قرأت في خبراً مفجعاً، وصادماً، عن المصدر أونلاين بأن مجموعة من مشلولي العقول بمطار صنعاء الدولي، منعت مرور خمسة ملايين،و 700 ألف جرعة من لقاح شلل الأطفال، كانت قد أرسلتها منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) لأطفال اليمن، وكان مشلولو العقول قد تحفظوا على الشحنة «حتى يتم فحصها في طهران، معللين ذلك بالتأكد من خلوها من أي فيروسات قد تكون مرسلة من أمريكا، أو إسرائيل»، هذا التصرّف اللا مسئول ، واللا مبرر يهدّد حياة 4.8 مليون طفل يمني تحت سن الخامسة، كانت «اليونيسيف» قد خصصت لهم هذه الشحنة لتحصينهم ضد شلل الأطفال، لكن مشلولي العقول حالوا دون ذلك. حين قرأت الخبر عادت بي الذاكرة لأحلام ثورة فبراير، التي لم نشطط بها كثيراً حينها، وكنا متواضعين جداً فيها، ولم نرد منها سوى أن تصل بنا فقط إلى مشارف زمن تجاوزنا كثيراً، بسبب نظام فاسد، ومرتزق، اعتصرني الحزن ، والألم، حين نكأ عليّ ذاك الخبر مواجع غدر الزمان بحلمنا البسيط ،والمشروع، وعودته بنا وللأسف إلى ما قبل ال 62، بل و إلى الأسوء من ذلك، إن استمرت مهزلة حكم أحفاد كفار قريش، حتى صرنا نخشى أن يعود بنا إلى ما قبل جريرة معاوية، ويرمي بنا آثماً إلى جاهلية حروب داحس، والغبراء، وحروب البسوس. بعد الحزن تساءلت كثيراً، ترى هل يدرك ذاك المسلّح القادم من وراء التاريخ، والحضارة، إن حتى الكلاشنكوف الذي يحمله صنع أمريكي ، أم أنه بعد وضع صورة السيد عليه، وشعار الصرخة، صار صناعة محلية, وماذا قدم أولئك مشلولو الفكر، والعقل للبشرية، في الجانب الصحي، والعمراني مثلاً، غير إسالة الدماء، ورفع عدد الوفيات، وتدمير العمران, وبيوت الله، ببارود، ونار، أخترعها ذات الفرنجة الذين يمنعون لقاحهم، وأدويتهم عنا اليوم ، على الرغم من أنهم هم أنفسهم لا يتوقفون عن استجلاب كل أسلحة دمارهم، ولماذا هذا المنطق المتناقض، والمصلحي في التعامل مع الغرب، ولماذا لا تكون تلك القطيعة كاملة ،والموقف واحداً مع كل شيء من الغرب؟ لينال على الأقل عداءهم محل الجدل، والارتياب شيء من الاحترام. حقيقة تصرّفهم الهمجي ذلك أيقظ بداخلي تساؤلات مضحكة، موجعة في آنٍ واحد، فيا ترى ما مصلحة الغرب بتسميم اللقاحات تلك؟ هل هو الخوف مثلاً من أمة الأكس فاكتر ، وعرب جوت تالنت، وعرب أيدول، التي بات شبابها على مشارف الأقصى مثلاً، أم هو الخوف من الاسلاموفوبيا الذي جعل حتى المسلمين في الغرب يفكرون جدياً في حقيقية هذا الإسلام القادم من تلك العقول المشلولة، المتطرفة ، وجعلنا نحن أيضاً نكفر بهم، ونطأطىء الرأس بسببهم، وما دافع الخوف أصلاً من أمة تجاوزت في سباتها العميق معجزة أهل الكهف. أخيراً أختم بمناشدة منا نحن أحفاد كفار قريش، لكل عقول الفرنجة الضالعة في اختراع اللقاحات، بأن يتكرّموا مشكورين باختراع لقاح، يفتك بكل أصحاب العقول المشلولة، والمتطرفة , ويميزها عن بعد، ويكون ساحقاً ، وماحقاً مع كل أصحاب القلوب المملوءة حقداً، وكرها للحياة، ويقتل كل ذوي الأيدي الملطخة بالدماء، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.