- الدكتور/محمد عبدالجبار سلام: هجرة الشباب مكلفة..وتعرقل مسيرة التنمية الشباب يغادرون..الشباب يرحلون !!آخذين معهم كل مايحتاجه الوطن ربما غير آبهين لنداءاته لهم..انهم يتجهون صوب المجهول الذي ينتظرهم هناك حيث السنوات تمر ويشتعل الرأس شيبا!! التهديد القديم الجديد الهجرة (هجرة الشباب اليمني) لاتزال اليمن تعيشها منذ زمن ليس بالقريب،ومازالت تهدد كل أسرة بأخذ شبابها وعماد قوتها إلى كثيرمن الدول.سواء عربية أوغربية..والسبب مايعيشه الفرد والأسرة ..لم تعد الهجرة قضية فردية بقدر ماهي قضية مجتمع بأكمله..تؤثر سلباً على سير عمليات التنمية فيها،فغالبية المغتربين باختلاف أهدافهم ومساعيهم هم من الطبقة الفاعلة في المجتمع ومن الشريحة الأكثر قوة، وتمكن لشق طريق المستقبل إنهم شريحة الشباب الشريحة الأكثر عطاءً والتي لايمكن أن تقوم قائمة لأي مجتمع بعيداً عن هذه الشريحة. الهجرة بين الأمس واليوم شهدت الساحة اليمنية قديماً اتجاه شبابها إلى الهجرة فكانت الغالبية العظمى من هذه الفئة هم أفراد لم يصلوا بتعليمهم الى درجة تؤهلهم للعمل في بعض المؤسسات والمنشآت الحكومية والخاصة القليلة الموجودة أنذاك،فمنهم من هاجر لبدء حياته والبحث عن لقمة العيش الكريمة كما ظنوها،والتي يعول بها نفسه ورتل كبير من خلفه ،حيث كان السفر ليس بالفكرة الصعبة مقارنة بالوقت الراهن،فاجراءات السفر كانت بسيطة لدرجة كبيرة كما يقول العم”أحمد مصلح” وهو أب اسرة ومغترب سابق حيث يقول: هاجرت الى السعودية وكان عمري حينها 20عاماً رغبة في تحسين الحالة المعيشية وبناء المستقبل الذي كنت آمله استمرت غربته عشرسنوات بشكل متقطع كان يعود فيها إلى عائلته في اليمن ليقضي أياماً معدودة فالمؤنة التي يعودبها لم تسمح له بالإطالة ليعود إلى السعودية مجدداً. ويقول: إن الهجرة في زمنه كانت الحل الأمثل لأغلب الذين لايدرون كيف يعولون أنفسهم أو أهلهم وإجراءات السفر بالمقابل لم تكن بالشئ العسير. ويقول أيضاً: (ان الدولة لم تكن توفر لهم العمل اللازم أو فرص العمل المناسبة أكانت قبل الاستقلال أوحتى بعده) . فالهجرة كانت الحل للحصول على دخل يساعد الفرد لبناء حياته وتحسين حاله لعدة أسباب أهمها : فارق صرف العملة الذي يوفر دخلاً جيداً مقارنة بالعملة المحلية . ويضيف العم أحمد: إن الهجرة الآن أصبحت أكثر من الزمن الماضي فالفرد حالياً يسافرطلباً للرزق على الرغم من تحصيله الجامعي ، ذلك لعدم وجود فرص العمل وإن وجدت حل محلها العامل الأجنبي وأخذ ضعف ما يأخذه العامل اليمني ابن البلد.حالياً أصبحت الهجرة تضم المتعلمين والمثقفين الذين يحاولون بناء مستقبلهم بعيداً عن الوطن. ويضيف (( ثمة أسباب تقف وراء هجرة الشباب اليوم قد تكون بفعل الشباب أنفسهم كعدم اكمالهم التعليم،والرغبة الذاتية في الهجرة....)). الهجرة في عيون شباب مهاجر الهجرة فكرة تراود الغالبية العظمى من الشباب ومن هذه الأفكار وجدت طريقها على أرض الواقع ومنها لا زالت تتملك عقول الشباب وآمالهم ..الشباب غالبيتهم وجدوا الفقر سبباً رئيساً وراء تفشي الظاهرة في المجتمع اليمني ككل .آراء الشباب دلت على السخط وغياب التفاؤل ،فالفقر كما كان سابقاً بل ويزداد بأسه في المجتمع يوماً بعد يوم يمد جذوره يتأصل ليخلف المزيد من المآسي ولم توجد الحلول التي تحد من طغيانه الذي يدفع بالكثير إلى النزوح بحثاًعن لقمة العيش..وعن أشياء أخرى لم يجدوها. محمد شاب جامعي يقول:(( السبب يتمثل على حد قوله بعدم تحسن المستوى المعيشي للمواطن ، وعدم الاهتمام الحقيقي بالشباب وتوفير فرص العمل ، فنحن الجامعيين أوخريجي الجامعات نعاني من البطالة ،بشكل يجعلنا نفكر ألف مرة بالفرار لأننا نجد أنفسنا واقعين بين سندان الفقر..ومطرقة التجاهل)). تلبية لرغبتي الذاتية سأهاجر محفوظ حمود شاب يعتزم الهجرة وهو لم يكمل دراسته الجامعية بعد يقول: لكل انسان طموحاته في هذه الحياة و هناك اختلاف كبير بين الناس من حيث نوع هذه الطموحات وحجمها،وربما بحثاً لتحقيق هذه الطموحات فكرت بالهجرة والعمل هناك في احدى الدول العربية؛ويرى بأنه سيتمكن من بناء مستقبله بهجرته هذه،ليس على المستوى الشخصي ،ولكنها تمتد لتشمل المجتمع والوطن ككل وأضاف : الهجرة تمثل للشباب معترك حياة جديدة لكي ينموا قدراتهم كونهم أحياناً يعملون في مجالات ليسوا متخصصين فيها،أضف الى ذلك هي تحقيقاً لرغبة ذاتية ظلت تراودني منذ وقت مبكر”. غياب المشروعات الاقتصادية الخاصة! الدكتور/فؤاد الصلاحي أستاذ علم الإجتماع بجامعة صنعاء بدأ حديثه بالإشارة الى دراساته التي تناولت الشباب اليمني قائلاً: سبق وان عملت دراستين حول الشباب دراسة تناولت فيها العولمة والشباب دراسة ميدانية في جامعة صنعاء ، وأخرى حول “الشباب في برنامج الأخ الرئيس الإنتخابي “ولكن هذا الموضوع غاية في الأهمية يهاجر الشباب لأن البيئة الداخلية أصبحت تشكل منطقة طرد لغياب فرص العمل ونحن بحاجة لمشروع تنموي /تطوري يستهدف توسيع الخيارات أمام كل القوى العاملة في البلد ورأس المال البشري خاصة اذا ماعرفنا بأن رأس المال البشري هوما تتميز به اليمن “أي الإنسان”..فلابد من أن تهتم الدولة بتنمية الإنسان وتطوره وتعليمه وتأهيله ومن ثمَ اتاحة الفرص له في الداخل أو الخارج عبر الإتفاقيات مع الدول الأخرى لكي نبحث لهم عن سوق وعن فرص عمل قد لاتستطيع الدولة تلبيتها في الداخل. ويضيف قائلاً: إن غياب المشروعات الاقتصادية الخاصة من قبل القطاع الخاص تؤدي الى ضيق وجود فرص عمل في المؤسسات الحكومية ،مع ضعف القطاع الخاص في الداخل وغلق باب التوظيف يتجه الشباب الى الهجرة!. ويستطرد قائلاً:نحن نعرف مستويين من الهجرة : هجرة داخلية من الريف الى المدن الأمر الذي يترتب عليه زيادة الحجم السكاني في المدن وتزايد جماعات العاطلين داخل المدينة وحتى من الذين لديهم تعليم جامعي ومابعد الجامعي ،وهناك نقطة مهمة هي أن الاستثمار الأجنبي في اليمن ضعيف جداً وقد كنا نعول عليه كبديل للقطاع الخاص ..للإتجاه اليه لزيادة فرص العمل ،ولكن المستثمر الأجنبي لايتجه لليمن الا بفتافت صغيرة وبمشروعات ذات تقنية عالية لاتلزم كذا عمالة لأنها تتطلب تقنية متطورة وحتى هذه المشاريع لم تأت ثمارها في اللحظة الراهنة . عرقلة لمسيرة التنمية الدكتور/محمد عبدالجبارسلام عميد كلية الإعلام يقول:تمثل هجرة الشباب هجرة مكلفة لأنها تمثل هجرة لكوادر مؤهلة جاهزة،تؤدي إلى عرقلة مسيرة التنمية في أي بلد. ويرى أن هناك ايجابيات للهجرة مثل اكتساب المقومات والمعلومات وانماط للسلوك جديدة وحضارية،والمتعلقة بوسائل الانتاج التي عملوا بها وتعرفوا عليها،وانماط من المعارف الانسانية في مجال الحريات العامة والممارسة الديمقراطية بالنسبة للبلدان المتقدمة. البطالة وأشياء أخرى الأستاذ/عبدالباري طاهر نقيب الصحفيين اليمنيين السابق تحدث قائلاً: لاننسى بأن الشباب يعاني من البطالة ومن ظروف أخرى الى جانب التعليم،والظروف الأسرية التي تقذف بشبابها صوب الهجرة خارجياً. ويضيف قائلاً: نحن أمام اشكالية خطيرة تكمن في هجرة الشباب العقل المدبر للوطن،لذا فالشباب بحاجة إلى أشياء كثيرة حتى يبقوا في الوطن ويكونوا صانعي مستقبله. التعليم كسبب مهم الفقر ،البطالة ، ارتفاع الأسعاراليوم، لم تكن الأسباب الوحيدة التي دفعت وتدفع الشاب اليمني للهجرة فالتعليم أيضاً من الأسباب التي دعت الكثير من طلاب العلم للهجرة إلى الدول المتقدمة رغبة في توسيع المدارك وتلبية الطموح بما يواكب عصر التطورات والتكنولوجيا. فالتعليم على حد قول شابة جامعية :(( التعليم في اليمن لم يتعد المناهج أكانت في المدرسة أم في الجامعة . ولا زال نظرياً ومصادره قديمة نوعاً ما ، فهو تعليم لا يرقى إلى بناء جيل متقدم بفكريواكب تسارع العالم من حوله .. فالشباب كان خريج جامعة أم صاحب تعليم متوسط يجد صعوبة بالغة جداً في الحصول على وظيفة طالما يحلم بها ليبدأ في بناء مستقبله والوظائف قليلة لقلة المؤسسات والشركات إضافة إلى إحلال العامل الأجنبي وتفضيله على المواطن اليمني رغم التساوي في الخبرة والكفاءة كما للوساطة دور قوي بارز في مجتمعنا اليمني لتؤثر في الشباب وطموحاتهم . الوساطة كدافع!! يقول أحد الشباب: المجتمع اليمني مجتمع الوساطة والمصالح فإذاكان لديك وساطة يمكنك أن تصبح ما تريد وإن لم، تسقط إلى الحضيض. البعض يوفق في الحصول على وظيفة وأخرون ينظمون الى جماعات العاطلين فيلجأون إلى الهجرة. تحقيقاً للأهداف الشاب أنور الحميدي - شاب مغترب في السعودية حاله كغالبية الشباب اليمني كان السبب في هجرته الحصول على فرصة عمل تحسن مستوى دخله وبما يتناغم مع المسؤلية التي بدأ بحملها ،وترى عائلته بأن إيجابيات الاغتراب أكثر من سلبياته من جانب تحقيق الأهداف والمساعي . رافد للإقتصاد الوطني شاب آخر مهاجر متزوج تحدث قائلاً:طبعاً اللجوء للهجرة لم يكن بالأمر الاختياري بالنسبة لنا،كنا مجبرين على الخروج والهجرة بحثاً عن كل شيء بالإضافة الى رفد الإقتصادالوطني،لما للغربة من منافع لذلك ونحن نعرف قصص مغتربي الدول الأخرى ومايمثلوه من رافد قوي لاقتصاد بلدانهم،ونحن طالما وهاجرنا فأمنيتنا أن نكون رافداً قوياً للوطن..وهو يرى أن للهجرة سلبيات كثيرة ربما تطغى على الإيجابيات..فهي على حد قوله تبعد الإنسان عن أهله وذوية ليعيش حياة اللا استقرار،واللاتوازن،مشتتاً بين الأهل ومكان عمله. اثبات الذات محمد قاسم يقول: الهجرة بالنسبة لي كانت الطريق نحو اثبات الذات،وكنت موفقاً الى حدٍ بعيد في ذلك،فقد عملت في كثير من المجالات،وأنا أشعر بالأسى لأنني أشعر بأن وطني أولى بي من غيره،و أسعى لرفع اسم بلدي وتشريفه ،كوني سفيراً وممثلاً له في أي مكان أحله، لذا فأنا أحاول أن أظهر بالشكل المناسب أمام الآخرين في أي بلد،وهذا ما أدعو اليه زملائي و من أعرفهم من المغتربين. وينهي حديثه بأن الهجرة كانت بالنسبة له خياراً مراً لم يكن أمامه سوى أن يجتازه لينعم بعيش كريم ولو كان بعيداً عن وطنه. الوطن بحاجة لي ولكن.. فواز عبده شاب يقول متحسراً : قد قضيت اجمل أيام شبابي متنقلاً من بلدٍ الى آخر..في الحقيقة أشعر بيأس كبير ويتملكني شعور بأنني خسرت الكثير ..ولم يتبق ما سأخسره”فليس الآتي أكثر من اللي مضى”هكذا يقولها ،مضيفاً بأن الوطن ربما كان يحتاجه ولكنه يرجع السبب الى الواقع الصعب!! الذي عاشه في فترة مرت،وهو يرى الان بأنه لابد أن يعود الى الوطن حتى يملي فراغاً تركه فيمامضى من الوقت. شاب آخر يقول: في الحقيقة نحن من صنع المأساة بأنفسنا بدءاً من عدم إكمالنا تعليمنا وتوقفنا في مراحل دراسية مختلفة لنجني ثمار مازرعناه ،ويضيف متحسراً :ربما لو أكملنا تعليمنا لما عانينا كل هذه المعاناة”الجعجعة” والسفر والإغتراب،الذي نعيشه للأسف مرغمين. سلبيات هجرة الشباب .. تبعية الشباب السياسية يقول الدكتور/عبدالملك منصور بأن ثمة استقطاباً سياسياً يحدث لبعض القطاعات المؤثرة من الشعب من قبل جهات سياسية أجنبية سيؤدي الى نوع من أنواع التبعية التي تقوى وتتعاظم بقدر تعاظم وفعالية القطاعات أو الفئات المستقطبة. وقد تبلغ للجهات المستقطبة ذروتها إذا ماقدر للفئات المستقطبة أن تتولى زمام الأمور السياسية في بلدها. سلبيات أخلاقية ويضيف الدكتور/عبدالملك منصور: بعض مجتمعات المهجر لها أخلاقيات ومظاهر اجتماعية تعتبر منحرفة طبقاً لقيمنا وعقيدتنا،ولابد أن بعض الشباب/المهاجر وخاصة ضعاف النفوس سيتأثرون وسيغترون بتلك الأخلاقيات والمظاهر المنحرفة. وثمة سبب آخر برأيه هو التنازل عن الأخلاقيات طلباً لتحقيق طموحات جاء من أجلها،وقد يشجعه على ذلك شعوره بعدم الإستقرار واحتمال تعرضه للترحيل بين لحظة وأخرى،بالإضافة الى ضعف شعوره بمراقبة مجتمع الغربة على الأخلاقيات. وقد أرجع الدكتور/منصور سبب استحواذ فكرة الإغتراب على أذهان الشباب/النشء نتيجة للإغراءات وخاصة المادية التي تصاحب الاغتراب”. حلول للحيلولة دون هجرة الشباب!! ويضع الدكتور/الصلاحي بعض الحلول التي يتوجب على الدولة اتخاذها امام الهجرة المتزايدة للشباب قائلاً: على الدولة أن تتجه الى الفرض على البنوك والمصارف،وتنشئ مؤسسات مالية كبيرة من أجل دعم الشباب لخلق مشروعات اقتصادية خاصة بهم “مشاريع صغيرة ومتوسطة”تمكنهم من الخروج من دائرة البطالة،ومن ثم تحقيق مشاريع ربحية يستطيعون من خلالها الوصول الى تحسين مستوى معيشتهم. تهيئة المناخات الحياتية المناسبة. ويتفق معه الأستاذ عبدالباري طاهر : ويرى بأن من الضروري تهيئة المناخات الحياتية المناسبة،وايجاد تغيير في العلاقات الأسرية والتنمية،والى ذلك توفير فرص تعليمية وتطوير مناهج التربية وإشراكهم لخلق حياة جديدة أمامهم. تتعدد الأسباب وتبقى الهجرة..هي هي !! فيا ترى؟! إلى متى ستستمر حالة الركود دفعاً بخيرة أبناء الوطن وتهجير طاقاتهم المتوقدة ونحن في أمس الحاجة إليها ؟ و متى سنشهد نقلة من شأنها الحفاظ على خيرة العقول بين أحضاننا بدلاً من فرارهم واحداً..واحداً بحثاً عن أحضان أخرى دافئة ؟