أثناء مرورك في شارع مزدحم أو زقاق ضيق من تلك الأزقة التي تحتضن حركة البيع والشراء اليومي يصادف أن تسمع شاباً يوجه كلمات محفوظة أو عبارات منتقاة من عبارات الحب والغرام ودلائل الهيام وكل ذلك على الماشي وبصورة غير مباشرة في بعض الأحيان قد توقعك أنت في حيرة وتوجد في داخلك بعض الأسئلة على غرار: هل المتكلم يتمتع بقوة عقلية.. من يعني بهذا الكلام المعسول مادام جميع من حوله غير مبالين؟! في أحايين أخرى قد تفاجأ بمعركة فعلية بين شباب وفتاة أو مناوشات بين آخرين يتدخل على إثرها «العقلاء» لينتهي كل شيء وفقاً للقاعدة المرورية المعروفة: «كل واحد يصلح سيارته»! وعلى هذا النحو يحدث أن تتكرر الحكاية في أكثر من مكان وعلى مدى أزمنة متعددة والسبب دائماً هواة الغزل «الطياري» أو غزل الشوارع الذين لا يتورعون عن نشر كلماتهم على «الهواء» في أذن من يريد أن يسمع وأيضاً من يتمنع طمعاً ثم أملاً في «اصطياد» فتاة كصديقة أو رفيقة أو...!! ورغم التحفظ أو الرفض إلا أن هذا النوع من الغزل يبقى حاضراً وتظل شواهده قائمة من خلال المعارك و«الهوشات» إضافة إلى الملاسنات.. لماذا.. ومن أجل ماذا.. وهل هو مرغوب أو مغضوب عليه.. وهل هو فعل يجرم قانونياً.. هذا ما احببنا معرفته من خلال هذا التحقيق. شاهد عيان الشاب محمود صالح البيتي الذي يقف يومياً عند ناصية شارع مزدحم في أحد الأحياء في عدن حيث يمارس عمله الخاص «بيع التمبل» من خلال المكان البسيط الذي أعده لهذا الغرض يتحدث عن هذه المسألة باعتباره شاهد عيان حيث يقول: الظاهرة التي تبحثون فيها اصبحت منتشرة بشكل كبير، غير أن انتشارها في معظمه ليس ضاراً، فبعض الشباب يحاول استعراض ذاته أمام الفتيات اللواتي يرتدن السوق، واحياناً يتمادى فتحصل مشاكل، لكن غالبية هذه المواقف تنتهي بسلام! ممنوع اللمس أما محمد فيصل فيقول : الموضوع فيه بعض العذر للشباب وفيه أيضاً خروج عن الأدب! يوضح محمد: طبعاً الشباب في مرحلة مبكرة من العمر لابد وأن تظهر منهم بعض هذه الأمور وهذا أمر طبيعي ويحصل في كل مكان من العالم، غير أن الخطر يبدأ حين يصر أحدهم على التحرش بفتاة أو امرأة من خلال ملاحقتها أو لمسها أو الإحتكاك المباشر بها. - إذا ما هو المباح في الأمر؟ لا تفهمني غلط.. ليس هناك شيء مباح في هذه المسألة.. لكن قصدت أن الشباب معذور في بعض تصرفاته أولاً لأسباب تتعلق بسنه الحرجة ثم لسلوك بعض البنات والنساء ممن يرتدن الأسوق باستمرار وبصورة يومية تقريباً. لا يجوز ممدوح شوكرة سألناه: ما هو رأيك بظاهرة الغزل العلني التي نسمعها في الشوارع العامة والأسواق ويتحرش من خلالها الشباب بالفتيات؟ يقول ممدوح: لا اعتقد أنها مقبولة فهؤلاء الفتيات هن اخواتنا وأمهاتنا وبناتنا وبالتالي فإن مضايقتهن لا تجوز تحت أي مبرر، واستغرب من تصرفات بعض الشباب الذين لا شغل لهم سوى هذا الأمر ويمارسونه صباحاً مساء بلا خوف من الله ولا وازع من ضمير. - سألناه: هل فعلاً الحق على الفتيات؟ بعض الفتيات للأسف يتحملن نسبة كبيرة من المسؤولية عن حدوث هذا الأمر لكن هذا لا يعني مشروعية الأمر ولا يعني أن الشبان غير مسؤولين. الشارع له حرمة لؤي منصور باجبع يقول: الإعتداء على الاعراض بأي شكل من الأشكال يعد من المحرمات التي نبهنا إليها القرآن وكتب السنة وهي أيضاً من الأمور الأخلاقية المشينة والمرفوضة لكن بعض الشباب- الله يهديهم- لا يعرفون شيئاً لا عن الكتاب والسنة ولا عن الأخلاق ويتصرفون كالبهائم. ويضيف باجبع: الشارع له حرمة لا يفهمها هؤلاء المتهورون وبالتالي فإن الحل من وجهة نظري هو الردع القانوني. قطع الرجل فيصل الشرعبي صاحب بقالة مواد غذائية في شارع عمومي يتحدث عن هذه الظاهرة فيقول: مثل هذه الأفعال الطائشة تسيئ إلينا كمجتمع مسلم، محافظ، وكشباب يجب أن نكون في موضع المسؤولية والقدوة.. ويؤكد: تصوروا أن هذه الأفعال الحمقى تؤثر على حركة البيع والشراء خاصة وأن أكثر الزبائن عندنا من الفتيات والنساء، ووجود مثل هذه المضايقات تدفعهن إلى «قطع الرجل» عن المحل أو البقالات والمحلات تمثل المكان المناسب لأي شاب عاطل ويبحث عن ملاذ. - وما هو الحل؟ نحن نفعل ما بوسعنا فيما يخصنا وما هو بجانب محلاتنا وعدا ذلك فإن يدنا تكون قصيرة. بنات... وبنات وعلى عكس ما ذهب إليه الذين تحدثوا سابقاً يقول بليغ فضل نعمان: الشاب لا يطارد إلا البنت التي يرى أنها قابلة للإستجابة والتجاوب، والدليل أن الكثير من النساء والبنات يدخلن ويخرجن بلا أي مشاكل. يعني كل شغلكم في السليم؟ يضحك ثم يقول: أنا لا أدافع عن «العيال» لكن الحقيقة يجب أن تقال ويجب أن يعرف الجميع أن «نوع معين» من البنات هن اللاتي يتعرضن لما سميته «الشغل» أما بنات الناس المحترمين فلا أحد يتعرض لهن.. واسألوهن! بنات نص كم ويتفق فتحي «التالف» كما أصر هو أن ندون اسمه مع بليغ فيقول: روحوا أسالوا البنات وسوف تجدون أن الملاحقات تخص بعضهن دون البعض الآخر والسبب أن البنات «النص كم»- الوصف من فتحي- يستفزن الشباب بعكس البنات «كم طويل»- الوصف أيضاً لفتحي- الماشيات بأدب واحترام اللواتي لا يشعر بهن أحد في الشارع حيث لا لفته ولا حركة ولا فتحة عباءة ولا شيء من هذا القبيل وبالتالي لا معاكسات. يعني...؟ يعني البنت هي السبب والذي لايصدق يراقب السوق والشارع وسوف يرى الدليل كلام النواعم بمساعدة من الجنس الناعم إنتزعنا رأي الشابتين منى وريم حول الموضوع فقالتا: صحيح بدرجة كبيرة أن البنات هن السبب في كثير من المعاكسات وغزل الشارع لكن الشباب ليسوا أبرياء بحسب ما يزعمون وغير صحيح أنهم لا يتعرضون سوى لمن تظهر شيئاً من قلة الأدب وإلا لكانت الدنيا بخير. تضيف ريم: أكثر الشباب لا يفرقون بين المحترمة وغير المحترمة ولا يترددون في التحرش حتى للنساء في سن أمهاتهم.. وبالذات من خلال كلمات الغزل البايخة. - سألناهما: هل صحيح أن البنت تفرح بكلمة غزل ولو من شاب لا تعرفه يقف على ناصية الشارع؟ بعد برهة من الصمت أجابت ريم: الكلمة الحلوة تسعد أي بنت لكن ليس بالطريقة التي نراها.القانون يأخذ مجراه وأخيراً بقي السؤال الوحيد الذي وجهناه إلى اشخاص ذوي علاقة بالجهات الأمنية حيث سألناهم: هل التحرش اللفظي يستحق العقاب القانوني أم لا؟ بعيداً عن الرسميات أجابنا بعضهم أن الأمر متعلق ببلاغ وبشهود وسوف يأخذ القانون مجراه!