يعتقد عبدالرحمن أن ثقب الأوزون فوهة بركانية تقع في بلد أسيوي «لا أتذكر أسمه» على ما يقول.. وعندما تعلمه أن ثقب الأوزون على الغلاف الجوي وليس على سطح الأرض يضحك عبدالرحمن ظناً أنك تسخر منه.. لكن ضحكه سرعان ما ينقلب استغراباً يقبض على ملامح وجهه ما إن يقرأ خبراً في الجريدة حول دعوة السلطات الايطالية الموظفين إلى عدم استخدام ربطة العنق حتى لا يؤدي التشغيل المفرط لأجهزة التكييف إلى تلويث البيئة.. "مجرد بلاتع ( ترهات) من بلاتع الغربيين" يعلق عبدالرحمن الذي يعتزم الالتحاق بالجامعة العام المقبل ليتخصص في الدراسات الإسلامية. ما جاء بعاليه مقدمة تقرير صحفي كتبه علي سالم من صنعاء ونشرته دار(الحياة) على موقعها الالكتروني مؤخراً، وفيه يؤكد التقرير أن سلوك عدد كبير من الشباب اليمني لا يفتقر إلى الاهتمام بالبيئة فحسب، بل تعوزه معلومات أساسية في هذا المجال ويزيد الأمر سوءاً مع غياب برامج التوعية وخلو منهاج التعليم العام والجامعي من مفردات تتعلق بالقضايا البيئية. وأشار التقرير الى أنه لا أدل على ذلك أكثر من تزايد النزوع الغيبي لدى طلاب التخصصات الطبيعية. فكما في كثير من الدول العربية بقي التوجه الرسمي في اليمن ينحو باتجاه دعم الغيبيات ومناوئة التفسيرات العلمية لظواهر الطبيعة والكون. وهذه القدرية التي ما زالت تطغى على الوعي العام، بحسب التقرير الصحفي ذاته الذي كتبه علي سالم، تحضر بقوة عند تناول قضايا حديثة من قبيل حماية البيئة وترشيد النسل. وهذا الأمر ينعكس بوضوح على التوجهات الرسمية وجديتها في وضع الضمانات الكفيلة بعدم تعرض البيئة لمزيد من التدهور. وهو، بحسب التقرير ذاته أيضاً، ما أدى ذلك إلى تقوقع غالبية الشبيبة في نوع من اللامبالاة وشعور عميق بالعجز حيال إحداث أي تغيير في المحيط البيئي. ويظهر أن تفاقم المشاكل الجزئية يحول دون فهم المخاطر التي يحملها التلوث البيئي على البشرية جمعاء ويرسخ النظرة الأحادية الغيبية في التعاطي مع مسائل كبرى مثل مستقبل كوكب الأرض. وتنطوي نقاشات الشباب سواء تلك التي تدور في مجالس القات، أو على المواقع الالكترونية، على قضايا ثانوية لا علاقة لها بالبيئة. محفوظ (23 سنة) لا يرى أي أهمية لمسألة تلوث مياه البحر بمخلفات نووية وغيرها أو للملوثات التي تخلفها المنشآت الصناعية المحيطة بالعاصمة والمدن الأخرى، مشيراً في التقرير المُشار إليه بعاليه، إلى أن الإنسان في اليمن أحق بالأمن والحياة من السمك وبقية الحيوانات. ويقول: (إذا استطعنا حماية الإنسان اليمني أولاً بعد ذلك نفكّر في حماية بقية مخلوقات الله). وفيما دأبت الجهات المختصة على الحديث حول نوادي شبابية لأنصار البيئة تزايد عدد الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المعنية ليصل إلى أكثر من خمسين جمعية ومنظمة تُعنى في الشأن البيئي. ويقول رامي الحمادي الذي يستعد لتأسيس مركز يُعنى بحماية البيئة أنه بصدد تشكيل جماعة شبابية تناهض مشروع إقامة محطة كهربائية تعمل بالطاقة النووية وهو المشروع الذي تفكر الحكومة اليمنية في تنفيذه، لافتاً إلى الآثار السلبية التي سوف يتركها المشروع «على الأرض والإنسان» لأجيال قادمة. لكن الحمادي الذي نظم مركزه أخيراً ندوة حول الآثار الضارة لاستخدامات الهاتف المحمول رأى التقرير أنه يقدم مثل غيره خطاباً وعظياً. وفيما يشير الحمادي إلى التلوث الذي تخلفه محطات تعبئة المياه وشبكة المياه العمومية، ترى عاتكة (26 سنة) أن المعضلة الأبرز أمام اليمنيين هي البلاليع وأكياس البلاستيك (الطيارة والزاحفة). وتؤكد الشابة، للمصدر ذاته، أن اليمني لا يمكنه أن يفكر بقضايا مثل الاحتباس الحراري وغيرها فيما هو محبوس بين البلاليع الطافحة وأكياس النايلون وانعدام المياه النقية..!