إذا كان الوطن والمواطن الثروة الحقيقية ورأسمال السياسيين ومرتكزهم ونقطة انطلاقهم نحو سدة الحكم بتدرجاته فهذا يعني أن على من يلهثون ويسعون نحو كراسي السلطة أن ينالوا حب واحترام المواطن، بعد أن يجدوا مبدأ حبهم للوطن الهوية. في حالة كحالتنا وفي وضع كوضعنا في اليمن صرنا في حيرة من تعاطي السياسة مع هذه البديهيات والأولويات الضرورية لنجاحهم في توجهاتهم نحو سلم السلطة، وهو ما يدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات أمام جنوحهم عن جادة الصواب، هل التشدد في السير بالبلاد نحو المجهول غاية بعضهم؟.. هل حرص البعض الآخر على أن تظل في النفق المظلم بوعي وبدون وعي دونما بحث أو مسار نحو الخروج من ذلك النفق؟ هل حالات التشظي يتجه نحوها الوطن وتعمق الجروح نحو أبنائه كما يسلك البعض الآخر سلوكاً وطنياً؟.. هل استمرار مسلسل اغتيالات قادة وضباط وجنود الجيش والأمن السياسي والقومي بالذات هدف قاتل ومرض لدى من يدّعون الوطنية وهم ألد أعداء هذا الوطن؛ كونهم بذلك ينشرون الفوضى ويدمرون ويمزقون النسيج اليمني للأمة والوطن؟. أليس المواطن أغلى من الكراسي كما قال وتغنى الشاعر والفنان لطفي بوشناق وهو يرثي حال وواقع الوطن والشعب التونسي في بداية معمعة الصراع والشقاق بين أبناء الوطن العربي الواحد؟.. وهو الوصف الذي يطبق على واقع حالنا وواقع حال العديد من الأقطار العربية التي أصيبت بمرض أو بفاجعة ما يوصف بالربيع العربي المشئوم. لقد استنزفت أحوال الأمة كل طاقاتنا في التفكير في الخروج من المآل الذي أصابنا.. لقد كتبنا وناشدنا وبألم كبير كل قياداتنا ومرجعياتنا وحكمائنا وعلمائنا وسياسيينا ومفكرينا بل وكل شرائح وفئات المجتمع بأن مآلنا صار غمة وهمة وظلمة، أشاع في واقعنا الرعب والخوف من المجهول الذي لن يستثني أحداً طالما ونحن جمعياً نبحر على سفينة واحدة. أحد الإخوة القراء استوقفني وبادرني بالسؤال: ألا ندري أن الله قد أعمى بصيرة قادتنا وسياسيينا فصاروا لا يفكرون بشيء سوى بمصالحهم ولو كانت على حساب حياة الناس ولو استدعى ذلك حتى فناء وموت الآخرين؟. وأضاف بما معناه: لقد أصيبوا بالبلادة.. والبلداء لا يهمهم أو يعنيهم شيء من أمور حياة الناس.. هم لا يفهمون حتى تقوى الله، ومن لا يؤمن بذلك فهو بمثابة الوحش القاتل.. لقد أصابهم داء الذات فلا همّ لهم سوى دنياهم المريضة الزائلة. ذلك خلاصة ما تحدث به الرجل الذي بدت عليه ملامح الغضب وكانت بارزة على وجهه وحتى حديثه، ورغم أنني حاولت طمأنته بأن ما نعانيه هو وضع شاذ وسوف يتجاوزه المواطن وكذا الوطن بإذن الله، وسيقيظ الله لهذا الوطن والأمة من يقودها إلى جادة الصواب، إلا أنه أصر على رؤيته وختمها بالتوجه إلى الله، داعياً الله الهداية لهم ولنا فقلت له: آمين يا رب العالمين. وهنا أعود إلى سياق التذكير بأن أمام ذوي الشأن فرصة سانحة للعودة إلى الرشد وجادة الصواب وأن يتقوا الله في حال الأمة والوطن، وإذا كانت لديهم القدرة اليوم لتدارك أوضاع الأمة والوطن فإننا نخشى أن تفوتهم ويصلون إلى اليوم الذي نسأل الله أن لا يأتي فيفقدوا حتى السيطرة على ما يملكون من جاه ومال وسلطة.. والمواطن والوطن أغلى من الكراسي لمن يجهل تقنية حب الوطن وقيمته. دعوة إلى مدراء عموم قنواتنا الفضائية والرسمية منها بالذات إلى بث أنشودة بوشناق الوطنية؛ أسوة ببقية القنوات الأهلية والحزبية علها تساعد في تأنيب ضمير أصحاب القرار فينتبهوا لحال الوطن وأبنائه.