شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الحوثيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة: 372 قتيلاً خلال 4 أشهر    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي باليمن.. النقد الدولي يحذر من آثار الهجمات البحرية    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    الرسائل السياسية والعسكرية التي وجهها الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    معاداة للإنسانية !    من يسمع ليس كمن يرى مميز    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجاز والرمز في ديوان تفاصيل الوجع الأول
نشر في الجمهورية يوم 23 - 02 - 2007

رياض عبده هزا ع السامعي من مواليد 1978م خريج جامعة صنعاء كلية التجارة , عرفته في عامي 1997 1999م من القرن الماضي، في النادي الأدبي اليمني،وفي إتحاد الأدباء , كان حينها شابا يقرزم الشعر في صفوف طلبة جامعة صنعاء ومع الأدباء الشباب , لكن فترة القرزمة انتهت ثم ظهر رياض السامعي شاعراً بأهاب صحفي على جريدة (شبوة) وغيرها من الصحف والمجلات اليمنية , وظننت حينها أنه يغادر أوجاع الشعر وتفاصيلها المرهقة للروح وللبدن , ويتجه بقلمه وروحه إلى عالم الأدب الصحفي , فالشاعر في ظروف الاستغلال والنهب ، قد يضطر أحيانا إلى مقاومة الأوضاع المعيشية المتردية بحثا عن ضرورات العيش...؟ وهذا هو حال الشاعر العربي الصادق والأمين ورياض السامعي مثال واضح لهذا الشاعر.
الشاعر العربي أمةٌ يطاردها جنود الملوك وعسس الأنظمة , ولذا تجد الشاعر العربي موزعا في المدن الحديثة، يبحث عن لقمة العيش مثله مثل ملايين الأمة العربية المهانة تحت قذائف الأباتشي و جنازير الدبابات التي يمونها النفط العربي لسحق ألأوطان العربية والإسلامية وشعوبها , وفي هذا المناخ الحربي و تحت قيادة البنتاجون , يكتب الشاعر أشعاره ومقالاته مثخنة بالجراح و بالرصاص، وترزح بأنات الطبقات الشعبية ومكابدتها في الحصول على لقمة الخبز.
رياض السامعي رجل يتدفق شعراً في نثره وشعره، وشعره هذا ينطق بأوجاع الشعب، ويقول ما يقول تحت وطأة هذه المشاعر المترعة بالحب لشعبه وأمته العربية، و على أمل الخلاص من هذه الأوجاع التي وصفها الشهيد محمد محمود الزبيري في العهد المباد بقوله :
جوع و أمراض وظلم فادح
ومجاعة ومخافة وإمام
والناس بين مكبل في رجله قيد
وفي فمه البليغ لجام
رياض السامعي شاعر من قمة رأسه حتى أخمص قدميه، وشعره ينضح بحقيقة الحياة المعاصرة،وهي مجمل أوجاع الشعب من حالات الجوع،والأمراض ،والظلم الفادح، والمجاعة والمخافة،إضافة إلى السجون وإلى سياط الحداثة التي تقمع الأدباء،وتسعى جاهدة إلى تهميش المبدعين،وإذلالهم بشتى الأساليب ،بالتنكيل المقنن وبالتجويع الممنهج،وبسياسة التجهيل ألأكاديمي، وتكميم ألأفواه إلى حد أصبح معه الحداثيون دعاة ينظرون للصمت ولأساليب المداجة والسلاسة، وإلى عدم الإصغاء إلى لغة البيان التي أصبحت مع الشاعر تبحث عن حروف غير هذه الحروف المعروفة كما في قوله:
ناولني عشقا لا يتقن حبك الليل
ناولني ضجراً، غيماً،
باروداً،
وحروفاً أخرى ل (اللغة العربية)
ص63
رياض السامعي لم يعد شاعراً يقرزم الشعر , بل أصبح شاعرا يملأ الساحة , إضافة إلى نشاطه الصحفي التنويري.
وديوانه هذا (تفاصيل الوجع الأول) شاهد على ما أقول (تفاصيل الوجع الأول ) هو باكورة إنتاجه الشعري المطبوع بشكل ديوان صدر هذا العام 2006م في صنعاء/ عن مركز عبادي للدراسات والنشر , بطبعة أنيقة وإخراج أكثر أناقة من المطبوع لكن شعره المطبوع أقوى لأنه صورة ذاتية عن الواقع المادي المعاش , وترجمة صادقة لروح الشاعر , ولروح الأدب العربي جملة وتفصيلا.
يحتوي الديوان على خمسة عشرة قصيدة موزعة على ثلاثة محاور أو ثلاثة أقسام :
القسم الأول بدون عنوان، فقد سقط عنوانه تحت زحمة المقدمتين، والإهداء، وبقيت قصائد القسم الأول تدل عليه.
والقسم الثاني : بعنوان ( بروفتان للوجع) أما القسم الثالث فهو عنوان (من أنباء سندباد الرمال) وتقسيم الديوان إلى ثلاثة أقسام، تقسيم مصدره أحاسيس الشاعر بالفرق بين مجموعة هذا القسم أو ذاك، ليس إلا.
يتكون القسم الأول من ست قصائد هي (فاطمة) و (قبل موت البحر) و (نسيان و على ورق عابر) و (قناع و تشكيل روحي) وكلها تقول معاناة الجماهير و أوضاعها المعيشية المهددة بشتى المخاطر , قصائد تقدم صورا كثيرة من صور الظلم والاستبداد وتجسد حالات الاستبداد والاغتراب , والضياع والشتات ، وتسعى إلى تحقيق العدل والحرية والى السلام والأمن والاستقرار.
ويتكون القسم الثاني من ست قصائد أخرى هي (بروفة انتظار، وبروفة الرحيل، وحب استثنائي، وفراغ المطر، و وهج من الماضي ، وظل)، وكلها تصور أوجاع الجماهير وأحزانها أما القسم الثالث فيتكون من ثلاث قصائد . هي (نبأ الوصول، ونبأ التحول، ونبأ الزوبعة).
لكن يبقى هذا التقسيم مسألة في بطن الشاعر، فليس في القسم الأول ما يميزه عن القسم الثاني ولا في القسم الثالث ما يميزه عن القسمين الأول والثاني،لا من حيث البناء الفني، ولا من حيث المقاصد الشعرية ،ولا من حيث الموضوع الجمالي ولغته.
فالاغتراب الناجم عن الاستلاب وما يصاحب هذا الاغتراب من أوجاع مثل مشاعر القهر، والحزن،والضياع، والخوف، والقمع ، والجهل، وفقدان الأمن والاستقرار، إضافة إلى الخداع ، والمكر، والكذب ، والمراوغة , هذه المشاعر هي موضوع القصائد كلها , لكن التعبير عن هذه الحالة أو تلك تختلف من قصيدة إلى أخرى ومن قسم إلى آخر.
والعدل والحرية , هي مقاصد الشاعر لكن أسلوب معالجة هذه القضايا تختلف باختلاف الحالة الشعرية وبواعثها النفسية والاجتماعية والأخلاقية، وتختلف باختلاف أدوات التعبير،التي هي نفس الأدوات في الأقسام الثلاثة , فما هي هذه الأدوات...؟ هل هي فقط التشكيل الموسيقى للشعر....؟ أم هي فقط اللغة بإيقاعها اللفظي والنبرات الصوتية...؟ أم أن أسلوب الشاعر وثقافته الجمالية والشعرية , هي كل هذه الأدوات ..؟
الوزن العروضي والموسيقى الشعرية عموديا كان هذا الشعر أو تفعيلياً، هو ما يميز الشعر عن النثر أما الوزن فيعني تنظيم الكلام على بحر شعري واحد، أو على نسق تفعيلي يراعي تركيب الكلام وترتيبه بصورة شعرية محكمة , وصورة قوامها البيان الشعري وصدق المشاعر.
واللغة هي اللغة العربية التي يتداولها الناس في حياتهم اليومية , وفي المدارس والمعاهد والجامعات، وعلى الشاعر فقط، أن يعيد صياغتها وفق أهدافه الشعرية وبتراكيب سليمة وذائقة لغوية صادقة بعيدة عن التشدق، والغموض، وبأسلوب قوامه صدق المشاعر وصحة التقسيم والتراكيب وإقناع القارئ بالحقيقة الشعرية.
أما المعاني فهي مرمية في الطريق،كما يقول الجاحظ، وليس الشأن في ألأفكار، وإنما الشأن في إ قامة الوزن بلغة سهلة , وبصورة شعرية هي من إبداع الشاعر.
ليس المهم الأفكار في الشعر فليس الشعر بوقا إعلاميا ولا مطية إيدليوجية وليس الشعر بلاغا سياسيا أ وحزبيا يبتز العواطف ويقذف بها إلى صحاري الزيف والنفاق .
وإنما الشعر فن قوامه روح الشاعر المتحدة بروح الأمة ولغتها , وبقدر ما يكون الشعر مرآة لروح الشاعر، هو بنفس القدر مرآة لروح الأمة وعصرها .
فأين يقف ديوان رياض السامعي (تفاصيل الوجع الأول) من هذه الصفات الجمالية ومزايا الشاعر وأخلاقه..؟
1 معاني الشعر
سنشير أولا إلى معاني الديوان من خلال العنوان ومن خلال بعض الصور الدالة على تلك المعاني.
فالوجع كلمة متداولة , ليس في لغة الشاعر رياض السامعي , بل في لغة الأمة العربية من الماء إلى الماء... يتداولها الشعب الفلسطيني ويكابدها يوميا كما يتداولها الشعب العراقي بنفس الدلالة, و يتداولها الجزائريون واللبنانيون، ويكاد يكون المعنى مشتركا لدى كل الناس , فهي تعني الألم بكل أشكاله المادية والروحية كما أنها تعني المعاناة النفسية والاجتماعية، والأنين صوتها، كما تقول أدبيات حركة ألأحرار عن العهد المباد، على لسان ألأستاذ أحمد محمد نعمان في كتابه (الأنة ألأولى) ولكن أحساس الناس بهذه الكلمة يختلف من شخص إلى آخر، ومن شعب إلى آخر، أو حتى من عصر إلى عصر.
لكن الوجع , بهذه الكلمة المجملة لا يعني انه قد أصبح صورة ِشعرية، أما لكي تصبح الكلمة كلمة شعرية،فإن على الشاعر أن يعيد وضع الكلمة في سياق شعري خاص به، وهذا هو سر ألإبداع،فقد جعل الشاعر كلمة الوجع كلمة مضافة إلى التفاصيل، وبهذا التركيب أعطى للوجع صورة شعرية جديدة ، تجسد أوجاع كل الطبقات المحرومة والمظلومة والمقهورة، و تجسد أوجاع كل طبقات الأمة المستلبة حضاريا والمغتربة في مؤسسات الدول الاحتكارية الكبرى .
إن الوجع بالإجمال، غير الوجع بالتفاصيل فالنهب المفرق غير النهب بالجملة ولهذا كانت كلمة تفاصيل بإضافة الوجع إليها مشحونة بأحاسيس الشاعر أو هي ما أعطت الوجع صورة شعرية غير ما كانت عليه لمفردها .
لكن العنوان ليس فقط عبارة مكونه من مضاف و مضاف إليه , بل هو عنوان ينتهي بصفة (الأول) وهذه الصفة تجعل للوجع مراتب عددية قد تصل إلى آلاف مؤلفه من ألأوجاع ألاجتماعية.
وقد لا يكون هناك وجع ثاني ولا ثالث ولا رابع... الخ ،لكن الصفة لا تعني غيران ما يقوله الشاعر هو غيض من فيض..؟ أو هو كناية عن تعدد آلآلام الشعبية وشدتها ،و بصورة تثقل ظهر الشاعر والقارئ على حد سواء، كما نجد ذلك في قصيدة بروفة الانتظار ص 58 من الديوان في قوله:
أستطيع قراءة وزري،
وتزويد خاصرة للتشهي،
ببعض الدموع .
الاستطاعة على قراءة الوزر،هي جملة شعرية تفيد معنى الوجع كله جملة وتفصيلا وفق المنطق القرآني في قوله تعالى: (ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك* الذي أنقض ظهرك ).
فالقدرة على قراءة الوزر تعني الحرية،أو قل هي القدرة على التحرر من كل أشكال الوجع وأنواعه وتأدية رسالته الشعرية على أ كمل وجه.
قد توحي العبارة الشعرية في سياقها عن ضعف التجربة الشعرية أو ضعف تجربته الحياتية بعد إعادته الرياح وحبسها في قفصها ، ثم إعادته الأماني الملطوشة إلى العشاق , وإعادة الورد للأحلام..الخ لكن الشاعر ما وجد، ولم يخلقه الله إلا لهذه المهمة الصعبة، فيؤديها على أكمل وجه...؟ ورغم قدرته على تأدية هذه المهمة و الخروج منها بنجاح،إلا أنه يقع في لحظة شاسعة من الوجع هي وجع الانتظار، أي ما أن يتحرر من أوجاع القرية حتى يدخل في أوجاع المدينة الحديثة، فيبقى في حال عبد الله سلام ناجي:
وسفر مرتبط في سفر،
ما معك..؟هل معك شي خبر...؟
فالأوجاع هي ألأرضية التي يفترشها الديوان كله، خذ قوله مثلا من ص 55 في الديوان:
أيها الوجع البشري،
كيف تصارع جمر الحروف،
تستلذ برمي الشعارات،
والعشق إلى آخر الصف...؟
وخذ أيضا عبارة (آخر الصف) ،التي تجسد كل حالات الانتظار المضني والمرهق في الحياة، انتظار التخرج وانتظار الوظيفة وانتظار نهاية الطابور، وانتظار الباص وانتظار يوم الزفاف.... وانتظار..... وانتظار.... الخ....ألخ.....الخ ما هنالك من انتظارات تنهك الروح والبدن، ومع هذه ألأوجاع المضنية يكون الموت خلاصاً يحرر الروح من كل نزوات البدن وآلامه.
2 نسق القصيدة ونمطها.
الديوان طافح بالأوجاع ولكن في عبارات شعرية فقط، وعبارات لا تنتظمها وحدة شعورية،في قصيدة واحدة،كأن تكون القصيدة مركبة من وحدة شعورية متساوقة الرؤى الشعرية، وفي نسق فكري واحد كما هو شعر كعب بن زهير والحطيئة والمتنبي ورشيد سليم ألخوري وعبد الله البردوني ، أوكأن تكون القصيدة مركبة من وحدة عضوية على غرار شعر علي محمود طه ومدرسته، أو كأن تكون القصيدة قائمة على بنية درامية قوامها الشخصية الشعرية كما نجد ذلك في أشعار البردوني و في أشعار بدر شاكر السياب.
القصيدة عند رياض السامعي تقوم على المشاعر المتداعية أو على ما يسمى بتيار الوعي الذي يتدفق شعرا حارا, ولكن دون ضوابط الصنعة الشعرية، فلو قرأنا مثلا قصيدة (فاطمة) لوجدناها مجرد إطار رمزي أوهي ر مز مشحون بدلالات اللبيدو، والأشواق الطافحة بغريزة البقاء، بالحب الأبوي وحب البنوة، وبالشعر وبالشجن. والشاعر معني بهذه (الفاطمة) وغير معني بها في آن: معني بها كرمز تاريخي وجمالي مسحوب من إمرئ القيس، أو مسحوب من التراث الشيعي، ولكن دون أي تمثل شخصي لها لأنه غير معني بها.
تحضر فاطمة كإسم فقط أو كعنوان يحتوي مشاعر تواقة للشعر أ وللقصيدة أو للبنت أو للأب,أو لكل ذلك، وأحيانا تغيب القصيدة في رموز لغوية تنسحب عليها كل أشواق الشاعر المبعثرة شعوريا و اللامرتبة .
خذ قوله مثلا:
واني أحبك،
لا شأن للحب.
بما تصطفيه القصيدة من شجن...الخ
أو قوله:
لأني أحبك،
أضيق...أضيق بكل القصائد.
أو قوله :
وأني أحبك لا شأن لي بالقصيدة...الخ
وهكذا تتساوق القصيدة بين (الشأن واللاشأن) دون أن تلم لا بفاطمة كرمز، ولا بالقصيدة كإطار يلملم أفكار الشاعر، ولا بالشأن، ولا بالحب الذي يحدد محبوبه، وهذا يرجع إلى انصياع الشاعر لتيار الوعي، دون أي ضابط عقلي، فتأتي القصيدة، رغم حرارة العاطفة وصدق المشاعر، مبعثرة ومشتتة، أو قل بدون أي نسق فكري، وبدون أي نسق عروضي،
ولكنه عبر هذا الرمز التاريخي والجمالي يصب كل معاناته الشعرية اللاواعية. وقل كذلك عن قصائد الديوان. فالعنوان لا يأتي سوى إطار يصب به معاناته الشعرية بدون أي نسق فكري يذكر، سوى نسق الجملة الشعرية، فالجملة الشعرية غنية بالدلالات وجلية المقاصد وصادقة المشاعر.
3 اللغة: ا لمجاز والرمز .
ألانصياع لتيار الوعي، ولحالة التداعي الشعري حتما يدفع باللغة إلى التسكع في أزقة المجاز الذي يصل إلى حد الغموض أحيانا، أو إلى عوالم الرمز اللغوي، ورمز لا يدرك إلا بالتأويل... والتأويل يخطئ أكثر مما يصيب.
وهنا سأشير مجرد إشارات إلى بعض ألألفاظ التي أخذت معاني رمزية بسبب التدفق الشعري المتحرر من الضوابط العقلية، مثل (القلب ، وفاطمة ، والفضاء، والبحر، والصامت، والقادر، والصمت والدم، و الأصحاب، والانتظار, والرحيل، الخ ، الخ ، الخ )
فالقلب هنا ليس رمزا للقطب الصوفي أو معقل هذه الفرقة الكلامية أو تلك،كما في التراث الشعري العربي، وإنما هو رمز للعواطف الجياشة والمتدفقة، إنه بؤرة الحركة الشعورية في القصيدة..؟كما هو حال المتنبي مع قلبه في قوله من المقصورة:
ومن يك قلب كقلبي له
يشق إلى العز قلب التوى
ولابد للقلب من آلة
ورأي يصدع صم الصفا
وكل طريق أتاه الفتى
على قدر الرجل فيه الخطى
أما فاطمة فهي رمز للحب، ومسحوبة من مشاعة إمرئ القيس وقوله:
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل
وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
أغرك مني أن حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل
ومثله قل عن مصطلح الأب والبنت فهما رمزان يتناوب عليهما اللبيدو التواق إلى الأبوة والبنوة معا،وبينهما يقف الشجن رمزا لغريزتي البقاء وهما الغذاء والجنس.؟ أما الفضاء فهو رمز إلى الحرية المقموعة ،ومثل ذلك قل عن البحر في قصيدة (قبل أن يموت البحر) و(الدم) بدورانه عبر القلب والأوردة هو رمز إلى الطبع، ولكن طبع الشاعر القروي الذي يستنكف من علاقة المرأة بغيره،ويعتبر مثل هذه العلاقة رجسا شيطانياً يجب اجتنابها كما في مقطع (يحتلني دمي) من قصيدة (تشكيل روحي) أما الأصحاب في قوله (يحتلني صحبي) فهم رمز لجماعة الأخوان أو الصحابة الذين يشاركون الشاعر أفراحه وأتراحه أو الذين يقاسمونه رغد العيش وشظفه،فهم ألأنصار في المنشط والمكره، مع أنه يملهم في بعض ألأحيان...؟
أما الصمت في قوله (يحتلني صمتي) فهو رمز إلى التحفظ من جلساء السوء، أو الحذر من غير المأمونين من الناس..؟ ومثل ذلك قل عن الصامت في قوله:
يا هذا الصامت...
مازلت القادر أن توقف عجلات القلب.
ولا يختلف القادر عن الصامت إلا في شكله اللفظي.
ومع الصمت يكون الانتظار مجرد محطة للصامت والقادر، وانتظار غرضه التحرر من هذه الدنيا وأوجاعها التي لا تنتهي...... ومثل ذلك قل عن الرحيل فالرحيل رمز إلى الحرية الأبدية من وجع المدينة الفانية, والانعتاق من قيود الفانية كلها، أن الرحيل رمز إلى صعود الروح صعودا يجسد انتصاره على البدن وعلى جهاز الشهوات، وانتصارا على العسس بمختلف أقسامهم...؟
أما الزوبعة فهي رمز إلى الشهوات التي تكاد تعصف بهذا الشاعر القروي وتجعله رهن الانتظار لامرأة هي واحد من أوجاع المدينة إ ن لم تكن أصلها، أو هي على ألأقل من أمراض الحياة الحميدة , كما يقول الأستاذ ياسين الزكري في مقدمة الديوان ، مع أنها قد تكون من الأمراض الخبيثة في ظروف المدنية الحديثة الملوثة بأوبئة الحضارة الرأسمالية الخبيثة .
هذه مجرد إشارات إلى رموز لغوية حسب فهمي الشخصي لهذه الرموز من خلال السياق الشعري و من خلال قراءتي الذاتية , والذوق الشخصي .
لكن لغة الشاعر غالبا ما تقوم على المجاز اللغوي بأساليبه العربية ، كالتشبيه و الاستعارة و الكنايات , فمن التشبيه قوله (يا هذا العمر أحملني كرفات الحلم) والرفات هنا استعارة لهلاك الحلم وفنائه، فالإنسان بدون أحلام ومشاعر ليس سوى هباء يكنسه العم ناجي من بهو الكلام كما في قصة (العم ناجي) لخالد الرويشان في مجموعة الوردة المتوحشة.
وهناك الألفاظ المستعارة وكلها تكاد تكون قائمة على مبدأ الاستعارة اللفظية وأبرزها (أرميني من نون الشهوة غيما للأنثى) .
فكلمة (أرميني) تعني بالأصل اقذفني بالحجر أو ما إلى ذالك من أدوات القذف، وقصده إرم بي استخدم نون الوقاية بدلا من باء الوسيلة أي إن أصلها هكذا: إ قذف بي من قلب الحوت كما في حكاية يونس صاحب الحوت ولكن ليس إلى الشاطئ كما طلب صاحب الحوت من ربه وإنما الشاعر هنا يريد أن يقذف به غيما إلى قلب الأنثى أو رحمها فالغيم هنا يأخذ دلالات جنسية فوارة وتواقة إلى الأنثى أي أن كلمة الغيم هي استعارة قائمة على بيان النسبة ...كما في قولهم (طاب زيد نفسا) و)تفقأ عمرو شحما(.
لكن نسق الكناية والأسماء المقيدة نجدها أكثر كما في قوله من الكنايات :
حانوت الظل
وثن ألآهة
لعنة الانتظار
قدر اللحظة
عجلات القلب ..... الخ
فليس للقلب عجلات على وجه الحقيقة ولا ينتقل كالسيارات , وإنما هو محطة مركزية لحركة الدم وهذه كناية لطيفة تدل على شاعر يعرف لغته وتراكيب لغته أما قوله قدر اللحظة فهي كناية طرية جدا وأنيقة , ومنحوته من أساليب المجاز العربي, وكنا يا تهم عن الزمن وقدرته على الفاعلية، كقول البردوني في (مسافرة بلا مهمة)
أي شيء أريد ما عدت أغفو
أقلق الدهر مضجعي وشخيره
أو كقوله من ديوانه ( زمان بلا نوعية)
زمان بلا نوعية ساق ويله
متاخيم يقتاتون أفئدة الجوعى
لكن رياض أ لسامعي هنا يطلب من الصامت أن لا يتدخل في فاعلية الزمن بل يطلبه أن يترك هذه الفاعلية حرة وغير قابلة للتجبير فقد قال يخاطب الصامت.
لا تربط قدر اللحظة بالمجهول .
ومن الكنايات اللطيفة قوله: (حانوت الظل) ومعلوم أنه ليس للظل حانوت، ولايمكن أن يفقس الظل نوا رسا، لأن النوارس طيور بحرية أصلا ولا تعيش في الحوانيت ولكنه جعل للظل حانوتاً يأوي إليه ويفقس نوا رساً، وهذا ترميز إلى سكان الحوانيت والدكاكين أو إلى الأوكار الحزبية، وكلها حوانيت تنتج الآلام والأوجاع يوميا، أما عبارة (وثن الآهة) فهي كناية جديدة يرمز بها إلى أبدية الأوجاع والتأوهات التي يزفر بها أبناء المدينة , وأن يكون للآلهة صنما يعبد , فهذا يعني أن الوجع أصبح حالة لا تفارق الإنسان، فتلك هي المأساة مأساة الإنسان الحديث في ظروف التجويع والبطالة واللهاث خلف الحاجيات الضرورية. وأبرز هذه الكنايات قوله (لعنة الانتظار) في قوله :
سماني الحلم
ثم حملتني لعنة الانتظار
هنا أيضا تبرز لعنة القدر الحديثة, التي نجدها في قدرية المعتزلة , كما في قول الشاعر العباسي :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له
إياك ..... إياك أن تبتل بالماء
هنا عند رياض السامعي ينقلب بحر الشاعر القديم ويمه إلى بحور من الانتظار, و انتظار لا يحدده الشاعر بل هو انتظار مرهون إما بالسياسة الدولية المخادعة، وإما بالأحلام الحزبية الأكثر خداعا،والتي نجدها في كنايته مثل قوله: أساطير السياسة] ويعني كذبها، أما[ لباس الصمت] فهو مقتبس بالتحوير من قوله تعالى فأذقناهم لباس الجوع والخوف لكن الشاعر انحرف به إلى الصمت الذي يعني القمع، أما قوله هجيع الحروف، فكناية عن ميوعة الكلمة وعدم فعالياتها، وهشيم الخوف، كناية إما عن تلاشي الخوف في نفسية الإنسان واستحكام آثاره فيه، وإما عن تلا شي الخوف من نفس ألإنسان وعدم اكتراث الإنسان به.
وهناك الأسماء المقيدة بالصفات مثل قوله : العشق الأحدب، فقد قيد العشق بهيئة قميئة هي احدوداب الظهر وهذا من المجاز العريق وكذلك قوله : النزق الروحي، فالروح لا يكون نزقا ولا طائشا وخفيفا لأن الروح غير مرهونة بالبدن فالنزق من صفات البدن والنفس وكذلك قوله الفرح المتهدم , وتهدم الفرح هو من أقصى حالات القمع والاستلاب ، وغير ذلك من الصفات التي تنطوي على معاني التشوه ومعاني الوجع والتهدم الروحي في مدينة لم يصغها أهلها ... ولا صاغها الذي صاغها مراعيا حقوق البيئة وكائناتها .
وأخيرا يجب ألإشارة إلى أن رياض السامعي يقتبس آيات قرآنية ويذيبها في أشعاره وفي صور إبداعية كما في قوله:
(تحميني من نفسي الأمارة بالحب) سورة يوسف
وقوله :
(سليهم وهزي اليك بجذع السؤال) سورة مريم
وقوله :
(انتبذت بوجهي مكانا قصيا) سورة مريم
وقوله :
(حالفت حزنا تبلور في الغيم، سبحا طويلا) سورة المزمل
وقوله :
(أورقت بعدا كثيبا مهيلا) سورة المزمل
وقوله :
(وأغلقت قلبي كرها وطوعا ) سورة فصلت
وإضافة إلى قوة ألأثر القرآني في شعره، نجد آثاراً شعرية كثيرة من أشعار المقاومة الفلسطينية و من غيره من شعر العربية وآدابها. وهذا يدل على عمق ثقافته العربية واستلهامه منها أسساً إبداعه.
4 موسيقى الشعر وإيقاع اللغة :
موسيقى الشعر مصطلح يختلف عن مصطلح الإيقاع , فالإيقاع نوع من النبرات الصوتية الملازمة ليس لموسيقى الشعر وإنما للغة سواء كانت شعرية، أو كانت نثرية أو أي لفظة متداولة،فالإيقاع خاصية الصوت وليس خاصية الشعر،أما الوزن والقافية فهما خاصة بالشعر.
صحيح أن الإيقاع جزء من موسيقى الشعر كالتفعيلة في البحر لكنه ليس موسيقى الشعر, فالإيقاع يرتبط بالألفاظ مثل هد، هدم ودمر، ودمدم....الخ، فلهذه الألفاظ إيقاع حاد سواء وضعناها في سياق شعري أو خارج السياق الشعري، فلكل لغة إيقاعها.
أما موسيقى الشعر فهو مصطلح مرادف لعلم العروض ومرادف لأوزان الشعر ولا يستقيم الشعر إلا بالنسق الموسيقي، سواء كان هذا النسق عمودي , أو تفعيلي أو موشح أوميت .
فأين يقف شعر الديوان (تفاصيل الوجع الأول) من موسيقى الشعر، أو من علم العروض والأوزان والقوافي.. ؟
الحقيقة أن قصائد الديوان تبتني بالأساس على نسق التفعيلة ونظامها ألسطري الموزع على وجه الورقة توزيعا عفويا دون الاعتناء لا بالفواصل ولا بالمواقف أو تقدر تقول أن القصيدة السامعية رغم حرارتها الشعرية وصدقها الشعوري تكاد تكون منفلته عن ضوابط النسق التفعيلي رغم ارتكازها عليه فكل قصائد الديوان موزعات على ثلاث تفعيلات هن المتقارب: فعولن ثم المتدارك بصوره الثلاث فاعلن وفعلن، و فع لن ثم الكامل ،مفاعلتن.
وللمتقارب سبع قصائد هن (فاطمة، وقناع، وحب استثنائي ووهج من الماضي ونبأ الوصول ونبأ التحول ونبأ الزوا بع .
وللمتدارك أربع قصائد هن (على ورق عابر، وبروفة الانتظار وبروفة للرحيل وفراغ المطر )
وللكامل قصيدتان هما (قبل موت البحر،ونسيان) وهناك قصيدتان هما إلى النثر أقرب من النسق التفعيلي .
وهذا الحكم نسبي ,وليس حكماً مطلقاً , فالشاعر يسعى إلى بناء القصيدة على النسق التفعيلي، لكنه لا يحكم نسقه فتجد القصيدة , متأرجحة بين التدوير والتسطير، لكن دون وعي بذلك فالتدوير نسق تتحكم به الدفقة الشعورية اللاوعيية، ولا يتحكم بها الشاعر، فيخرج الوزن من تفعيلة إلى أخرى بدون وعي .
والتسطير غير محكم , لأن الشاعر يرسل القصيدة بدون مراعاة التسطير، وبدون مراعاة فواصل الجمل الشعرية ومواقفها التامة، ومن هنا تتداخل التفعيلات بصورة مرتبكة أحيانا ومضطربة في بعض الأحيان .
وسنقف عند قصيدة (فاطمة) لبيان المواقف المضطربة غير المحكمة، لكن لنقرا القصيدة وفق توزيع الشاعر لسطورها ونرى نشاز الوقف من اضطراب الوزن فالقصيدة (فاطمة) تنطلق من المتقارب (فعولن) لكنها لا تقف وقوفا تاما يحسن السكوت عنده ،هكذا :
قصيدة فاطمة :
1 وأني احبك فعولن/ فعول / ف
2 لا شان للحب عولن/ فعولن
3 بما تصطفيه القصيدة من شجن فعولن/ فعولن/ فعول/ فعول/ فعو
4 شاخ في قلق عابت في الغياب لن/ فعول/ فعولن/ فعولن/ فعول
5 لا شأن للقلب مستفعلاتن
6 بما غرزته الدموع حروفاً فعول/ فعولن/ فعول /فعولن
7 تقوسني في الأقاصي فعول/ فعولن/ فعولن
8 وأمضغها في عتاب الرحيل فعول/ فعولن/ فعولن/ فعول
9 لا شأن لي مستفعلن
10 بفوضى تجر الرياح فعولن/ فعولن/ فعول
11 إلى كهفها الآدمي فعولن، ،فعولن ، فعول
12 لا شأن لي مستفعلن
13 فإن القصيدة بنتي فعولن/ فعول/ فعولن،
14 أدللها في صباح الذهاب إلى الحزن فعول/ فعولن / فعولن/فعولات
15 وأوقظها في المساء فعول/ فعولن/ فعولن
16 يضيف بوحدته الشاهقة فعول/ فعول/ فعولن/ فعو
17 القصيدة بنتي فاعلن / فعلا تن
18 تفتح عينيها فجرا فاعلتن/ مفعولاتن
19 لتغسل للقادمين من الضوء فعول/فعولن /فعولن / ف
20 شمس ا انتظار يطول عولن/ فعولن/ فعول
21 إلى آخر الريح فعولن/ فعولان
22 وأحضنها مفاعلتن .
فالقصيدة في الأربعة الأسطر الأولى تجرى بوتيرة موسيقية محكمة لكنها في السطر الخامس تخرج من المتقارب فعولن إلى الكامل المضمر والمر فل , مستفعلاتن (لا شأن للقلب)
ثم ترجع وتستأنف نسقها الأول , وهو المتقارب في ثلاثة أسطر أخرى , تم تخرج مرة أخرى من المتقارب إلى الكامل المضمر في السطر التاسع (لأشان لي ) مستفعلن .
ثم ترجع إلى سيرتها ألأولى وهو المتقارب في سطرين , فتخرج مرة أخرى في السطر الحادي عشر إلى الكامل المضمر مستفعلن (لا شأن لي )
فترجع إلى سيرتها الأولى في ثلاثة سطور لتخرج في السطرين السابع عشر والثامن عشر من المتقارب إلى المتدارك في قوله:
القصيدة بنتي
تفتح عينيها فجرا
ثم ترجع إلى سيرتها الأولى(فعولن) وهكذا نجد القصيدة مضطربة بين المتقارب , والكامل والمتدارك، وأحيانا تخرج إلى الوافر مفاعلتن كما في السطر الواحد والعشرين في قوله :
وأحضنها ...مفاعلتن
وهذا الاضطراب , لا يقتصر على هذه القصيدة , بل نجده يعتور كل القصائد .
ويلاحظ أن المواقف المضطربة , في وقفاته ,تقوم على كلمات كان أ ولى به أن يقوم بتدويرها بالسطرين التاليين لها.
فالوقف في السطرين الأول والثاني لا يستقيمان إلا بتدوير هما على السطر الثالث , والوقف على السطر الخامس , لا يستقيم موسيقيا إلا بتدويره على السطر السادس ,ومثل ذلك كثير لأن الشاعر لا يعطي شعره العناية ولا يحكم الأوزان، ولا يعيد النظر في القصيدة بعد كتابتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.