أطرقي ياسماء للشعراء واسمعي للترحيب ملء الفضاء جدت للأرض من نداك بأسمى كوكب من نجومك الزهراء عكفت حوله القلوب عطاشاً تحتسي من سحابة بيضاء قطفت للفلا يد الله أزكى ثمر من رياضه الغناء لم تلد مثله السماء ولم تنجب له الأمهات من أكفاء صادقت حظها الحياة وواتى كل قلب مايبتغي من هناء عرس في الدنا منير كأن الأرض فيه قد أظهرت من ذكاء ظهر المصطفى اليتيم فراع الناس مافيه من سنى وسناء ذهبت صوبه المماليك تستجديه من حكمة ومن آراء وتولت عنه وجه تخلت من حياء وأفلست من ذكاء كل عين صغيرة لاترى في الكون إلا صغائر الأشياء ليس فيما وراءها غير قلب مستطار ملفق من هراء كل نجم يأوي الفلاة غريب ما له في البيداء من أقرباء لمحوا نوره فقالوا سراب، يتراءى في وقدة الرمضاء ليس يهدي من الظلام ولاتشفي به غله العطاش الظماء. وأبوا أن يصدقوا أن طي الفيافي منابع للضياء ما لهذا السنا يشب وينمو في مهب العواصف الهوجاء كيف تستولد المفازة نجماً كيف تحنو الصحراء على ابن السماء ألفوا الليل والظلام فكانوا في شعاع الضحى من الغرباء ساءهم أن تكشفت أوجه الحق وكانت من غشهم في غطاء جزعوا للشيطان إذ فرّ واستخفى من الوحي أيما استخفاء وبكوا للأرباب حين توارت عنهم في الحجارة الخرساء خذلتهم سيوفهم حين ساموها قتال الملائك الحنفاء وأقشعرت قلوبهم من ذهول وتندت وجوههم من حياء ورأوا أنهم يسيرون للهوة من خطة لهم عوجاء. نامت البيد واستجمعت سيوف الهند من كل غارة شعواء وكأن الديجور روح مريض يتوخى علاجه من «حراء» وكأن اليتيم وسط دجاه ثورة في خواطر الظلماء وكأن الأصنام فيه طغاة توجتهم سخافة الأغبياء أسرتهم صوارم الحق فانصاعوا إليها وأحضروا للقضاء كوكب ظل حائراً ليس يدري أين يلقي ما فيه من أضواء ضاء في الغار وجهه ضوء مصباح منير في مقلة عمياء ومشى في الصحراء فألبسها ظل فؤاد كالسدرة العصماء وأتى المسجد الحرام ليمحو، عنه دعوى أربابه الأدعياء ورأى ملء البيت آلهة صماء أودت بالأمة الصماء وتحدى قريشاً بالحرب واستنزل أربابها إلى الهيجاء وإذا بالأصنام محطومة الهامات منثورة على البطحاء وتدافع عنها أكف المصلين لها أو عبادة السخفاء غرقت في بحر من النور لاتحيا به غير أنفس الأذكياء وتلاشت تلك الألوهية النكرا وطارت عروشها في الهباء وتخلى العباد عنها وقد كانوا أعدوا أرواحهم للفداء وكذاك الجمهور عشاق أوهام وعباد صولة ورياء! طلع المصطفى كما تطلع بأعقاب ليلة ليلاء فاستفاقت به قريش من السكرة واستيقظت من الإغماء ورأوا فيه غرة يتراءى في سناها لهم شعاع الذكاء تتجلى كأنها فلك شعت رؤاه بكل ما في السماء ينطق الحكمة التي سكبت في مصنع الشمس والنجوم الوضاء ما بنى جملة من اللفظ إلا وابتنى اللفظ أمة من عفاء! أطرقت للتنزيل مكة أطراق مشوق إلى بشير اللقاء سمعت منطقاً عجاباً عليه مسحة من قداسة ورواء وكأن قد سالت مساربها الطهر بفيض من نشوة الصهباء غسلت ظلمة القرون الخوالي ومحت ما في الكون من بأساء سيد المرسلين قم، وانظر الأمة ماذا يصيبها من شقاء وتأمل كم من الكواهل من نير وكم في الرقاب من أعباء أطبقت فوقها الخطوب فما تخلص من شدة ولا ضراء جرفتها السيول فانتشرت في شاطىء الدهر كانتشار الغثاء قذفتها العواصف الهوج للهوة من قمة لها شماء وهوت من علٍ فما بلغ الهوة من جسمها سوى الأشلاء أنبت الدهر في مضاجعها الشوك فلم تلق راحة في وطاء وتولى شئونها كل وحش مرهف الناب مولع بالدماء يأكلون الدنيا باسمك مكراً واختداعاً للسذج الأغبياء ويعدون غيثهم للملايين مراناً على فنون الدهاء كيف ضلوا عن الطريق التي عبدتها في مناكب الصحراء مضت الأعصر الطوال ومازالت هدى المصلحين والحكماء طرقات غر يسيل بها في الأرض ضوء الشريعة الغراء ألفوا من خطاك روح القوانين وصاغوا معارج العظماء ينظمون الحياة منها كما يستنبط النطق من حروف الهجاء أمة لم تكن ترى فوق سطح الأرض أسكنتها مكان ذكاء وحبيس في الغار يطمع أن يحتل في الأفق منكب الجوزاء وفقير في الكوخ يسمو إلى أن يجعل الأرض في يد الفقراء ومسيم للشاء يطمح أن يرعى ملوك الورى مكان الشاء تعلن الحرب يامحمد للدنيا ومافي يديك جرعة ماء! وتعادي في نصرة الحق كل الناس حتى الأقارب الأدنياء لست تدري تثير حرباً على الأرباب أم تستعدي على الزعماء شدّ ما قد لقيته في سبيل الله من كربة ومن لأواء أي قلب يغنيك عن هذه الدنيا التي ما بها سوى الأعداء.