لم يتوانَ علي عبده سعيد ذو السبعين خريفاً من تحمل وعثاء السفر من قريته يافعة بمحافظة ذمار بهدف الوصول إلى مطار صنعاء الدولي لاستقبال شقيقه الذي يكبره بعامين والقادم من دولة الإمارات العربية المتحدة بعد فراق دام أكثر من نصف قرن .. وما إن وطأ شقيقه أحمد صالة الوصول بمطار صنعاء حتى انطلق من مقعده باتجاهه وسط أنظار جميع الواصلين والمستقبلين الذي وقفوا وقفة إعجاب ودهشة لحرارة اللقاء والعناق بين الأخوين التي امتزجت بدموع الفرح والحنين للقاء الأشقاء بعد طول فراق. وبالرغم من طول الفترة الزمنية التي بدأت قبل عشر سنوات من قيام ثورة ال62 من سبتمبر عام 26م إلا أنه سرعان ما تعرف الحاج علي حسب قوله على شقيقه في اللحظات الأولى التي شاهده فيها يدخل صالة الوصول.. ويروي الحاج علي أنه افترق عن شقيقه الأكبر بعد أن قرر الأخير الهجرة في خمسينيات القرن الماضي إلى دول الخليج بحثاً عن الرزق خاصة وأن اليمن كانت تعيش في تلك الحقبة من الزمن ظروفاً قاسية أجبرته على ترك قريته بهدف السعي وراء الرزق مخلفا وراءه والديه وشقيقين وابنته الوحيدة البالغة حينها عامين من العمر.. ويواصل الحاج علي حديثه لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بقوله ومنذ ذلك الوقت وأخبار شقيقي منقطعة عنا وعن بنته التي وصل عمرها الآن 55 عاماً وأصبح لديها عدد من الأولاد والأحفاد ، حتى بدأ أول تواصل معه في بداية السبعينيات لاسيما بعد رجوع أحد أهالي قريته من أداء فريضة الحج وهو يحمل رسالة منه تفيد بأنه حي يرزق ويعمل في مجال التجارة في المملكة العربية السعودية ومن حينها بدأنا التواصل عبر المراسلات إلى أن شهدت اليمن تطوراً كبيراً في مجال الاتصالات خاصة بعد الوحدة المباركة وأصبحنا نتواصل معه عبر الهاتف .واستطرد قائلاً: وبعد طول الفراق والحنين للالتقاء بشقيقي الذي طالما راودني في أحلامي طيلة هذه الفترة فاجأني شقيقي الأكبر في إحدى مكالماته وبدون أية مقدمات برغبته في العودة إلى أرض الوطن لزيارة أهله حتى يتمكن ابنه من التعرف على أسرته المكونة من أعمامه وشقيقته وأبنائها وأحفادها. أما الشقيق الأكبر أحمد فاكتفى بالدموع والصمت وعبر عن شعوره لحظة اللقاء بالثناء والحمد لله عز وجل الذي أمد في عمره ليتمكن من رؤية أهله وذويه قبل أن يباغته الموت.. خاتماً كلامه بمصاحبة ابتسامة عريضة ارتسمت على وجهه وكل من كان في استقباله بالمثل والمعروف « لا بد من صنعاء وإن طال السفر».