كان طبيباً للأطفال، ومنذ ذلك الوقت وهو يعتقد أنه لا يوجد في هذه الأرض ماهو أسخفُ من تلك المهنة، وكان دائماً ما يستدل على صدق اعتقاده بحكاية طفلة صغيرة عمرها بالكاد خمس سنوات لاتفتأ أن يأتي بها أهلها إليه، ليعالجها ويوقف سيل بكائها الفظيع كنعيق بوم مشؤوم يصيب طبلة الأذن بالتفسخ، وفي كل مرة كان يضع لصقة طبية على مكان الألم فتسكت فوراً كجهاز المذياع عندما تغلقه تماماً، ولذلك أعطى أهلها لصقاً طبياً دفع قيمته من حسابه الشخصي لكي يقوموا بهذه المهمة السخيفة بدلاً عنه ويكفوا عن إزعاجه، وبعد مرور أسبوع اعتقد الطبيب أن فكرته لاقت نجاحاً طيباً. ولكن راحة باله تبددت فجأة عندما سمع صراخها الباكي يملأ شارع هائل طولاً وعرضاً! استعد الطبيب بدسته لصق طبية وراح يلعن الساعة التي فرر فيها الالتحاق بكلية الطب.. وجثمت الطفلة فوق السرير وراح الطبيب يسألها: أين الجرح؟ حسناً هل قرصتك نملة كالمرة السابقة؟ أم دخل صرصار كهل في ثيابك الداخلية؟ اللعنة كيف سأعرف أن أعالجك وأنت تصرخين كجهاز إنذار الغارات الجوية؟ وأنتم لماذا لم تملأوا جسدها باللصق الطبي لكي تسكت؟ ردت أمها والخجل الممزوج بالارتباك يدربك لسانه: لقد حاولت ولكنني لم أعرف أين أضعه لها فالمشكلة يا دكتور وأرجو أن لاتغضب إنها ليست تشكو من ألمٍ في جسدها! قال الطبيب مُبعداً نظارته الطبية الفخمة عن وجهه: كيف؟ قالت الأم: كل ما حصل أن ابنة الجيران قالت لها ياكلبة! رد الطبيب: ياكلبة! بلا شك سبب هذا لها جرحاً وإلا فلم جاءت إلى هنا. وبلا ارتباك وضع الطبيب لصقتين طبيتين على فم الطفلة والتي كفت عن البكاء فوراً كالمذياع عندما تغلقه تماماً..