بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    الرقابة الحزبية العليا تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعون زيارة وألف حكاية ورواية الحلق37
اليمن واهل اليمن
نشر في الجمهورية يوم 27 - 07 - 2008

انضمام اليمن لمجلس التعاون فرصة لخلق التكامل بين الجزيرة والخليج
الساتر الأمني السعودي
والشاهد ان حل مشكلة الحدود المشتركة بين اليمن والسعودية عبر مذكرة التفاهم التي وقعها الامير سلطان بن عبد العزيز والشيخ عبد الله الاحمر ورئيس مجلس النواب اليمني في مكة عام 1995 ، تداعت لها المشكلة الامنية بين البلدين بالايجاب ، عبر التخفيف بالتالي من اعباء وكلفة القوات المسلحة التي كانت متحشدة على الحدود المشتركة ، بل وتوقف الصرف البذخي الذي كان يمثل مصدر ارتزاق بعض مشايخ القبائل الذين كانوا يحترفون إثارة المشاكل والمناوشات العسكرية بين البلدين !
وبينما شرعت قوات يمنية وسعودية الى مناورات عسكرية مشتركة ، اذ بمشكلة جديدة تلقي بظلالها الكابية على التحسن الملموس الذي طرأ على العلاقات بين البلدين ، حيث رفضت قبائل وائلة بمحافظة صعدة شمال اليمن قيام السلطات السعودية باستحداث أي نقاط او مواقع حدودية من شانها تحول بينهم وبين الاراضي التي تمتلكها قبائل وائلة وتمتد على طول الحدود اليمنية السعودية ، وطالبت قبائل وائلة السلطات السعودية بوقف بناء الجدار العازل الذي كانت قد بدأت منذ شهرين في بنائه على الحدود الشمالية اليمنية بمسافة تصل الى اربعين كيلو مترا مؤكدة رفضها لأي مساومة للتخلي عن الاراضي المملوكة لها او تجزئة هذه الاراضي التي تملكها القبائل المشتركة !
يذكر ان الحكومة اليمنية كانت قد ابلغت الحكومة السعودية رسميا اعتراضها على اقامة الحاجز الذي يمتد الى مسافة 40 كيلو مترا في منطقة نصت معاهدة ترسيم الحدود بين البلدين على ان تكون منطقة خالية .
واكدت في اعتراضها ان اقامة الحاجز يعد مخالفة لاتفاقية ترسيم الحدود التي وقعت في 13 يونيو 2000 في جدة بين البلدين وذلك بسبب اقامته في منطقة حددت بموجب الاتفاقية كمنطقة حدودية خالية .
على ان الرئيس على عبد الله صالح صرح من القاهرة بعد لقائه بالرئيس حسني مبارك في فبراير عام 2004 انهما نجحا في اغلاق الملف الامني بين البلدين ، وقال ان مشكلة الساتر الامني الذي تبنيه السعودية على حدودها من المتعين ان يتم حله كذلك بشكل ثنائي وودي بين البلدين ، ولا حاجة الى عرضه بالتالي على الجامعة العربية ، فيما قال الامير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية ان بلاده واليمن متفقان على مراقبة الحدود لمنع تسلل المهربين والارهابيين ، ومن المعروف ان الحدود تمتد بين البلدين بنحو 800 كيلو متر بينها الحاجز السعودي !
كذلك طال التحسن في العلاقات مع السعودية مشاركة شركاتها في النشاط الذي يشهده قطاع البترول ، وقد اعلنت شركة “نمر بتروليوم” السعودية الانتهاء من مسحها الزلزالي الجديد في القطاع 16 في محافظة المهرة اقصى شرق اليمن . وكانت قد بدأته في 5 تشرين الثاني(نوفمبر) 1996 .
ومعلوم انه بموجب اتفاق موقع مع وزارة النفط اليمنية عام 1992، حفرت “نمر” ثلاث آبار في البحر العربي وانجزت 3390 كلم من المسح الزلزالي وانفقت 72 مليون دولار في المرحلة الاولى ، في حين ان اجماع التزامات انفاقها في المرحلة الثانية يصل الى 30 .
ثم نخلص في النهاية الى حقيقتين :
الاولى : انه كان من المستحيل التوصل الى اتفاقية ترسيم حدود اليمن مع السعودية، لولا ان الرئيس علي عبد الله صالح اسهم بدوره التاريخي المشهود في انجاز الوحدة اليمنية، باعتبارها كانت قضية الشعب المصيرية التي تفجرت من اجلها الثورات وضحى بالشهداء ، ولأنه نجح كذلك في الفوز بمنصب رئيس الجمهورية ديمقراطيا عبر صناديق الاستفتاء الشعبي ، بما يعني تفويضه في حل القضايا الوطنية المصيرية .
الثانية : ان العلاقات بين البلدين حتى تستكمل ثباتها وتكتسب شفافيتها بانتظار وفاء السعودية بتصحيح موقفها من العمالة اليمنية التي اسهمت بدور في نهضتها العمرانية ، اذ من الظلم عقابها على موقف حكومتها من ازمة الخليج ، واذ كان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ، قد بادر عندما كان وليا للعهد الى مشاركة الشعب اليمني احتفالية بالعيد العاشر للوحدة ، وصحب معه 19 اميرا واكثر من 300 من المسئولين والفعاليات الشعبية..فعلينا ان ننتظر في عهده بالوفاء بوعد اعادة العمالة اليمنية الى السعودية ، خاصة وان اليمن باتت على وشك العضوية في مجلس التعاون الخليجي !
الإصرار على عضوية مجلس التعاون
من حيث الضرورات السياسية والمصالح المبتادلة والموقع الجغرافي والحضارة والتاريخ والعلاقات الاجتماعية والثقافية المشتركة ، كان من الطبيعي التجاوب مع رغبة اليمن في الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي منذ تحققت الوحدة اليمنية عام 1990 ، ومع ذلك جوبهت هذه الرغبة بالاعتذار تارة والرفض تارة اخرى ، لكن الحكومة اليمنية لم تتقاعس عن مواصلة مساعيها الدؤوبة على هذا الصعيد !
في الوقت الذي ابدى رئيس وزراء اليمن باجمال دهشته لأن بعض الاصوات في مجلس التعاون الخليجي اكدت ان اليمن لم تستوف بعد شروط الانضمام الى المجلس .. وتساءل : ما هي هذه الشروط اذن حتي تستكمل اليمن المؤهلات المطلوبة ؟ .
لكأنه كان يرنو الى المثل المصري الدارج “مالقوش في الورد عيب .. قالوا ياحمر الخدين” !اذكر انني كنت في الدوحة عام 1997 عندما وصل عبد الله غانم وزير الشئون القانونية اليمني في مهمة خاصة ، وعبر اصدقائي بالسفارة اليمنية علمت انه يحمل رسالة خاصة جدا من الرئيس علي عبد الله صالح الى امير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني ، تتضمن تجديد رغبة اليمن في الانضاما الى مجلس التعاون الخليجي ، حتى يتولى عرضها على قمة مجلس التعاون خلال اجتماعه بالدوحة ، على انه لم يمض سوى خمس سنوات حتى تغير الموقف الخليجي نسبيا عام 2002 ، من حيث الموافقة على انضمام اليمن الى بعض المؤسسات التابعة لمجلس التعاون الخليجي ، وهي خطوة لا بأس بها على طريق الاندماج الكامل ، فيما تباينت رؤى وتحليلات المراقبين عن الاسباب الكامنة وراء هذا التغيير المفاجئ .
البعض من المراقبين يربط بين هذه الخطوة التي تأخرت كثيرا ، وبين الحملة الدولية التي تتزعمها امريكا لمكافحة الارهاب ، والتجاوب مع تفاعلات المواجهة المطلوبة لتحديات العولمة والمتغيرات الاقتصادية والسياسية والامنية على الصعيد الاقليمي او الدولي .
هناك ايضا من يرى في عضوية اليمن الخليجية ، فرصة ذهبية لخلق صيغ متباينة من الوحدة او التكامل على ارض الجزيرة العربية والخليج اسوة بتجربة الاتحاد الاوربي ، رغم عدم التجانس السياسي بين الدول الاعضاء ، ثم ان اليمن لم تشهد بعد نضوب ثرواتها النفطية ، اضافة الى غنى اليمن بأهم ادوات الانتاج والتي تكمن في الثراء البشري وهي التي اسهمت من قبل في البناء والنهوض الذي تحقق لدول الخليج ، ولا يزال الالاف من ابناء اليمن يعملون في مجالات عديدة بينها الامن والشرطة بوجه خاص .
عوامل اخرى ترجح الى ضرورات ومصداقية عضوية اليمن في المنظومة الخليجية ، بينها توسيع رقعة السوق الذي يخدم اربعين مليوناً بينهم 19 الف يمني ، اضافة الى توفير الاستقرار الامني لشعوب المنطقة خاصة بعد حسم المشكلات الحدودية بين اليمن وعمان والسعودية ، وتعزيز البعد الاستراتيجي عبر موقع اليمن الجغرافي المطل على البحر الاحمر والبحر العربي والمحيط الهندي ، ولعله من هنا يمكن ادراك المساعي الامريكية من وراء الستار حول انضمام اليمن للمنظومة الخليجية ، مما يعزز وحدة الامن الاقليمي في هذه المنطقة الحيوية من العالم .. وتأمين المصالح الامريكية بالتالي .
ويلاحظ ان القمة الخليجية التي عقدت في ديسمبر 2005 في ابو ظبي ، تجاوبت الى حد كبير مع مطلب اليمن على حد تصريح وزير خارجيتها الدكتور ابو بكر القربي ، واشار الى ان مجلس التعاون هي البيئة السياسية الطبيعية لليمن تعليقا على قرار القمة توجيه صناديق التنمية والتمويل الخليجي لدراسة مشاريع التنمية والاستثمار التي تقدم بها الجانب اليمني .
اتحاد الدول العربية
ظلت الدعوة للوحدة العربية تراوح مكانها منذ اجهاض الوحدة المصرية السورية دون ان يتحقق على هذا الصعيد سوى استعادة الشعب اليمني سابق وحدته في 22 مايو 1990، ولعلنا من هنا نثمن المبادرة التي اطلقها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لتطوير الجامعة العربية اعمالا للقرار الصادر عن القمة العربية بشرم الشيخ في مارس 2002 ، ودعا كافة الدولة الاعضاء الى تقديم ما تراه من اقتراحات ورؤى في هذا الشأن القومي الحيوي ، خاصة وقد تغيرت في عالم اليوم الكثير من موازين القوى القومية والاقليمية والدولية التي عكست ظلالها السلبية على مصداقية العمل العربي المشترك وعلى غياب فاعلية الجامعة العربية ازاء مواجهة مستجدات الحرب الامريكية البريطانية على العراق ، وتفاقم حدة الصراع العربي الاسرائيلي بشكل غير مسبوق لغير صالح الشعب الفلسطيني ، وتضاؤل فرص السلام الشامل والعادل في المنطقة ، واذا كانت المبادرة المصرية قد ركزت على ضرورات قيام السوق العربية المشتركة كآلية تطوير العمل العربي المشترك ، الا ان المبادرة اليمنية اتسمت بشمولها لكل مؤسسات وآليات العمل المشترك عبر تجسيد قيام “اتحاد الدول العربية” كبديل للجامعة العربية من جهة ، ومخرج لتعثر انجاز الوحدة العربية الاندماجية من جهة ثانية في الظروف الراهنة !والواضح ان القراءة المتأنية لهذه الفكرة عنايتها باستقراء تجارب المنظمات والنظم الاتحادية والفيدرالية الحديثة والقديمة في العالم ، وبينها الاتحاد الاوربي والاتحاد الافريقي الوليد وكذا الولايات المتحدة الامريكية ، بحيث تظل النظم العربية الحاكمة قائمة كما هي ، سواء كانت جمهورية او ملكية او اماراتية او عشائرية ، وان تقبل بالمشاركة في عضوية “اتحاد الدول العربية” وان يجري تجميد هذه العضوية الى حين تفقد شرعيتها ، عبر وصول أي نظام جديد الى السلطة متجاوزا الدستور او على غير ارادة الشعب !والشاهد ان المبادرة اليمنية التي توافر على اعدادها طاقم من الدبلوماسيين والسياسيين والاقتصاديين والقانونين ، كانت حريصة على وضع النقاط فوق الحروف بشكل جيد ومتوازن، على النحو الذي يؤسس لدستور شامل للاتحاد يستوعب مختلف التناقضات العربية، محددا اهدافه في تحقيق التكامل السياسي والاقتصادي على نحو تفصيلي ومبرمج ، على صعيد حل الخلافات العربية سلميا ، والمواءمة بين التشريعات السائدة في الدول الاعضاء، وتفعيل عملية التنمية المستدامة ، وتشجيع قيام المؤسسات الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني واحترام حقوق الانسان ، وافساح اوسع المجالات للمشاركة الشعبية في مؤسسات وانشطة العمل العربي المشترك ، فيما راعت المبادرة اليمنية كذلك الى اعتماد النهج المؤسسي الذي يستوعب كافة اعمال الاتحاد وتسيير انشطته ، عبر المجلس الاعلى الذي يضم الملوك والرؤساء وقيام محكمة العدل العربية ، ومجلس الدفاع والامن ، ومجلس الوزراء الخارجية، ومجلس الوزراء التنمية والاقتصاد ، وصندوق للدعم والتطوير ، وبنك للتنمية الاتحادية يستهدف تحقيق التكامل الاقتصادي وقيام السوق العربية المشتركة ، ومجلس للامن يضم مجلس نواب وآخر للشورى ، اضافة لمجلس رؤساء الحكومات ..الخ !لكن وفي كل الاحوال تظل المبادرة اليمنية حبرا على ورق رغم كل ما بذل فيها من جهد واخلاص وشفافية، ورغم الجهد الدبلوماسي واعلامي على نفس المستوى للتعريف بفكرة “اتحاد الدول العربية” والتنوير بأهميتها وضروراتها القومية العاجلة ، ايذانا بتشكيل رأي عام عربي يتبنى الفكرة ويدافع عنها، ويمارس ضغوطه السياسية والمعنوية على الحكومات العربية حتى تكتمل ارادتها حول تطبيقها على ارض الواقع ، لكن تظل الارادات العربية في زمان الاختلاف والمتناقضات وفي ظل الضغوط الخارجية ، العقبة الهاداء أمام انجاز فكرة اتحاد الدول العربية ، لكننا نحسب انها باتت مدرجة ضمن اولويات واهتمامات الرأي العام العربي والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات السياسية والنقابات والاتحادات العربية ، وفي مقدمتها اتحاد الصحفيين العرب واتحاد المحامين ، ولاشك ان المحصلة النهائية لهذا الزخم سوف يكون عاملا هاما حتى ترى الفكرة اليمنية النور في وقت لاحق ، وربما دمجها مع غيرها من المبادرات لتطوير الجامعة العربية في اطار المشروع القومي الذي يستحيل بدونه ان تنهض الامة العربية من كبوتها ، علما بأن اليمن كان صاحب الاقتراح لعقد القمة العربية دوريا مرة كل عام !
مغزى تعويض اسرة حميد الدين
لا أكاد اعرف سببا واحدا يبرر الموقف المفاجئ الذي اتخذه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتعويض أسرة حميد الدين عن ممتلكاتهم واموالهم المنهوبة .. مما عجل بمصادرتها اثر اندلاع ثورة 26 سبتمبر عام 1962 ، ونجاحها عبر آلاف الشهداء وأنين المحرومين والمظلومين في تفويض حكمهم البغيض، عبر الممارسات الكنهوتية للدين ، بينما الدين من شناعة افعال اسرة حميد الدين بريء وطاهر وناصع البياض !
ربما افهم جيدا مغزى الدوافع السياسية والانسانية التي املت على الرئيس موافقة ونهجه البرجماتي منذ وصوله سدة السلطة في اليمن عام 1978 ، خاصة والامثلة التي تؤكد ذلك تجل عن الحصر والوصف ، حين غض الطرف عن عناصر الجبهة الوطنية التي كانت تنطلق من اليمن الديمقراطي سابقا لارتكاب جرائم التفجيرات واغتيال مشايخ القبائل في “المنطقة الوسطي” بالجمهورية العربية اليمنية ، وهكذا نجحت مرونته السياسية في كسب ود وثقة قيادات الحزب الاشتراكي الحاكم في عدن ، فكان الطريق سالكا لتجاوز الخلاف الذي احتدم بين النظامين حول الثروة البترولية وقيام شركة مشتركة لاستثمارها لصالح الشعب اليمني في الشمال والجنوب ، مما عجل تباعا في اسدال الستار على عهود التجزئة والتشطير ثم اعلان الوحدة اليمنية يوم 22 مايو 1990 ، فلما انقلبت زعامة الحزب الاشتراكي على الوحدة واعلنت من عدن انفصال الجنوب ، ودارت رحى الحرب الطاحنة التي كبدت اليمن عشرة مليارات دولار غير ضحاياها من اليمنيين ، عندئذ كان نجاح الشعب اليمني وقواته المسلحة في الدفاع عن الوحدة وتثبيت اركانها ، ورغم ذلك ظل النهج البرجماتي الذي يتبناه علي عبد الله صالح حاضرا سياسيا وانسانيا ، عبر اسقط جريمة الانفصال عن الاف المتورطين وحصر الاتهام في 16 من قيادات الحزب الاشتراكي فحسب ، من فتح ابواب احتكامهم للقضاء لاثبات براءتهم ، بالتزامن مع السماح للحزب الاشتراكي بممارسة نشاطه السياسي وحتى كان صدور قرار العفو الرئاسي بعد ذلك عن رؤوس المؤامرة الانفصالية دون استثناء !والشاهد ان الرئيس اليمني كانت رعايته مشهودة للمشير عبد الله السلال اول رئيس لجمهورية اليمن ، حيث اتاح له حريات الاجتماع والمشاركة السياسية وكفل له من المخصصات ما وفر له الحياة الكريمة ، وحظي بهذا التكريم كذلك القاضي عبد الرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوري السابق ومختلف اعضاء تنظيم الضباط الاحرار الذين فجروا الثورة اليمنية وغيرهم من المرجعيات السياسية والقبلية ، دون ان ينفرد علي عبد الله صالح بسلطة القرار في هذا الشأن ، وانما عبر لجنة الحوار بين اطياف الفصائل والقوى الوطنية اوائل الثمانينات ، مما اسفرت عن اجازة الميثاق الوطني ، فكانت المشروعية السياسية التي اتاحت الافراج والعفو عن المتهمين بالضلوع في الاحداث السياسية المناوئة للحكم ، منتصف السبعينات ، ثم استمرت وتيرة العفو والافراج السياسي بعد نهوض الوحدة حتى عن بعض من صدرت بحقهم احكام قضائية ، ولعله من هنا لم يكن مستغربا ولا مستهجنا قناعة الرئيس اليمني بالافراج عن عشرات المعتقلين في حوادث التمرد المسلح الذي تزعمه حسين الحوثي في محافظة صعده العام الماضي ، رغم عنفه ودمويته التي ادت لسقوط نحو 800 قتيل ، ورغم ان اهل اليمن ادرى من غيرهم بشعابه ولاشك ، يظل دور المراقبين قاصرا عن الرصد والتحليل ، الا اننا نحسب ان اولويات القضايا الوطنية التي تستحق المعالجة تكمن في ضرورات عامل اليات النقد الذاتي للتسيب والاهمال الامني والاداري وغيابه الرؤية الدينية الصحيحة التي تحالفت جميعها وراء اندلاع فتنة الحوثي ، ووضع الدراسات والخطط السياسية وسن القوانين الكفيلة باجتثاث ظواهر الفساد و”الهبر” التي طالما ندد الرئيس بخطورتها ، اما الافراج او تعويض اسرة حميد الدين عن ممتلكاتهم ، فليكن ذلك للدواعي الانسانية البحتة ، حتى لا يحسبها اعداء اليمن اعترافا ضمنيا بمشروعية جرائمهم في حق الشعب ونهب اموال وممتلكات الدولة ، او انحيازا للمذهب الشيعي ، وربما خضوعا لاملاءات امريكا والرجعية العربية لا قدر الله !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.