قد يكون ما أطرحه اليوم أقرب إلى الحقيقة إن لم يكن كلها.. السياسيون أقرب في أقوالهم إلى تزييف الحقائق منه إلى الصدق.. وما أكثرهم في بلادنا وفي بلدان تعيش واقعاً أقرب إلى واقعنا. انتفاضات وانقلابات وثورات.. تحت مسمّيات وشعارات سرعان ما تتلاشى أو تطوي أهدافها مع مجيء هذه المجموعة أو انتصارها في تخطيطاتها وتكتيكاتها ووصولها إلى سدة الحكم. ماسبق سرده أو الإشارة إليه يفهم وقائعه وبواطن نوازعه من هم أقرب لممتهني السياسة.. فالسياسيون أنواع.. منهم من تصدروا مواقع القيادة بفعل خبرتهم وحكمتهم وأهليتهم علمياً وعملياً في سلوك السياسة.. ومنهم من امتهن السياسة بدون أهلية لأنهم امتهنوها بالشطارة وبالجاه والمال وبالكذب والدجل وما اكثرهم في زماننا هذا وكانوا بما وصلوا إليه من مراتب ومواقع سبباً للوبال على دولهم وشعوبهم لأنهم عكس الفريق الأول.. إذ لا خطط ولابرامج ولا رؤى سياسية صادقة. في دول العالم الثالث ونحن في إطارها لم ننعم طوال عيشِنا بما ينعم به المجتمع الحضري.. أو بالأصح المجتمع المدني الذي أساس معيشته وسلوكه مبني على المؤسسات الإنسانية أولاً والمدنية ثانياً والحضرية ثالثاً.. فإذا مازرت بلداً غير بلدان العالم الثالث ستجد أن إمتهان السياسة حالة من الندرة بين الناس أكانوا رجال فكر أو ثقافة وفن أو علماء أو رجال دين.. نتيجة لكون مجتمعاتهم تنعم بالعدالة الاجتماعية والقانونية والنظامية.. والدولة في مفهومهم بالأساس مغرم لامغنم كما هو حال ممتهن وباحث السياسة في العالم الثالث. في مجتمعات العالم التي تمارس فيها السياسة بأمانة ومصداقية انتفت المظالم.. فرواد المحاكم ورفع المظالم حالات نادرة.. لأن منظومة نظامها القائم قد تكفل الحقوق أفراد المجتمع وذابت فيها حالات التنوع الطبقي بمعنى أنه لاوجود للمظالم فيها.. فالدولة تكفل رعاية أفراد مجتمعها. في مجتمعات العالم المواطنون يعيشون حياة هانئة وهادئة.. التكافل مبدأ أساسي بين أفراده المظالم تكاد تكون معدومة.. ولاوجود للطبقات بين شعوبها التأمين الصحي المعيشي برامج تأهيل ذوي الحاجة في تلك المجتمعات توفير مقومات العيش الكريم كل هذه الأمور والقضايا التي تؤرق مجتمعات دول العالم الثالث ومنها بلادنا يتكفل بها السياسيون وأنظمة وقوانين تكل الدول. القوانين والأنظمة لتلك الدول فرضت على من يريد إمتهان السياسة التفكير كثيراً بأن السياسة مسئولية، والمسئولية مغرم وليست مغنماً.. وأن سلوكه سيقوده في نهاية مشواره إن اراد إلى صفحة. إما تاريخ أبيض أو أسود، وليس كما هو حال السياسيين والمسئولين في بلدان العالم الثالث. تعالوا بنا للوقوف مع واقع حالنا منذ القضاء على الحكم الإمامي في 62م والتحرر من الاستعمار في 63م وما الذي حققه ساستنا. السياسيون يعتبرون السياسة ومن مفهومهم ورؤاهم الضيقة بأنها الوسيلة لكرسي السلطة أكان المركز قيادياً أم دونياً.. ومن أنها مغنم وليس مغرماً.. فالبناء المؤسسي بعد أكثر من 53 عاماً لم تؤسس قواعده كأبسط مثال إذ أن كل مافهمه القابعون على كراسي السلطة هو حب الذات وهذا لاينطبق على واقعنا في اليمن بل وعلى كافة دول العالم الثالث وإن تفاوتت النسب. اليوم اليمن يعيش أسوأ حال نتيجة الفهم الخاطئ لمقاصد السياسة وأولوياتها.. لدينا أحزاب وما أكثرها ولكنها كغثاء السيل بأسمائها وبرامجها وحضورها.. الكل يلهث وراء السلطة والثروة فبالله عليكم هل بإمكاننا أن نكون صادقين مع أنفسنا وضمائرنا وأماناتنا لنفتح كشوفات حساب نرصد من خلالها كم من السياسيين اثروا على حساب انتفاء أو عدم وجود القواعد المؤسسية لبناء الدولة. هل لدينا المصداقية ليحاسب كل منا نفسه ما الذي قدمه وعمله لصالح هذا البلد الذي يجازيه ساسته اليوم بفرض واقع خذلانه في معيشته وحياته. هل لدينا الجرأة الموؤدة بفعل الواقع لأن نثور على حالات الجمود والذهول لنحاسب كل من يحاول جر الوطن إلى المجهول. إننا نشكو غياب الأمن وغياب العدل.. وغياب النظام وغياب مبدأ التكافل ومبدأ العيش بحرية وسلام فبالله عليكم ياجهابذة الجهل بمفهوم السياسة.. ويامن تكابرون بمستقبل هذا الوطن والسير به نحو التشظي والمصير المجهول.. أين مبدأ الوطنية.. هل صرنا حتى نفتقد ولو لذرة من الإحساس بها إلى متى ستظلون غائبين عن الوعي السياسي الوطني ومتى ستفهمون المعاني السامية للسياسة الصادقة وليس سياسة الدجل والغش والكذب. فالوطن أمانة وبناء مؤسساته لايحتاج لانتفاضات وثورات وسفك دماء وإنما يحتاج إلى ذوي القلوب النظيفة ذات الولاء الوطني.. فهل ستعون ذلك وأين تكمن مصلحة اليمن.. أفيدونا.