بسهم إلى ظهر الوطن، ويخلع رداء الوطنية ،وعندما يقوم موظف بقبول “رشوة” من مرتشي ليحصل شخص على خدمة لا يستحقها، يكون هذا الموظف قدد سدد سهماً أخر في ظهر الوطن وخلع رداء الوطنية، وعندما يقوم مسؤول باستغلال السلطة للحصول على كسب غير مشروع أو للحصول على مكاسب شخصية له ولأسرته أو يستغل هذه السلطة لإلحاق الضرر بغيره فهو بذلك يسدد رمحاً مسموماً في ظهر الوطن، ويتساقط رداء الوطنية المهترئ الذي يرتديه كذباً أمام أعين الناس، وتراه في كل وادٍ يخطب بأنه يعمل ليل نهار من أجل الوطن وهو يعمل من أجل نفسه فقط ،وعندما يقوم “ شخص ما “ بزرع قنبلة أو نزع روح بريئة رمياً بالرصاص أو بغيره باسم “ الله عز وجل” فهو يضرب بسيف قاطع في ظهر الوطن باسم الشيطان الذي حرضه على فعل ذلك، إن من يزايد ويفتعل الأزمات تلو الأزمات بل ويصنع هذه الأزمات ليحرق سياسياً خصمه كما يدعي علناً وهولا يدرك أن مفهوم الإحراق السياسي لا يعني حرق الوطن ولا يعني نسف راحة المواطن والوطن، هو مفهوم يعني التنافس في تقديم الأفضل للمواطن، هو مفهوم يعني البناء وإكمال البناء ولا يعني هدم ما بُني باي حال من الأحوال، إن من يمارس ذلك لمصالح فقدها أو لمراكز نفوذ لم تعد بحوزته فهو يسدد طعنة قاتلة بخنجر منقوع بالسم الزعاف في ظهر الوطن إلي اليسار ناحية القلب، إن من يسعى إلي تمزيق جسم الوطن إلي أعضاء وأطراف علوية وسفلية فهو يخلع رداء الوطنية ويلقيه في أقرب سلة مهملات، وهو من كان يتشدق بأنه ساهم في التئام أعضائه يوما ما، فهو يثبت لذاته أن ما فعله ذات يوم من أجل هذا الوطن لم يكن إلا كذباً وخداعاً وأن ما فعله لم يكن إلا من أجل تلميع ذاته وإرضاءً لغروره ، لن ندرك قيمة هذا الوطن إلا بعد أن نفقده، إن الوطن يستغيث أيها السادة فلا تمزقوه إرباً بأسنة سيوف المصلحة والشخصنة ولا تسددوا في ظهره رماح الغدر وسهام الانتقام، فأنتم تسددوا رماحكم وسهامكم في ظهوركم وظهور أبنائكم وأحفادكم وفي خاصرة الزمن وصفحات التاريخ الذي لن يرحم وسيكشف الحقائق وسيعلنها على أبوابه خالدة ألم تسمعوا لنداء الوطن، وندائه أمر مقدس وواجب على الجميع الالتزام به لأنه أقوى وأبقى وأطهر من أي أمر أو نداء أو مصلحة. رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر